فقدت أسواق الأسهم العالمية حوالي 3 تريليونات دولار من قيمتها هذا الشهر، حيث تسببت البيانات الاقتصادية الصينية المظلمة وارتفاع تكاليف الاقتراض في الولايات المتحدة في تدهور توجهات المستثمرين بعد بداية قوية للعام، حسبما ذكرت صحيفة فاينانشال تايمز. وفقد مؤشر وول ستريت "S&P 500" ومؤشر "Stoxx 600" الأوروبي ومؤشر" CSI 300" الصيني ما مجموعه 2.8 تريليون دولار، وهو ما يعادل حوالي 5% من قيمتهم الإجمالية وأكثر من رأس المال السوقي لمؤشر "FTSE 100" في لندن خلال الأسابيع الـ3 حتى 21 أغسطس الجاري. كما أن مؤشر "MSCI" للأسواق الناشئة في طريقه لتسجيل أسوأ أداء شهري منذ سبتمبر الماضي.تناقض واضحوتظهر هذه التراجعات تناقضاً واضحاً مقارنة بالستة أشهر الماضية، حيث دفعت التوقعات بأن أسعار الفائدة في الولايات المتحدة ستصل قمتها قريبا مؤشر سوق الأسهم" Nasdaq Composite" إلى أقوى أداء نصف سنة في 40 عاما. لكن سلسلة من البيانات الاقتصادية القوية في الولايات المتحدة والتضخم الأساسي المرتفع في منطقة اليورو دفعت المستثمرين إلى إعادة التفكير في مسار التضخم وأسعار الفائدة، وذلك في الوقت الذي تزايدت فيه الأدلة على تباطؤ اقتصاد الصين وصعوبة تعافيه من إجراءات الإغلاق جراء الجائحة، وتزايدت المخاوف بشأن قطاع العقارات الضخم في البلاد. وتشكلت توجهات المستثمرين من الأخبار السيئة الواردة من الصين وتدهور المشاعر، مما يؤدي إلى "مزيج من عوامل الاستثمار الآمنة"، حسبما قال مايك زيغمونت، رئيس قسم التداول والبحوث في "Harvest Volatility Management" مضيفا: "كان هناك حاجة لبعض التراجع بمؤشر S&P 500 بعد أن أصبح هناك شراء مفرط في نهاية يوليو". ويقول رئيس استراتيجية الأسهم الأوروبية في باركليز إيمانويل كاو: "الجميع اتجه إلى الذهب"، حيث "المخاوف المتغيرة بسرعة تضر بقيم الأسهم".الأسهم التكنولوجيةوارتفعت عوائد السندات على جانبي الأطلسي في الأسابيع الأخيرة، مما زاد من ضغط تقييمات الأسهم، والتي وصلت إلى أعلى مستوياتها في 14 عاما. وفي الولايات المتحدة، قطاع الطاقة هو الوحيد الذي ارتفع في أغسطس. وكانت الأسهم التكنولوجية من بين أكبر الضغوط على السوق، حيث عانت الشركات الكبرى مثل أمازون وآبل ومايكروسوفت وميتا ونفيديا وتيسلا وشركة غوغل، من سلسلة خسائر صافية لمدة 3 أسابيع، رغم أنهم قادوا ارتفاع السوق في الأشهر الـ7 الأولى من هذا العام. وانخفضت أسهم آبل، بنحو 10% هذا الشهر، بينما فقدت تيسلا، حوالي 13%. وقال رئيس استراتيجية تداول الأسهم في سيتي غروب ستيوارت كايزر: "شهر أغسطس كان "بشعا"، "الأسابيع السابقة قد شهدت تحولًا" في توجهات السوق.حذر المستثمرينالمستثمرون ليسوا حذرين مثلما كانوا في مارس 2020 أو سبتمبر الماضي، لكن هناك "درجة من الحذر"، وفقا لمايك كوب، رئيس مكتب الاستثمار الرئيسي لدى مورنينغ ستار إنفستمنت مانجمنت. وبالنسبة لبعض الأشخاص، يُعد التراجع علامة على صحة السوق، إذ تقول كوينسي كروسبي، من شركة "LPL Financial" لقد كانت السوق حذرة بدلا من منح التكنولوجيا مجالا للانطلاق وهذا ما يجب أن نراه. ولكن المشاكل الأكثر عمقًا التي تواجه الصين، والمخاوف من أن أسعار الفائدة في الولايات المتحدة ستبقى مرتفعة لفترة أطول، وقد تستمر في تجاوز اعتبارات المستثمرين، وفقا لـ"فاينانشال تايمز".وأصبح المحللون قلقين بشكل متزايد من أن تأثيرات السياسات على الأسهم الصينية قد تم تقويضها بعدم متابعة بكين للتعهدات التي أُعلنت في نهاية يوليو الماضي بدعم قطاع العقارات المنهك مالياً وتعزيز مشاعر المستهلكين. أيضا المستثمرون أكثر تشاؤما بالنسبة لأوروبا والصين منهم بالنسبة للولايات المتحدة، حيث تتوقع مورجان ستانلي أن تنخفض أسهم أوروبا بنسبة 10% خلال الصيف، نتيجة "صدمتين مزدوجتين" من "أسعار فائدة وظروف الائتمان الأكثر تشدداً. (ترجمات)