قال تقرير لموقع "بلومبرغ" إن الفشل في بذل جهود إضافية لإبطاء ارتفاع درجة الحرارة سيؤدي إلى خسارة 40% من قيم الأسهم العالمية، وفقًا لتقديرات دراسة جديدة أجراها معهد تأثير المناخ EDHEC. ويوضح المصدر ذاته أن خسائر السوق ترتفع إلى 50%، مضيفًا أنه: إذا حشد العالم جهوده ووضع حدًا لارتفاع درجات الحرارة بما لا يتجاوز درجتين مئويتين فوق متوسطات ما قبل الصناعة، فإن الضربة التي ستلحق بأسعار الأسهم لن تتجاوز 5% إلى 10%. بعد أزمة كورونا، تعرض العالم لخسارة هائلة في الناتج المحلي الإجمالي، ولكن بعد ذلك حدث انتعاش. لكن بالنسبة للتغير المناخي يبدو الأمر وكأنه رياح معاكسة مستمرة من دون ارتداد. تأثير التغير المناخي على الاقتصاد وتتوافق دراسة معهد "EDHEC" مع الورقة البحثية الأخيرة لمعهد "بوتسدام" لأبحاث تأثير المناخ التي تقدر ضربة بنسبة 12% للناتج المحلي الإجمالي العالمي لكل درجة مئوية من الانحباس الحراري. وقد حذّر المعهد مؤخرا من أن انخفاض الدخل العالمي بنسبة 19% بحلول عام 2050 قد بدأ بالفعل، حتى لو قمنا بخفض الانبعاثات بقوة ابتداء من اليوم. وتقدر الخسائر بنحو 38 تريليون دولار سنويا نتيجة لما وُصف بـ"المناخ الفوضوي". وبحسب "بلومبرغ"، يتجاهل العديد من الباحثين الأضرار المناخية بناءً على نظرية مفادها أنه نظرًا لوقوعها في المستقبل البعيد، فإن السوق سوف تتجاهلها بشكل كبير.لكن دراسة EDHEC تجادل بشكل مستمر بأن المستثمرين سيقدرون المال أكثر فأكثر مع ضعف الاقتصاد. ويبدو أن الضرر الناجم عن تغير المناخ أصبح أقرب مما يعتقد البعض، فكلفة تأثير الكوارث المناخية على الاقتصاد العالمي وصلت 1.5 تريليون دولار في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وفقًا للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، أي ما يقرب من 10 أضعاف ما كانت عليه في السبعينيات. الأرقام السالفة الذكر تقلّل بشكل كبير من التأثيرات المحتملة لتغير المناخ على النمو الاقتصادي، فالحرارة الشديدة وارتفاع مستوى سطح البحر وغيرها من التأثيرات الطويلة الأمد لأزمة المناخ، ستلحق ضرراً بصحة الإنسان وإنتاجيته أكثر بكثير من الضرر الذي تلحقه الكوارث الفردية مثل الأعاصير أو حرائق الغابات. وبقدر ما تبدو هذه التقديرات كبيرة وغامضة، إلا أن بعض خبراء الاقتصاد متحفظون عليها، لسبب أن البنوك المركزية العالمية ستخفّض دائما أسعار الفائدة عندما يكون النمو الاقتصادي سيئًا. فأسعار الفائدة المنخفضة تجعل خط الأسهم يرتفع، لكن في المقابل يرى فريق من الاقتصاديين أن الأوبئة والجفاف وغير ذلك من الاضطرابات العالمية تؤدي أيضا إلى زيادة التضخم والدين العام، وهذا يحد من مدى قدرة البنوك المركزية على أن تكون صديقة للسوق.كيف يؤثر التغير المناخي على الاقتصاد؟ يشرح الخبير في التغير المناخي أحمد الملاعبة لمنصة "المشهد" أن هناك "تأثيرات كثيرة للتغير المناخي في جميع مناحي الحياة، فالاقتصاد العالمي يدق ناقوس الخطر وهناك انهيار في دول كبيرة مثل الدول الصناعية". ويضيف الملاعبة: اقتصاد الدولة الصناعية بدأ يضعف بسبب عدم وصول الإمدادات، والأمر يرتبط بوجود مشاكل في حركة النقل بسبب الظروف الجوية. الصناعات الغذائية في هذه الدول تتأثر بموجات جفاف كبيرة جدا، تصل إلى انخفاض في مستوى الاقتصاد من 5 إلى 35%. الدول ذات الاقتصاد المتدني أو الضعيف هي في حالة شبه انهيار، فهي لن تستطيع أن تواكب التغيرات المناخية، حيث تعاني كثير من الدول حول العالم من تلف المزروعات وعدم توفر المياه للري. هذا يؤثر على زيادة جياع العالم، وأيضا على نقص المياه، ما يضع أكثر من 2 مليار إنسان تحت خط الفقر والجوع. من الناحية السياحية، حركة السياحة خفت في العالم، ويلاحظ أن بعض المواقع التي كان يزورها 3 مليون شخص سنويا لا يزورها اليوم أكثر من مليون شخص وربما يكون هذا العدد في تناقص. قلة الأمطار سببت عمليات جفاف أو تدهور في التربة، وبالتالي أصبحت كثير من الدول وخصوصًا في إفريقيا غير منتجة بعد أن كانت غابات وتنتج محاصيل نادرة يحتاجها العالم بأكمله. الحرائق التي نتجت بسبب ارتفاع درجات الحرارة في كل القارات أدت إلى استهلاك أشجار وغابات كانت تساعد في عمليات الإنتاج، وأيضا بعض الأشجار الحرجية التي تساعد في عمليات تخفيف درجات الحرارة.التغير المناخي يجعلك أكثر فقرا؟ يكون الموظفون أقل إنتاجية خلال الطقس الحار، حتى لو كانوا يعملون في الداخل، بينما يكافح الأطفال للتعلم في درجات الحرارة الشديدة، مما يؤدي إلى انخفاض الدخل طوال حياتهم، وهو ما يضر بالنمو الاقتصادي المستقبلي، وفقًا لموقع "ذا كونفرسيشن" الأسترالي.كما أشارت دراسة أخرى إلى أن تغير المناخ الناجم عن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الموجودة في الغلاف الجوي سيؤدي إلى تقليص الناتج المحلي الإجمالي العالمي في 2050 بحوالي 38 تريليون دولار، أي نحو 20%، بغضّ النظر عن قوة الجهود التي قد تبذلها البشرية لخفض التلوث الكربوني. وتقول الخبيرة الاقتصادية سمر عادل في حديث إلى منصة "المشهد" إن "التغير المناخي سيؤثر على الدول التي لديها اعتماد على الزراعة، وبالتالي ستتأثر الدول التي لديها اعتماد على المحاصيل". وتضيف "التغيرات المناخية تؤثر على موارد الطاقة، وشهدنا انقطاعًا للكهرباء في بعض الدول بسبب التغير المناخي، الأمر الذي يؤثر أيضًا على إنتاج المصانع، وعلى حجم العمالة، وحجم الإنتاج؛ وبالتالي التغير المناخي سيؤثر على الاقتصاد الكليّ من خلال زيادة عدد البطالة، وارتفاع معدلات الفقر".دول العالم الثالث متأثرة أكثر من غيرهاوترى عادل أن "تأثير التغير المناخي على الاقتصاد سيكون على المدى المتوسط والبعيد، لكن إذا واجهت القوى الكبرى التغير المناخي من الممكن أن يشهد العالم تغيرات اقتصادية عالية". وتشير إلى أن "هناك دول ستتأثر أكثر من غيرها، لكن بشكل عام الدول الفقيرة هي الأكثر تأثرًا، والأمر يعود إلى اعتماد كل دولة على قطاع معين، وبالتالي تأثر هذا القطاع بالتغير المناخي، لكن بشكل عام دول العالم الثالث هي التي ستتأثر بشكل أكبر". من جهته، يلفت الملاعبة إلى أن "الناتج القومي في معظم الدول في انهيار، على سبيل المثال بريطانيا الآن لديها نسبة فقر، ولديها أعداد كبيرة من الوافدين الذين ينتشرون في الشوارع وليس لهم فرص عمل، أما الدول العربية في الشرق الأوسط فالأوضاع فيها شبه كارثية".(المشهد )