تعهدات بدعم سخيّ من الصين للقارة الإفريقية، وضخ مليارات الدولارات في البنية التحتية وتوفير قرابة مليون فرصة عمل على الأقل للشباب بالقارة السمراء، هكذا غازَلَ الزعيم الصينيّ شي جين بينغ اليوم الخميس دول القارة، متعهدًا بتنفيذ 30 مشروعًا للبنية التحتية الأساسية.تعهدات شي جين بينغ جاءت على هامش افتتاح قمة منتدى التعاون الصيني - الإفريقي في بكين، فماذا يمكن أن تجني إفريقيا من التعهدات الصينية؟، وما هي أبرز الصفقات المرتقبة؟، وسط مخاوف من بعض دول القارة من تأجيج الصراع في إفريقيا حول تنافس القوى العظمى على المعادن الأساسية.ما هو منتدى التعاون الصيني الإفريقي؟بداية، فإنّ منتدى التعاون الصينيّ- الإفريقي، (FOCAC)، وهو مؤتمر يُعقد كل 3 سنوات لتحديد أفضل السبل للعمل والتعاون بين الصين والدول الإفريقية، ويشمل لقاءات بين الرئيس الصينيّ مع رؤساء بعض الدول الإفريقية المشاركة في المنتدى."على مدار عقدين من الزمن، تسعى الصين لفرض وجودها الاقتصاديّ في إفريقيا، وقد تجاوز حجم التجارة البينية مع الدول الإفريقية في عام 2022، قرابة 250 مليار دولار"، هكذا رد رئيس مركز العاصمة للدراسات الاقتصادية الدكتور خالد الشافعي، حول استفسار منصة "المشهد" بشأن العلاقة الاقتصادية الصينية- الإفريقية، ومدى تغلغل الصين في دول القارة.وقال رئيس مركز العاصمة – مركز بحثيّ متخصص في الشؤون الاقتصادية مقره القاهرة - إنّ "الصين تركز منذ عقود على استيراد الموادّ الخام الرخيصة من إفريقيا، مثل النفط والمعادن بشتى أنواعها، والعمل على إعادة التصدير في صورة سلع تامة الصنع، وهذا مَكَّنَ الصين من الوجود بقوة في أغلب دول القارة".وأضاف، "الصين تقدّم مساعدات مالية ضخمة في إفريقيا بخلاف مشروعات البنية التحتية والأساسية، وهناك 11 مليار دولار كمساعدات صينية متنوعة للدول الإفريقية وفق المعلومات الواردة من منتدى قمة التعاون الصينيّ- الإفريقي".دعم صيني للشركات المستثمرة في إفريقيا من جهته، قال رئيس لجنة تنمية العلاقات مع الصين، بجمعية رجال الأعمال، أحمد عز الدين، إنّ "الصين دائمًا تشجع شركاتها على الوجود في الدول الإفريقية، وهناك 10 مليارات دولار ستُسخدم لتشجيع الشركات الصينية على الاستثمار في إفريقيا مستقبلًا". ويضيف خلال حديث مع منصة "المشهد": بكين سعت لبناء روابط قوية مع دول القارة الإفريقية، ونجحت في بناء سكك حديد ومشروعات للطرق، ومحطات للطاقة، لتسهيل حياة الناس.حكومات الدول الإفريقية تٌشجيع الشركات المحلية والصينية على الاستثمار المشترك والتعاون الاقتصاديّ والصناعيّ والتكنولوجيّ والتدريب وتبادل المعلومات والزيارات، وعرض الفرص المختلفة بما يخدم دفع التعاون الاقتصاديّ الإفريقيّ- الصيني.ويوضِّح رئيس لجنة تنمية العلاقات مع الصين، أنّ هناك أمثلة للتعاون بين جمعيات الأعمال في إفريقيا وبين نظيرتها في الصين، فمثلًا هناك 15 مشروعًا مشتركًا بين شركات مصرية وصينية، لإقامة مشاريع في المجالات الاقتصادية المختلفة، منها صناعات الحديد والصلب والصناعات الغذائية، وفي مجالات الغزل والنسيج والصناعات الكيماوية والطاقة.الصين تركز على الاستثمارات التكنولجية في إفريقياويرى محمود القاسم – الباحث بكلية الدراسات الإفريقية جامعة القاهرة – أنّ "اتجاه بكين نحو تزويد إفريقيا بالتكنولوجيا الفائقة مثل شبكات الاتصالات 4G و5G والأقمار الاصطناعية الفضائية، والألواح الشمسية والمركبات الكهربائية، ليس من باب المنحة، ولكنّ الصين تدرك أنّ مستقبل القارة الإفريقية أصبح بيدها حاليًا".وردًا على سؤال حول العائد على الصين من كل هذا السعى نحو إفريقيا، يقول:الصين استثمرت نحو 5 مليارات دولار عام 2022 في الاقتصادات الإفريقية، لبناء طرق تربط الدول ببعضها، ومرافق جديد لقطاع الطاقة، وتطوير المناجم.حققت الشركات الصينية عائدًا من هذه المشاريع يقترب من 40 مليار دولار، وتوجد حاليًا قرابة 3 آلاف شركة صينية في إفريقيا، وفقًا للمنتدى الاقتصاديّ العالمي.الصين ساعدت 3 دول إفريقية للانضمام لـ"بريكس"رئيس جمعية رجال الأعمال المصريّين الأفارقة – تضم 19 ممثلًا من الدول الإفريقية - الدكتور يسرى الشرقاوي، قال إنّ: الصين تعمل جاهدة في استكمال خطتها التوسعية لتنمية وتطوير الاقتصاد والتجارة المتنوعة مع دول القارة الإفريقية، اتخذت في ذلك أكثر من مسلك، سواء عبر اتفاقية البريكس ودعم مشاركة 3 من أكبر الاقتصادات الإفريقية، هما جنوب إفريقيا ومصر واثيوبيا.وأضاف "الشرقاوي"، خلال حديث مطول مع منصة "المشهد"، أنّ مؤتمر منتدى الصين- إفريقيا، يقدم كل أوجه الدعم الاقتصاديّ والاستثماريّ لدول القارة السمراء، ويشكل تحقيق أهداف تنموية مشتركة تحتاجها دول القارة في البنية التحتية.وأشار إلى أنّ الصين تحتاج إلى إعادة هيكلة استثماراتها المتراكمة، لتوزيعها في دول القارة، وهذا التوسع يمثل الاستحواذ البديل العصريّ للاستعمار التقليديّ بحسب قوله".خطة بديلة للصين في إفريقياوكشف رئيس جمعية رجال الأعمال المصريّين الأفارقة، أنّ مؤتمر منتدى التعاون الصيني الإفريقي، يدعم التقارب لاستحداث خطة بديلة للصين في الملف الإفريقي، بعدما حدثت حالة من الوجود والاهتمام من كل دول العالم بالقارة الإفريقية حاليًا، وتستحدث الصين في التمويل للبنية التحتية الإفريقية نموذجًا جديدًا. وسرد الشرقاوي جزءًا من المشروعات الصينية في إفريقيا، ومنها خط السكك الحديد "تنزانيا- زامبيا" وبناء قرابة 14 منطقة صناعية في إثيوبيا، ومحطات كهرباء ومحطات طاقة بديلة في أكثر من 6 دول من دول إفريقية أخرى.واختتم الشرقاوي تصريحه موضحًا أنّ "المرحلة المقبلة ستشهد مزيدًا من الوجود الصينيّ على أرض القارة السمراء، وتأتي أهمية هذا الوجود في الوصول إلى تنمية مشتركة تنبع من مبدأ يؤكد أنّ الصين قادرة على توفير التمويل من فوائض التجارة وفوائض الاقتصاد الصيني، وهذا ما سنراه في عدد من المشروعات المستقبلية بإفريقيا".(المشهد)