تواجه الولايات المتحدة معضلة حقيقية إذا لم يوافق الديمقراطيون والجمهوريون على السماح للولايات المتحدة بزيادة الاقتراض أو رفع سقف الديون، في حين أنّ هناك تهديدا لأكبر اقتصاد في العالم بالتخلف عن سداد ديونه البالغة 31.4 تريليون دولار، وفق تقرير نشرته هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي".وأشار التقرير إلى أنّ عليهم التوصل إلى اتفاق بحلول 1 يونيو المقبل.تباطؤ الاقتصادلا يعتقد جميع الخبراء الذين تحدثت إليهم "بي بي سي"، أنّ الولايات المتحدة ستتخلف عن سداد ديونها. إذا حدث ذلك، "فإنه سيجعل الأزمة المالية العالمية تبدو وكأنها حفلة شاي"، كما يقول كبير الاقتصاديين في بنك الاستثمار "بانمور جوردون" سايمون فرينش، في إشارة إلى الانهيار الوشيك للصناعة المصرفية العالمية في عام 2008. ولن تتمكن الولايات المتحدة إذا لم ترفع سقف ديونها، من اقتراض المزيد من الأموال، حيث سرعان ما تنفد الأموال لسداد الفوائد العامة والالتزامات الأخرى. يقول مدير الاستثمار في "AJ Bell" روس مولد: "سيتوقف صرف مدفوعات الرعاية الاجتماعية ودعم الناس، ما سيضر بقدرتهم على الإنفاق ودفع فواتيرهم". يقدّر مجلس البيت الأبيض للمستشارين الاقتصاديين أنه إذا لم تتمكن الحكومة من التوصل إلى اتفاق لسقف الديون لفترة طويلة، فقد ينكمش الاقتصاد بنسبة تصل إلى 6.1٪.يقول الخبير الاقتصادي رئيس كلية كوينز في جامعة كامبريدج محمد العريان، إنّ التخلف عن السداد "من المحتمل أن يدفع الولايات المتحدة إلى الركود". ويؤكد: "الولايات المتحدة هي واحدة من أكبر الشركاء التجاريين على مستوى العالم. وسوف تشتري منتجات أقل من بقية العالم". ارتفاع معدلات الرهون العقارية بالإضافة إلى الإضرار بالتجارة، يقول فرينش، إنّ التخلف عن السداد في الولايات المتحدة، سيؤدي إلى ارتفاع تكلفة الرهون العقارية في البلدان الأخرى، وقد يؤدي إلى ارتفاع معدلات البطالة. وطرح التقرير سؤالا: "لماذا قد تجعل المشاكل في الولايات المتحدة الرهون العقارية أكثر تكلفة في البلدان الأخرى؟". ولفت إلى أنه عندما تريد الحكومة اقتراض المال، فإنها تُصدر سندًا أو سندًا قانونيًا. في الولايات المتحدة، يتقاضى المستثمر فائدة من الحكومة إذا اشترى سندات الخزينة.إذا لم تسدد حكومة الولايات المتحدة ديونها أو حتى تسدد الفائدة، "يمكن للمستثمرين بعد ذلك المطالبة بسعر فائدة أعلى لشراء الديون الحكومية"، بحسب فرينش. وأضاف: "أسعار الفائدة على الديون - سواء كانت ديون الرهن العقاري أو الدين العام - تأخذ إشارة من مقدار المخاطر المتصورة، ومن الواضح أنّ التخلف عن السداد في الولايات المتحدة سيكون حدثا خطرا كبيرا، وبالتالي ستصبح جميع الديون أكثر تكلفة بين عشية وضحاها". ويقول نائب كبير الاقتصاديين الأميركيين في "كابيتال إيكونوميكس" أندرو هنتر: "تُعتبر ديون الحكومة الأميركية، من نواحٍ كثيرة، حجر الأساس للنظام المالي العالمي". وأضاف "يُنظر إليه عادةً على أنه الأصل الوحيد الأكثر أمانًا وكل الأصول المالية الأخرى في العالم يتم تسعيرها إلى حدّ كبير من ديون الحكومة الأميركية". واعتبر أنه لا توجد دولة بعينها معرضة للخطر إذا تخلفت الولايات المتحدة عن السداد.زيادة في الأسعار يُعتبر الدولار الأميركي هو العملة الاحتياطية في العالم. ويعني ذلك قائمة طويلة من السلع المهمة مثل النفط، الذي يُستخدم في صناعة البنزين وإنتاج القمح الذي يتم طحنه إلى دقيق لصنع الخبز حيث يتم تسعيره بالدولار. في حالة تخلف حكومة الولايات المتحدة عن السداد، فمن المتوقع أن تنخفض قيمة الدولار بشكل حاد. يبدو أنّ هذا قد يكون خبرا جيدا للأشخاص خارج الولايات المتحدة، لكنه قد يعني أنّ المستثمرين في السلع "لا يعرفون كيفية تسعير الأشياء"، كما يقول فرينش. وأضاف، "ما لديك مع تخلّف الولايات المتحدة عن السداد، هو الذعر المفاجئ للمستثمرين وهم يتساءلون، هل اليابان هي التالية؟ هل المملكة المتحدة التالية؟ أم ألمانيا التالية؟". وقال فرينش: إنه إذا أصبح الغذاء والوقود أكثر تكلفة، فسيؤدي ذلك إلى زيادة تكلفة المعيشة لملايين الأشخاص. تضرر الرواتب التقاعدية وفقًا لمولد، تمثل الولايات المتحدة 60٪ من قيمة أسواق الأسهم العالمية.وقال: "لذا من المحتمل أن يتعامل الناس مع الأسهم الأميركية في معاشاتهم التقاعدية، سواء كانوا يعرفون ذلك أم لا". ومن المرجح أن تتفاعل أسواق الأسهم بشكل سيّىء مع التخلف عن السداد في الولايات المتحدة. في عام 2011، ظل الديمقراطيون والجمهوريون في طريق مسدود بشأن سقف الديون حتى ساعات قبل التخلف عن السداد المحتمل. تراجعت أسواق الأسهم الأميركية، لكنّ الذعر لم يدم طويلا وتعافت الأسهم من الانخفاض الحاد. ويعتقد مولد أنّ الحال سيكون هكذا هذه المرة. (ترجمات)