في محاولة لتخفيف عبء الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها مصر عن المواطنين، وجّه الرئيس المصريّ، عبد الفتاح السيسي الحكومة باتخاذ حزمة من الإجراءات الاجتماعية العاجلة لصالح العاملين بالدولة، بقيمة 180 مليار جنيه.رفع الحد الأدنى للأجور وقال الرئيس المصريّ، في تدوينة عبر حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي "إكس": "انطلاقًا من واجب الدولة لدعم المواطن في ظل الظروف الراهنة فقد وجّهت الحكومة على اتخاذ حزمة من الإجراءات الاجتماعية العاجلة التي تتضمن رفع الحد الأدنى للأجور بنسبة 50%، ليصل إلى 6 آلاف جنيه شهريًا كما وجهتُ الحكومة بزيادة أجور العاملين بالدولة والهيئات الاقتصادية، بحد أدنى يتراوح بين 1000 إلى 1200 جنيهاً شهرياً بحسب الدرجة الوظيفية وذلك اعتباراً من الشهر المقبل".وتأتي هذه القرارات فيما يعاني الاقتصاد المصريّ من أزمة كبيرة، تأثرًا بالأحداث العالمية بدءًا من جائحة كورونا مرورًا بالحرب الروسية الأوكرانية وصولًا إلى الحرب على غزة وما تبعها من اضطراب حركة الملاحة في البحر الأحمر.كما تعاني مصر، من أزمة نقص شديدة في النقد الأجنبي والذي تعتمد عليه الدولة بشكل رئيسي في استيراد احتياجاتها من الغذاء ومكونات الإنتاج، الأمر الذي أعطى مساحة كبيرة لنمو السوق الموازية للدولار الأميركي، حيث يتضاعف سعر صرف الجنيه أمام الدولار في تلك السوق عن السعر الرسمي في البنوك المصرية، والذي يُقدّر بما يقارب من 31 جنيهًا للدولار.ورأى خبراء اقتصاد، في حديث لمنصة "المشهد"، إنّ القرارات الخاصة برفع رواتب العاملين في الدولة، بالتأكيد ستنعكس بالإيجاب على المواطنين العاملين في الجهاز الإداري للدولة، حيث ستساهم في تخفيف عبء الارتفاع الكبير في أسعار السلع الغذائية وتلافي تداعيات ارتفاع نسبة التضخم. وبلغت معدلات التضخم في مصر إلى مستويات قياسية في العام 2023 إذّ وصلت وفق آخر إحصائية إلى 36% على أساس سنوي، مُقابل 15% خلال عام 2022.تخفيف العبء عن أصحاب الدخول الثابتة وقال الخبير الاقتصادي المصريّ الدكتور علي مسعود، إنّ قرار الرئيس السيسي برفع الحد الأدنى للأجور بالتأكيد سيكون له انعكاس مباشر على المواطنين، لافتًا إلى أنّ هذه القرارات استهدفت نوعان من المواطنين وهم:أصحاب الدخول الثابتة من العاملين في الجهاز الإداري للدولة.أصحاب المعاشات وكذلك المستفيدين من برنامج الرعاية الاجتماعية " تكافل وكرامة".وأوضح مسعود، في حديث لـ"المشهد" أنّ القرار سيسهم في تخفيف عبء ارتفاع أسعار السلع الغذائية عن هذه الفئات التي أصبحت تعاني بشكل كبير بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة.في المقابل، يرى الخبير الاقتصادي المصريّ أنّ هذه الإجراءات تضع الحكومة المصرية أمام مجموعة من التحديات تتمثل في الضغط على الموازنة العامة للدولة، وبالتالي على الحكومة المصرية تدبير موارد لكي تغطي حجم الزيادة في الإنفاق على الرواتب.استراتيجية لتشجيع الاستثمار وأكد مسعود ضرورة أن تضع الدولة المصرية استراتيجية واضحة لتشجيع الإنتاج والصناعة وجلب الاستثمارات الخارجية.أما لاحتمالية أن تؤدي زيادة رواتب العاملين في الدولة إلى ارتفاع جديد في الأسعار، يرى الخبير الاقتصادي المصريّ أنّ هذا لن يحدث بشكل كبير لعدة أسباب منها أن الأسعار بالفعل شهدت زيادة خلال الأيام الماضية، بالإضافة إلى أن أصحاب الدخول الثابتة لديهم ثقافة استهلاكية ثابتة تتركز في السلع الغذائية الأساسية.وطالب مسعود الحكومة المصرية باتخاذ مجموعة من الإجراءات للسيطرة على أسعار السلع الغذائية والتي من الممكن أن تكون عبر فتح منافذ بيع هذه السلع بأسعار مخفضة كما حدث في العام 2016 وكان لها مردودًا كبيرًا على تحجيم الزيادة في الأسعار.بدوره، اتفق الخبير الاقتصادي المصريّ الدكتور مصطفى بدرة، مع الطرح السابق حول جدوى زيادة الرواتب على المواطنين، مُشيرًا إلى أنّ الحزمة التي أقرها الرئيس السيسي هي جزء من تحمّل الدولة لتداعيات التضخم الكبيرة.وقال بدرة، في حديث لـ"المشهد" إنّ هذه الإجراءات تعد جزءً من علاج الحكومة لتداعيات الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها مصر والتي أدت إلى زيادة أسعار السلع الغذائية بشكل كبير.إجراءات اقتصادية مصاحبة ولكن في الوقت نفسه، يرى بدرة، أن هذه الإجراءات لابد من أن يصاحبها مجموعة من القرارات الأخرى وهي:تشديد الرقابة على الأسواق لمنع الاحتكار والتلاعب بالسلع الأساسية.سرعة إنهاء الإفراجات الجمركية للسلع الأساسية من الموانئ المصرية من خلال توفير الاعتمادات الدولارية.زيادة المعروض من السلع الغذائية في الأسواق والتي ستسهم في استقرار الأسعار.وتوّقع الخبير الاقتصادي المصريّ أن تشهد الفترة المُقبلة انفراجة في أزمة نقص الدولار خاصة في ظل الحديث عن استثمارات خليجية كبيرة سيتم ضخها في السوق المصريّ بالإضافة إلى قرب إعلان عن مراجعة صندوق النقد الدولي للوضع الاقتصادي في مصر.وفي العام 2016، بدأت مصر قد بدأت إصلاح اقتصادي، بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، واضطرت إلى تخفيض عملتها أمام الدولار الأميركي 4 مرات إلى أن وصل إلى 30.9 جنيهًا للدولار في السوق الرسمي، وسط توّقعات بتخفيض جديد خلال الفترة المُقبلة.(مصر - المشهد)