تعجب مدير مصنع صيني يُدعى "تشين" وهو يشاهد عمّاله الروس يحتفلون في وقت متأخر في حانة كاريوكي في مدينة ونتشو بشرق الصين مؤخرًا، وذلك بسبب قدرتهم على الاحتفال بعد يوم عمل شاق، إذ لاحظ أنهم يشعرون بالبهجة لأن منتجات تشين، وهي صمامات صناعية تُستخدم بشكل رئيسي في النفط والتعدين، كانت تقدم بديلاً منخفض التكلفة للعلامات التجارية الأوروبية التي كانوا يستخدمونها قبل الحرب الأوكرانية، بحسب صحيفة "فايننشل تايمز".يقول تشين "لقد كانوا يغنون ويرقصون حتى منتصف الليل ولم يرغبوا في المغادرة".وبعد أن مُنعوا من اللجوء إلى مورديهم الأوروبيين التقليديين بسبب العقوبات الغربية في أعقاب الحرب الروسية-الأوكرانية عام 2022، لجأت الشركات الروسية إلى الصين لسد هذه الفجوة وإيجاد حلول لهذه المشكلة.اللقاء المنتظروفي هذا السياق، من المقرر أن يلتقي الرئيس بوتين بالرئيس الصيني شي جين بينغ في بكين يومي الخميس والجمعة المقبلين، حيث ستتم مناقشة "الصداقة" التي تم الإعلان عنها بشكل متكرر بين الزعيمين، وستكون زيارة بوتين الرسمية هي اللقاء الـ43 له مع شي جين. وتشهد العلاقات الاقتصادية بين الجانبين ازدهارًا كبيرًا، لكنها تواجه في الوقت نفسه ضغوطًا واضحة بسبب العقوبات الغربية، والتي من المتوقع أن تأخذ حيزًا كبيرًا في المحادثات. وبلغت قيمة التجارة الثنائية 240 مليار دولار العام الماضي، بزيادة 26% مقارنة بالعام السابق، وفقًا للجمارك الصينية، حيث تقوم الصين بشحن بضائع مثل السيارات والآلات الصناعية والهواتف الذكية، وشراء صادرات الطاقة الروسية بمليارات الدولارات. ويقول مسؤولون صينيون إنّ الصين لا تزود روسيا بأسلحة فتاكة، مع أنها برزت كمورّد أساسي للصناعات الدفاعية الروسية، ما دفع وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن ووزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين، إلى تحذير بكين من العواقب السلبية إذا دعمت شركاتها المجهود الحربي للكرملين. وفي سياق متصل، تقول إيلينا ريباكوفا، وهي عضو في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، "إنّ الصين هي أهم شريك لروسيا الآن، حيث تشتري سلعها وتورّد لها السلع، بما في ذلك المواد المستخدمة في ساحة المعركة".سياسة التمكين الاقتصاديويؤكد محللون اقتصاديون أنّ العلاقات الاقتصادية المزدهرة بين الطرفين، هي واحدة من أوضح الدلائل على رغبة الصين في إعادة تشكيل الجغرافيا السياسية العالمية باتجاهها، من خلال التجارة، وعلى حساب الولايات المتحدة. ويزعم ثاني أكبر اقتصاد في العالم أنه أكبر شريك تجاري لـ 120 دولة، حيث تتعامل الصين مع معظم الدول بغضّ النظر عن سياساتها، وهذا يمنحها دورًا متزايدًا كعامل تمكين اقتصادي لمجموعة كبيرة من الدول، بما في ذلك تلك الدول المعادية للغرب بقيادة الولايات المتحدة، مثل روسيا وبيلاروسيا وإيران وكوريا الشمالية وفنزويلا. ويقول فيليب إيفانوف مؤسس برنامج الصين-روسيا في مركز تحليل الصين التابع لمعهد آسيا سوسايتي للسياسات، إنّ "الصين لا تبدي أي اهتمام بطبيعة الأنظمة السياسية وحقوق الإنسان، لبعض شركائها في جنوب العالم، مثل روسيا وإيران وفنزويلا". ويضيف أنّ بكين تتوقع منافسة ومواجهة طويلة الأمد مع الغرب، الأمر الذي يجعلها تستثمر في علاقاتها الاقتصادية مع الدول غير الغربية حول العالم.(ترجمات)