إعصار جمركي غير مسبوق.. ترامب يُدخل الاقتصاد العالمي في المجهول

توقعات بارتفاع مستويات الأسعار عالميًا بسبب الرسوم الجمركية الأميركية
توقعات بارتفاع مستويات الأسعار عالميًا بسبب الرسوم الجمركية الأميركية
verticalLine
fontSize
هايلايت
  • اتحاد الغرف العربية: تضرر كبير لسلاسل التوريد بسبب رسوم ترامب.
  • مسؤول تجاري: الرد الأوروبي والصيني على الرسوم الجمركية سيدمر قواعد التجارة عالميًا.
  • الأمين العام لـ"ASCAME" يتوقع ارتفاع عدد قضايا الإغراق وتحو مسار التجارة.
  • خبير من واشنطن يتوقع تباطؤ في النمو الاقتصادي الأميركي.

في خطوة هزّت عرش النظام التجاري العالمي، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن إعصار جمركي غير مسبوق، ضرب كلّ بقاع الأرض برسومٍ تتراوح بين 10% و49%، في يوم وُصف بـ"الأكثر قتامة" في تاريخ الاقتصاد الحديث.

كأنما الزمن عاد إلى عصر الحمائية البدائية، حيث انهارت قواعد التجارة العالمية كقلعةٍ من ورق أمام قرارات عدة جرى إعلانها على الهواء مباشرة، تاركةً الأسواق الدولية في دوامةٍ من الذعر، تثير تساؤلات مرعبة: هل دخل العالم عصراً جديداً من الحروب التجارية التي لا تُبقي ولا تذر؟، هل ستتحمل القوى الكبرى الرسوم الترامبية دون ردة فعل، أم ستشتعل المواجهة أكثر وأكثر؟

ومنذ تولي ترامب الحكم في يناير 2025، لم تكد تمرّ أيام حتى تشهد الساحة الدولية تصعيداً حمائياً متوحشاً، بدأ بحرب مع الصين وكندا والمكسيك ثم امتدّ إلى الاتحاد الأوروبي، وفي يوم التحرير طالت "الرسوم الترامبية" كلّ الدول دون استثناء.

تحركات عربية

حذر مصدر مسؤول في اتحاد الغرف التجارية العربية من التداعيات الخطيرة التي ستنجم عن قرارات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض تعريفات جمركية على دول العالم، مؤكداً أن هذه الخطوة قد تُدخل الاقتصاد العالمي في مرحلة غير مسبوقة من الاضطراب وعدم الاستقرار، مشيرًا إلى أن الاتحاد يدرس تأثير هذه الرسوم على صادرات الدول العربية خصوصا أن الرسوم طالت جميع الدول العربية بنسبة تراوحت بين 10 إلى 30%.

وقال المصدر خلال حديث مع "المشهد"، إن "فرض رسوم جمركية بهذه النسب المرتفعة على واردات السلع من مختلف الدول سيؤدي حتمًا إلى انهيار سلاسل التوريد العالمية، حيث ستواجه الشركات والمصانع صعوبة كبيرة في الحصول على المواد الخام والمكونات الأساسية، مما سيؤثر على الإنتاج ويؤدي إلى اضطرابات حادة في الأسواق وعلى رأسها السوق الأميركي".

وأضاف: "من الطبيعي أن ينعكس هذا الوضع على الأسعار، حيث سنشهد موجة تضخم سعري قد تخرج عن السيطرة، في حالة حدوث ردود برسوم جمركية من دول العالم، مدفوعة بارتفاع تكاليف الاستيراد والتصنيع".

وأشار إلى أن الأسواق ستواجه حالة من التقلبات العنيفة، وسيجد المستهلكون أنفسهم أمام زيادات كبيرة في أسعار السلع الأساسية وغير الأساسية، مما سيؤثر بشكل مباشر على القدرة الشرائية ويفاقم الأعباء الاقتصادية على الأفراد والشركات".

وأكد المصدر أن هذه الخطوة لن تكون مجرد أزمة تجارية عابرة، بل قد تؤدي إلى إعادة رسم الخريطة الاقتصادية العالمية، قائلاً: "مع تصاعد هذه الإجراءات الحمائية، ستلجأ الدول المتضررة إلى البحث عن بدائل وتحالفات تجارية جديدة بعيدًا عن الأسواق الأميركية، مما قد يعجل بتشكيل تكتلات اقتصادية كبرى منافسة، ويؤدي إلى تغييرات جذرية في موازين القوى التجارية الدولية".

وأوضح "نحن أمام منعطف حاسم في تاريخ التجارة العالمية، وإذا لم يتم احتواء هذه الأزمة عبر حوار دولي جاد، فقد نجد أنفسنا أمام حالة من الشلل التجاري والاقتصادي غير المسبوق، وهو ما يستدعي تحركًا سريعًا من كافة الأطراف المعنية".

التداعيات على الاقتصاد الأميركي

بدوره، قال على الليثي، مسؤول تجاري سابق، إن التداعيات الخطيرة للرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، قد تعرّض الاقتصاد الأميركي لمخاطر الركود، فضلاً عن التأثيرات التضخمية التي ستنعكس على الأسواق العالمية.

وقال الليثي: "القيود التجارية التي فرضتها الإدارة الأميركية تأتي في إطار سياسات حمائية تستهدف تقليص العجز التجاري، إلا أنها تحمل تداعيات سلبية على الاقتصاد الأميركي نفسه، منها:

  • زيادة التعريفات الجمركية تعني ارتفاع تكاليف الاستيراد.
  • ارتفاع التكاليف على أسعار السلع والخدمات في أميركا.
  • توقعات بارتفاع التضخم فوق مستهدفات البنك المركزي +2%.
  • الضغط على القدرة الشرائية للمستهلك الأميركي مع زيادات الأسعار.
  • مخاوف من تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي والأميركي.

وأشار الليثي إلى أن أحد أبرز المتضررين من هذه السياسات هو الاتحاد الأوروبي، الذي يُعد أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة، مضيفًا: "وفقًا للأرقام الرسمية، بلغ العجز التجاري الأميركي مع الاتحاد الأوروبي 350 مليار دولار، وهو ما دفع الرئيس ترامب إلى فرض رسوم جمركية بنسبة 20% على الواردات الأوروبية.

وتابع، أن هذه الخطوة ستؤدي إلى تصعيد التوترات التجارية بين الجانبين، وقد تدفع الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ تدابير انتقامية، ما سيؤدي إلى مزيد من التعقيد في المشهد التجاري العالمي".

وكشف الليثي أن حجم التبادل التجاري بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بلغ 1.7 تريليون دولار في عام 2023، وهو ما يمثل 30% من حجم التجارة العالمية، مؤكدًا أن أي اضطراب في هذه العلاقة الاقتصادية سيؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد العالمي.

وأضاف: "السياسات الحمائية قد تؤدي إلى تداعيات تتجاوز الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والدول الكبرى، حيث يمكن أن تشهد الأسواق اضطرابات في سلاسل التوريد العالمية، وهو ما قد يُضعف الثقة في مناخ الأعمال ويؤثر على حركة الاستثمارات الدولية".

تحالفات تجارية جديدة

كشف الأمين العام لاتحاد غرف تجارة البحر الأبيض المتوسط للتجارة والصناعة (ASCAME) أحمد الوكيل، أن الحرب التجارية الحالية تؤدي لإعادة تشكيل التجارة العالمية من خلال البحث عن شركاء تجاريين جدد أو تعزيز التجارة الإقليمية لتجنب الرسوم المرتفعة، مما قد يمثل فرص قوية لأبناء القارة الواحدة لتحقيق تكامل تجاري صناعي".

وأضاف الوكيل لـ"المشهد"، أن "الدول المعتمدة بشكل كبيرعلى التصدير إلى الأسواق الأميركية، ستجد نفسها في مواجهة تحديات جديدة تتمثل في ارتفاع التكلفة، وهذا يُضعف المنافسة داخل السوق الأميركي، مما يكشف عن تحول هذه المنتجات نحو أسواق أخرى، وهنا قد تظهر قضايا إغراق التجارة أي إغراق الدول ببضائع بسعر أقل من المنتجة محليًا.

وتوقع "الوكيل" أن تشهد الأسعار قفزات متكررة في حالة تنامي الصراع التجاري، كما أن تكاليف الاستيراد ستواصل الصعود، وهو أمر سلبي لجميع دول العالم ليس فقط الدول التي تطالها الرسوم.

وشدد، على أن العالم على شفا حربًا تجارية قد تدمر حركة التجارة، وتضعنا أمام مصير مظلم لحركة التجارة، وتؤثر بصورة مباشرة على سلاسل الإمداد والتوريد، خصوصا إذا شملت الرسوم الجمركية مدخلات الإنتاج والمعدات الصناعية، كما أن الخسائر المبدئية تجاوزت 3.4 ترليونات دولار وهي أرقام مرعبة.

حذر الخبير الاقتصادي الدكتور أنور القاسم خلال حديث مقتضب من واشنطن، من أن مناخ الصراع التجاري الحالي قد يؤدي إلى تداعيات سلبية على تكاليف الإنتاج، بل وإعادة تشكيل المشهد الاقتصادي العالمي وتحول كبير في شكل منظومة القوى الاقتصادية العالمية، وقد نشهد ظهور تحالفات اقتصادية جديدة لمواجهة الرسوم الجديدة.

وأضاف، أن هناك تهديدًا ذات شقين الأول متمثل في ارتفاع الأسعار والثاني حدوث تباطؤ في النموالاقتصادي وهذا الأمر يخلق حالة من الخوف بين المستهلكين وقادة الأعمال وصناع السياسات، ورأينا اتجاه المستثمرين الذين تخلصوا من الأسهم واتجهوا إلى شراء السندات في الآونة الأخيرة وشراء الذهب للتحوط من تنامي الصراع.

(المشهد)

تعليقات
سجّل دخولك وشاركنا رأيك في الأخبار والمقالات عبر قسم التعليقات.