توقع اقتصاديون استطلعت آراؤهم صحيفة "فايننشال تايمز"، أنّ يتحدى مجلس الاحتياطيّ الفدرالي (البنك المركزي الأميركي) المستثمرين، ويقوم برفع أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية مرة أخرى على الأقل. وقال أكثر من 40% ممن شملهم الاستطلاع، إنهم يتوقعون أن يرفع بنك الاحتياطي الفدراليّ أسعار الفائدة مرتين أو أكثر من المستوى الحالي البالغ 5.25-5.5%، وهو أعلى مستوى منذ 22 عاما. وتتناقض هذه التوقعات بشكل حادّ مع المزاج السائد في الأسواق المالية، حيث يعتقد المتداولون في العقود الآجلة، أنّ سياسة البنك المركزي الأميركي مقيدة بالسيطرة على التضخم، وبالتالي يمكّنه هذا من إبقاء أسعار الفائدة ثابتة حتى عام 2024.تكاليف اقتراض باهظةويشير استطلاع الصحيفة البريطانية، إلى أنّ القضاء التام على ضغوط الأسعار وخفض التضخم إلى 2%، سيتطلب تكاليف اقتراض باهظة أكثر من السائدة حاليا. وتقول أستاذة الاقتصاد في كلية لافاييت جولي سميث: "بعض الإشارات التي نتلقاها هي أنّ السياسة النقدية الآن ليست متشددة"، مشيرة إلى أنّ القطاعات الحساسة لأسعار الفائدة، مثل سوق الإسكان ظلت "قوية بشكل مدهش". وتضيف: "لا يبدو أنّ هناك انسحابا كافيا من المستهلكين (تراجع الاستهلاك) لإبطاء الاقتصاد، وأعتقد أنّ هذه هي المشكلة حقا". ومن بين 40 من المشاركين في الاستطلاع في الفترة ما بين 13 و15 سبتمبر الجاري، يعتقد نحو 90%، أنّ بنك الاحتياطيّ الفدراليّ لديه المزيد من المساحة. ويتوقع ما يقرب من نصف الاقتصاديين الذين شملهم الاستطلاع، أن يصل سعر الفائدة إلى ذروته عند 5.5-5.75%، ما يشير إلى زيادة أخرى في سعر الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية. بينما يُتوقع 35% أن يقوم بنك الاحتياطيّ الفدراليّ بتحريك الأسعار مرتين إضافيتين بمقدار ربع نقطة، ما يدفع سعر الفائدة الرئيسيّ إلى بين 5.75-6%. وتعتقد مجموعة صغيرة من الخبراء، يشكلون 8%، أنّ سعر الفائدة الرسمي سيتجاوز 6%.متى التخفيض؟بمجرد وصول أسعار الفائدة إلى ذروتها، كان الاقتصاديون الذين شملهم الاستطلاع يرون بأغلبية ساحقة، أنّ بنك الاحتياطيّ الفدرالي سيبقيها عند هذا المستوى لبعض الوقت، إذ يعتقد نحو 60% ممن شملهم الاستطلاع، أنّ التخفيض الأول سيأتي في الربع الثالث من العام المقبل أو في وقت لاحق. وهذا ما يقرب من ضعف نسبة الاقتصاديين الذين توقعوا هذا الجدول الزمني في استطلاع سابق أُجري في يونيو الماضي. ويأتي الاستطلاع قبل ساعات من اجتماع السياسة النقدية لمسؤولي بنك الاحتياطي الفدرالي (البنك المركزي الأميركي)، والذي من المتوقع أن يُبقوا فيه مرة أخرى أسعار الفائدة من دون تغيير. وكان التشديد السريع للسياسة النقدية منذ مارس 2022، هو الجهد الأكثر جرأة لخفض الطلب على السلع ومكافحة التضخم منذ عقود، بحسب ما تقول "فايننشال تايمز". ومع انحسار الضغوط التضخمية وتراجع سوق العمل، فإنّ العديد من الاقتصاديين الذين شملهم الاستطلاع، يشعرون بالقلق من أنّ الزخم الأساسيّ في أكبر اقتصاد في العالم (اقتصاد الولايات المتحدة) لا يزال قويًا للغاية، وأنّ التضخم سيصبح أكثر صعوبة في استئصاله. ويقول الأستاذ في كلية كينيدي بجامعة هارفارد جوردون هانسون: "مثلما كانت هناك مخاوف من أنّ الاحتياطيّ الفدراليّ كان بطيئا للغاية في الاستجابة، فإنك لا تريد أن يكون بنك الاحتياطي الفدرالي سريعا للغاية في التراجع عن السياسة النقدية المتشددة".معدل الفائدة المحايدومنذ يونيو الماضي، ضاعف المشاركون في الاستطلاع توقعاتهم للنمو الاقتصادي بحلول نهاية العام، إلى تقدير متوسط قدره 2%. ومن المتوقع أن يستقر معدل البطالة عند 4%، في حين من المتوقع أن يعتدل مقياس التضخم المفضل لدى البنك المركزي الأميركي، "مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي" إلى 3.8%. وبحلول نهاية عام 2024، اعتبر ثلث المشاركين في الاستطلاع، أنه من غير المرجح "للغاية" أو "إلى حدّ ما"، أن يتجاوز التضخم الأساسي 3%. كما ورأت الغالبية العظمى أنّ الأمر قد يكون كذلك، وقالوا إنّ تقليص إمدادات النفط، هو أكبر خطر على توقعات التضخم. الأستاذة في جامعة نوتردام كريستيان بوميستر، هي من بين أولئك الذين يشعرون بالقلق بشأن أسعار الطاقة، بعد قرارات خفض الإمدادات، حيث تتوقع أن ترتفع الأسعار أكثر، ما قد يؤدي إلى زيادة توقعات التضخم في المستقبل، بالإضافة إلى تأخر هبوط نمو الأسعار الأساسية إذا اختارت الشركات تحميل المستهلكين التكاليف المرتفعة. وترى الخبيرة الاقتصادية في جامعة ميريلاند وعضو اللجنة الاستشارية الاقتصادية لبنك الاحتياطي الفدرالي في نيويورك سيبنيم كاليملي أوزكان، أنّ ما يسمى بمعدل الفائدة المحايد، وهو المستوى الذي لا يحفز النمو الاقتصادي ولا يثبطه، أعلى حاليا مما كان عليه في الماضي. وأضافت أنّ هذا سيؤخر بشكل أكبر مدى سرعة قيام بنك الاحتياطي الفدرالي، بخفض سعر الفائدة في العام المقبل، قائلة: "على الرغم من أننا نشعر أنها أعلى، إلا أننا لا نعرف بالضبط مدى ارتفاع سعر الفائدة الحقيقي قصير الأجل في الوقت الحالي". وأصبح الاقتصاديون الذين شملهم الاستطلاع، أكثر تفاؤلا بشأن احتمالات الهبوط الناعم للاقتصاد، حيث يستطيع البنك المركزيّ الأميركيّ خفض التضخم من دون خسارة مفرطة في الوظائف. واعتبر أكثر من 40% أنه من المحتمل "إلى حدّ ما"، أن يتم خفض التضخم مرة أخرى نحو 2%، من دون أن يتجاوز معدل البطالة 5%.(ترجمات)