في خطوة أثارت جدلًا واسعًا، قررت الإدارة الأميركية تجميد أعمال الوكالة الأميركية للتنمية الدولية "USAID" في عدد من البلدان العربية، ما ألقى بظلال من الشك حول مصير عشرات المشروعات التنموية التي كانت تعتمد عليها مجتمعات محلية في مجالات خاصة بمصر، فما هو مصير تلك المشروعات خصوصًا التي شرع العمل في تنفيذها وتحديد مخصصات مالية لها وضخ جزء منها؟وتتنوع مشروعات الوكالة الأميركية للتنمية الدولية في عدد من الدول العربية، في مجالات الصحة، التعليم، والبنية التحتية وتحسين جودة الصادرات والمشروعات الصناعية والسياحية، وجميع هذه المشروعات أصبحت على مفترق طرق، بين استمرارية قد تبدو مستحيلة وإغلاق قد يترك فراغًا تنمويًا يصعب تعويضه في ظل مخصصات مالية ضخمة لهذه المشروعات.وقف مشاريع الوكالة الأميركية للتنمية الدوليةفي أحدث تطور لأزمة مشروعات الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، قالت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الاثنين 24 فبراير، إنها وضعت جميع موظفي الوكالة الأميركية للتنمية الدولية في جميع أنحاء العالم باستثناء عدد قليل منهم في إجازة إدارية مدفوعة الأجر، وإلغاء نحو 2000 من تلك الوظائف في الولايات المتحدة.بحسب مصدر مطلع على مشروعات الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، أفاد بأنّ الوكالة أوقفت خطتها "موقتًا" في مصر ودول عربية أخرى، بعد إخطار الإدارة الأميركية بوقف جميع التمويلات لمشروعاتها، مشير إلى أنّ مشروعات تحسين الصحة ومحاربة الفقر وتعزيز الأمن الغذائي وتحسين الاستدامة البيئية والتنمية الصناعية والتصديرية جميعها "مجمدة حاليًا" لحين اتضاح الصورة.وذكر المصدر في حديثه لمنصة "المشهد" – فضّل عدم نشر اسمه لحساسية منصبه داخل إحدى القطاعات المستفيدة من مشروعات الوكالة – إنّ الوكالة الأميركية للتنمية الدولية لديها أكثر من 1200 موظف مصري وأجنبي يعملون على عشرات المشروعات في مصر، لعل أبرزها مشروع USAID TRADE وهو المشروع الذي تعتمد عليه قطاعات عدة في مصر، لعل أبرزها، قطاعات صادرات مواد البناء والتشييد والأغذية وقطاع المفروشات المنزلية والملابس الجاهزة، والصناعات الكيماوية والتعبئة والتغليف والصناعات الهندسية.وقال المصدر، إنّ عدد شركات المرحلة الثالثة من مشروع USAID TRADE بلغ 238 شركة، والمنح كافة والدعم والتدريب الفني ودعم البعثات التجارية والمعارض توقف تمامًا لهذه الشركات، بجانب المشروعات الأخرى المتعلقة بالقطاع الزراعي وتحسين الاستدامة في الإنتاج والزراعة.وقف المنح الدراسية وبحسب البيانات المتاحة، فإنّ مشروعات الوكالة التي تعطلت في قطاع التعليم، منها ما يتعلق بالمنح التعليمية لأكثر من 1100 طالب مصري، كانوا يتلقون منحا دراسية مدعومة من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، وتدخلت وزارة التعليم العالي المصرية للتأكد من قدرة هؤلاء الطلاب على مواصلة الفصل الدراسي، كما أعلن رجل الأعمال المصري أحمد طارق تبنيه طلاب الوكالة المتضررين من وقف المنح الدراسية.لم يتوقف الأمر عند توقف مشروعات القطاعات التصديرية والصناعية وفي مجال التعليم فقط، لكنه وصل إلى وقف الدعم عن المشروعات التنموية الحكومية، في وقت بلغ الدعم المقدم من الوكالة الأميركية للتنمية لبرنامج نُوَفِّــي الحكومي 24.88 مليون دولار بحسب بيانات وزارة التخطيط والتنمية المصرية بجانب 22.51 مليون دولار للتنمية الاقتصادية، وبحسب مصدر في وزارة التخطيط، فإنّ بعض المشروعات جري الشروع في تنفيذها وبعضها انتهي بالفعل وحقق الاستفادة الكاملة من تمويلات الوكالة.منصة "المشهد" حاولت الحصول على رد من السيد رشيد بنجلون أحد قيادات مشروعات الوكالة الأميركية في مصر، إلا أنه فضّل عدم الحديث، في المقابل ذكر مصدر آخر أنّ عدد القطاعات المتضررة من وقف برامج الوكالة في مصر، تبلغ 9 قطاعات تغطي الاقتصاد الكلي منها والصحة، والتعليم، والبيئة، والزراعة، والغذاء، والحماية الاجتماعية، وتمكين المرأة، ما يعني وقف التمويل لهذه القطاعات بجانب بجانب الحرمان من الدعم الفني والتقني والتدريب الخارجي والداخلي، ما سيربك استكمال هذه المشروعات حتى وإن جرى تغطيتها من التمويلات الحكومية.ما هي الوكالة الأميركية للتنمية؟وتعد الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، هي المؤسسة الأميركية الرئيسية للمساعدات الإنسانية والمشاريع التنموية الدولية، والتي أدارت منذ تأسيسها عام 1961 معظم الإنفاق الرسمي الأميركي على المساعدات الخارجية، بميزانية تقدر بعشرات المليارات من الدولارات سنويًا، وقوة عمل وصلت إلى نحو 10 آلاف موظف حول العالم.وتأسست الوكالة الأميركية للتنمية الدولية عام 1961 على يد الرئيس الأميركي الأسبق جون كينيدي، إبّان تصاعد حدة الحرب الباردة، وكان الهدف منها إدارة المساعدات الخارجية الأميركية، باعتبارها أداة ناعمة تعمل على توسيع الهيمنة الأميركية في الخارج، ومواجهة نفوذ الاتحاد السوفياتي في العالم.واستخدمت الوكالة تلك المشاريع لتنفيذ السياسة الخارجية للولايات المتحدة، وخدمة المصالح الأميركية في العالم، وتقوية النفوذ السياسي والاقتصادي الأميركي في الخارج.(المشهد)