ضبابية كبيرة سيطرت على عموم المصريين ولا سيما العاملين في الخارج خلال الساعات القليلة الماضية، بعد انتشار الحديث عن عزم الحكومة المصرية فرض ضرائب ورسوم جمركية جديدة على الهواتف المحمولة المستوردة من الخارج، وهو الأمر الذي أثار جدلاً واسعاً في الشارع المصري، الذي بات يستيقظ ببين عشية وضحاها على ارتفاعات تطال كافة السلع والخدمات.الحكومة المصرية من جهتها لم تصمت كثيراً إزاء هذا الجدل، وسارعت بإصدار توضيح رسمي على لسان نائب وزير المالية للسياسات الضريبية شريف الكيلاني، نفي خلاله الأنباء المتداولة عن فرض ضريبة جديدة على الهواتف المحمولة القادمة من الخارج، مؤكداً أن الرسوم الجمركية والضرائب معمول بها من قبل، لكنه في الوقت ذاته كشف عن وجود خطوات فعّالة للحدّ مما وصفه بظاهرة تهريب الهواتف المحمولة التي تؤثر سلبًا على الاقتصاد الوطني.حجم الرسم المفروضة على الهواتف الواردة من الخارجوتفرض مصر رسوماً جمركية تصل إلى نحو 37.8% على الهواتف القادمة من الخارج، مقسمة كالتالي:%14 ضريبة قيمة مضافة.%10 رسوم جمركية.%5رسم تنمية موارد.%5 رسم للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات.%3,8 رسوم لجهات أخرى.بينما كشف رئيس شعبة المحمول بالغرفة التجارية محمد طلعت، لوسائل إعلام محلية أن نحو 95% من واردات الهواتف المحمولة إلى مصر يتم تهريبها، دون دفع رسوم جمركية لها، بينما فقط 5% منها تقوم بسداد الرسوم الجمركية المقررة، وهو ما يؤكد تفشي ظاهرة تهريب الهواتف بشكل كبير، وهو ما يلحق ضرراً بالغاً بالدولة والخزانة العامة.ومع تصاعد حالة الارتباك بين المواطنين داخل مصر إزاء ما يتردد حول فرض ضرائب ورسوم جمركية على هواتف المحمول المستوردة من الخارج، حاولت منصة "المشهد" الوقوف على حقيقة هذا الأمر من خلال عدد من المسؤولين.يقول رئيس الشعبة العامة للاتصالات باتحاد الغرف التجارية المهندس إيهاب سعيد لمنصة "المشهد" إنّ هناك ضرورة ملحة في هذا التوقيت لتنظيم وضبط أسواق تداول الأجهزة المحمولة، والتي باتت تعاني من تحديات ليست بالقليلة، نتيجة انتشار الأجهزة غير المعتمدة والمهربة التي تؤثر على حقوق المستهلكين وسلامة المنافسة.وأشار سعيد إلى أن الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات تلقي العديد من الشكاوي من قبل عدد من المعنيين بصناعة الهواتف المحمولة في السوق المصري، بسبب إدخال هواتف مستوردة من الخارج دون دفع جمارك أو ضرائب، مما يضر باستثماراتهم بشكل مباشر.هواتف مهربةوبحسب سعيد فإن مصطلح الهواتف المهربة يطلق على كافة الأجهزة التي تدخل البلاد عبر المطارات والموانئ والمنافذ البرية دون دفع أيّ رسوم جمركية وضرائب عليها، كما أنها لا تحمل ضماناً رسمياً وغير معتمدة من الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات في مصر، ويتم بيعها في السوق المحلي المصري دون فاتورة رسمية وغير محملة بقيمة الضريبة المضافة،الهواتف المحمولة داخل مصر كانت معفية بشكل كامل من أيّ جمارك بموجب قرار رئاسي رقم 419 لسنة 2018، وكانت تخضع فقط لضريبة القيمة المضافة والتي تُقدر بـ14% من إجمالي السعر، إلا أن الحكومة المصرية في عام 2021 طبقت نسبة 10% جمارك على أسعار تلك الهواتف، بعد تصديق الرئيس عبد الفتاح السيسي على تعديل قوانين التعريفات الجمركية وبعض احكام قانون العقوبات من خلال القرار رقم 558 لسنة 2021.لكن رئيس الشعبة العامة للاتصالات أوضح أن هذه الخطوة لم تساهم بنحو جيد في الحد من تفشي ظاهرة الهواتف المهربة التي تأتي من الخارج عبر المنافذ الحدودية لمصر سواء البرية أو البحرية أو الجوية، لذلك لجأت الحكومة إلى تنفيذ منظومة جديدة من شأنها أن تؤدي إلى ضبط عملية تداول الأجهزة المحمولة المهربة، وذلك عبر إطلاق تطبيق جديد يحمل اسم (تليفوني)، يتيح للمسافرين تسجيل الهواتف المحمولة المخصصة للاستخدام الشخصي، دون فرض رسوم جمركية أو أيّ تكاليف إضافية، مشيراً إلى أن العمل بهذه المنظومة سيكون مع بداية العام المقبل.ومن جهته أوضح عضو شعبة المحمول بالغرف التجارية حمد النبراوي، إن تطبيق تليفوني يتيح للقادمين من خارج مصر، عبر مختلف المنافذ بتسجيل هواتفهم الشخصية دون دفع أيّ رسوم إضافية عليهم، مبيناً أن هناك طريقتين لسداد الرسوم الجمركية المتعارف عليها وهما، إما من خلال مكاتب الجمرك داخل تلك المنافذ، أو عبر التطبيق الجديد وذلك لتسهيل الأمر على المستخدمين.وضع المخالفينوفيما يتعلق بالهواتف التي ستدخل البلاد دون التسجيل على التطبيق الجديد فيوضح النبراوي أن هناك مهلة مدتها 3 أشهر للمخالفين، من أجل تقنين أوضاعهم وتسجيل هواتفهم، وفي حال عدم الالتزام خلال هذه المدة سيتم قطع الخدمة فوراً عن تلك الهواتف، وبالتالي لن يتمكن المستخدم من تشغيل أي شريحة على الهاتف المحمول لحين دفع الرسوم الجمركية المستحقة ومن ثم تعود الخدمة مرة أخرى.بدوره توقع رئيس الشعبة العامة للاتصالات إيهاب سعيد، أن تطبيق النظام الجديد سيؤدي إلى رفع أسعار بعض أنواع الهواتف مثل أجهزة آيفون بأنواعها المختلفة، لأنها تعد أكثر الهواتف التي تدخل البلاد بطريقة غير شرعية، وبالتالي فإن دخولها بطريقة سليمة سيجبر أصحابها من المستوردين على دفع الرسوم الجمركية المقررة عليها، ومن ثم سيضطرون إلى رفع أسعارها، الأمر الذي سينعكس على المستهلكين بشكل مباشر.وخلال الآونة الأخيرة نجحت الحكومة المصرية في إقناع كبرى شركات تصنيع الهواتف المحمولة، بإنشاء مصانع في مصر لتصنيع "الموبايلات" بمكون محلي يفوق 50% بهدف تغطية الطلب المحلي لتخفيض فاتورة الاستيراد، وتصدير الفائض للخارج، وأكد رئيس الحكومة الدكتور مصطفي مدبولي في تصريحات سابقة أن السوق المصري يحتاج إلى 20 مليون هاتف سنويا، فيما يتم إنتاج 11 مليوناً محلياً وأنّه سيتم افتتاح مشروعات خلال الفترة المقبلة، لترفع الإنتاج إلى 17 مليون جهاز سنويًا.ووصفت عضو لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب المصري مها عبد الناصر، خطوة تنظيم دخول الهواتف المحمولة إلى مصر بالهامة في هذا التوقيت، لافتة إلى أن تلك الخطوة ستكون لها مكاسب عديدة والتي من بينها الآتي:الحفاظ على استثمارات الشركات الأجنبية والوكلاء.تحفيز الإنتاج المحلي وتقليل الاستيراد.ضمان التزام جميع الأجهزة المتداولة في السوق بالمعايير الرسمية.تحسين بيئة السوق وتعزيز المنافسة العادلة.ميعاد بدء المنظومة الجديدةوعلى الرغم من عدم وجود إعلان رسميّ من قبل الحكومة بموعد التطبيق الفعلي للنظام الجديد، إلا أنّ البرلمانية المصرية توقعت سريان العمل بهذا النظام بداية العام المقبل 2025, وأوضحت أنّ الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات بدأ فعليًا بنشر التوعوية داخل المنافذ المختلفة كالمطارات والموانئ، بالتطبيق الجديد وأهميته.وبشأن الهواتف المحمولة الموجودة بالفعل مع المواطنين داخل مصر وتعمل بشكل طبيعي، لفت عضو شعبة المحمول باتحاد الغرف التجارية حمد النبراوي، أنّ هذه الأجهزة لا علاقة لها بالنظام الجديد الذي سيتم تطبيقه خلال الفترة المقبلة، فقط سيطبق هذا النظام على الأجهزة التي سيتم دخولها إلى مصر بعد قرار التنفيذ، بمعني أن القرار لن يتم تطبيقه بأثر رجعي.وتسعى الحكومة المصرية من خلال تطبيق النظام الجديد المقرر العمل به خلال الفترة المقبلة، إلى القضاء على ظاهرة تهريب الهواتف المحمولة التي تدخل البلاد بطريقة غير شرعية دون دفع رسوم جمركية وضرائب، وباتت تؤثر بشكل سلبي على الاقتصاد الوطني حسبما أكد عدد من المسؤولين المصريين.(المشهد )