وارن بافيت، من خلال شركته بيركشاير هاثاواي، عمد إلى تقليص حصصه في بعض أكبر المصارف الأميركية خلال الربع الأخير من عام 2024، حيث قام بتصفية مليارات الدولارات من أسهم بنك أوف أميركا وسيتي غروب.وكشفت وثائق تنظيمية أميركية، نُشرت يوم الجمعة، أن بيركشاير باعت ما يقرب من ثلاثة أرباع حصتها في سيتي غروب، متخلّصة من 40.6 مليون سهم تزيد قيمتها على 2.4 مليار دولار. كما واصلت المجموعة بيع أسهم بنك أوف أميركا، وهو استثمار يعود إلى أزمة 2008، عندما تدخل بافيت لدعم أحد أكبر المقرضين في البلاد.وعلى الرغم من امتلاك بيركشاير سابقًا حصة بلغت 13% في بنك أوف أميركا، وانتظارها استقرار القطاع المصرفي الأميركي بعد اضطرابات المصارف الإقليمية، إلا أنها بدأت في تقليص استثماراتها بدءًا من يوليو الماضي، حيث شرعت في تقليل حصتها بشكل ملحوظ، أحيانًا عبر تصفية الأسهم في جلسات تداول متتالية.وأظهرت الإفصاحات الأخيرة أن بيركشاير خفّضت ملكيتها في البنك بمقدار 95 مليون سهم منذ منتصف أكتوبر، عندما تراجعت حصتها عن عتبة 10% التي تستوجب الإفصاح. واستمر هذا الاتجاه خلال الأسابيع اللاحقة، لينخفض نصيب بيركشاير في بنك أوف أميركا إلى نحو 8.9%.إضافة إلى ذلك، قامت المجموعة التي تتخذ من أوماها مقرًا لها، بخفض استثماراتها في كابيتال وان، حيث باعت نحو خمس حصتها، متخلّصة من 1.7 مليون سهم في الشركة المتخصصة في بطاقات الائتمان.أمضى بافيت معظم عام 2024 في إعادة هيكلة محفظة بيركشاير الضخمة، متخليًا عن العديد من الاستثمارات، بما في ذلك أحد أكثر رهاناته ربحية: حصته في آبل.وأشارت الوثائق الصادرة يوم الجمعة إلى أن بافيت ونائبيه الاستثماريين لم يجدوا فرصًا مغرية كافية في السوق الأميركية، مفضلين بدلاً من ذلك العوائد التي توفرها سندات الخزانة الأميركية، والتي عززت أرباح بيركشاير.وفي الربع الأخير من العام، أقدمت الشركة على شراء أسهم جديدة بقيمة 1.2 مليار دولار في شركة كونستيليشن براندز، المصنعة لبيرة موديلو، لكن لم يتضح ما إذا كان بافيت شخصيًا هو من اتخذ هذا القرار، أم أنه كان من نصيب أحد نائبيه، تود كومبس أو تيد ويشسلر، اللذين يديران جزءًا من محفظة الأسهم البالغة 272 مليار دولار.الابتعاد عن البنوك الأميركيةوتأتي خطوة بافيت بالابتعاد عن أسهم المصارف في وقت يتزايد فيه التفاؤل بشأن القطاع المالي، مدفوعًا جزئيًا بوعود الرئيس دونالد ترامب بتخفيف القيود التنظيمية. وقد ارتفعت أسهم البنوك الكبرى بنحو 40% العام الماضي، وفقًا لمؤشر "كي بي دبليو" للبنوك.يُذكر أن بافيت دخل بثقل إلى بنك أوف أميركا عام 2011، عندما ضخ 5 مليارات دولار في البنك الذي كان لا يزال يعاني من تداعيات استحواذه على شركة "كونتري وايد" للرهن العقاري، وصفقة إنقاذ "ميريل لينش"، وهي تحركات كلّفته خسائر ضخمة. كان ذلك الاستثمار بمثابة تصويت ثقة في الرئيس التنفيذي الجديد آنذاك، بريان موينيهان، الذي لم يكن قد أثبت بعد قدرته على قيادة البنك. وقد علّق بافيت في عام 2022 قائلاً: "شهد القطاع المصرفي الكثير من المغامرين الماليين، لكن موينيهان ليس من بينهم". لكن، خلال الجائحة، قررت إدارة البنك استثمار جزء كبير من أمواله في سندات الخزانة طويلة الأجل لتعزيز العائدات، وهو قرار انعكس سلبًا عندما بدأ الاحتياطي الفيدرالي في رفع أسعار الفائدة بشكل حاد عامي 2022 و2023. وقد ترك هذا الاستثمار بنك أوف أميركا بحوزة مئات المليارات من الدولارات من السندات منخفضة العائد، التي لن تستحق قبل عام 2026 أو ما بعده، ما قيد قدرته على إعادة توظيف الأموال في استثمارات ذات عائد أعلى، وجعل عوائده تتراجع مقارنة بمنافسيه. أما بالنسبة إلى سيتي غروب، فإن استثمار بيركشاير البالغ 3 مليارات دولار في عام 2022 لم يُحدث الأثر ذاته الذي أحدثه في بنك أوف أميركا. وكانت الرئيسة التنفيذية لسيتي، جين فريزر، قد كشفت عن خطة إعادة هيكلة واسعة في أواخر 2023، بعدما تأخر البنك عن منافسيه لسنوات. وفي مطلع العام الماضي، نقلت فريزر لكبار التنفيذيين أن بافيت أبدى حماسه تجاه خطتها. وقد أحرز سيتي تقدمًا في خفض التكاليف خلال عام 2024، حيث تراجعت نفقاته التشغيلية بنسبة 4% مقارنة بالعام السابق، بما في ذلك خفض بنسبة 2% في تعويضات الموظفين والمزايا. أما معدل العائد على حقوق المساهمين الملموسة، وهو مقياس للربحية، فقد بلغ 7% عام 2024، مقارنة بـ 4.9% عام 2023، لكنه لا يزال أدنى من منافسيه الرئيسيين. وكان البنك قد استهدف تحقيق نسبة 11 إلى 12% بحلول نهاية 2026، لكنه خفّض هذا النطاق إلى 10 إلى 11% في يناير الماضي.(ترجمات)