تدخل مصر عام 2024 مُحملة بتحديّات اقتصادية كبيرة من السنوات الماضية، فرضتها عليها الظروف الدولية والإقليمية المُحيطة، بسبب تداعيات جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية وفي الأخير، حرب غزة.ومنذ عام 2016، بدأت مصر برنامج إصلاح اقتصادي بهدف معالجة الاختلالات في السياسات النقديّة والمالية، فضلًا عن تحسين مُناخ الاستثمار، وذلك بالتعاون مع صندوق النقد الدولي والشركاء الدوليين.رحلة الجنيه أمام الدولارواضطرت الحكومة المصرية إلى خفض قيمة عملتها المحلية، أمام الدولار 4 مرات منذ بدء برنامج الإصلاح الاقتصادي، وذلك بهدف تحسين أدائها الاقتصادي وجذب الاستثمارات الأجنبية، وهي كالتالي:نوفمبر 2016 تم تخفيض قيمة الجنيه من 8.88 جنيهًا للدولار إلى 15.7 جنيهًا للدولار.مارس 2022 من 15.7 جنيهًا للدولار إلى 19.7 جنيهًا للدولار.أكتوبر 2022 من 19.7 جنيهًا للدولار إلى 24.7 جنيهًا للدولاريناير 2023 من 24.7 جنيهًا للدولار إلى 31 جنيهًا للدولار. وبحسب خبراء تحدّثوا لمنصة "المشهد"، فإنّ الحرب الروسية الأوكرانية، فاقمت من أزمة مصر الاقتصادية والتي كانت تعاني في الأساس بسبب التداعيات السلبية لجائحة كورونا.ارتفاع قياسي لمعدلات التضخموتواجه مصر أزمة شح في توفّر الدولار الأميركي، والذي تعتمد عليه بشكل رئيسي في تدبير حاجاتها من السلع الغذائية، ومستلزمات الإنتاج والتصنيع. وخلال عام 2023، وصلت معدلات التضخم في مصر إلى مستويات قياسية، إذ بلغت وفق آخر إحصائية إلى 36% على أساس سنوي، مُقابل 15% خلال عام 2022.وشهدت الأسواق المصرية، ارتفاعات كبيرة في أسعار السلع الغذائية خلال العامين الماضيين، في الوقت ذاته قامت الدولة المصرية بتوسيع شرائح الدعم والبرامج الحمائية للفئات الأكثر تضررًا من الأزمة الاقتصادية.وللسيطرة على مُعدلات التضخم، قام البنك المركزي المصري، برفع سعر الفائدة بنسبة 11% من مارس 2022 وحتى أغسطس 2023، فيما قرّر في اجتماعه الأخير، يوم 21 ديسمبر الجاري، الإبقاء على سعر الإيداع عند 19.25% والإقراض عند 20.25% كما تم الإبقاء على سعر الإيداع والخصم عند مستوى 19.75%.4 تحديات أمام الاقتصاد المصريّووفقًا لخبراء اقتصاد، فإنّ مصر تواجه تحديات عدة خلال عام 2024 وعلى رأسها السيطرة على معدلات التضخم وتوفير العملة الصعبة، فضلًا عن توفير مناخ استثماري يسمح بجذب رؤوس الأموال الأجنبية للاستثمار في مصر.وقال الخبير الاقتصادي المصريّ، الدكتور مصطفى بدرة، إنّ مصر تدخل عام 2024 بتحديات مستمرة معها من السنوات الماضية ومُنعكسة عليها خارجيًا بسبب التوترات التي يشهدها العالم.وأوضح في حديث لـ"المشهد"، أنّ مصر تواجه 4 تحديات خلال العام المُقبل وهم:السيطرة على معدلات التضخم التي أدت إلى زيادة كبيرة في أسعار السلع الغذائية وانعكاس ذلك على مستوى معيشة المواطنين.سعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار.مفاوضات صندوق النقد الدولي وإلى أي اتجاه تسير تلك المفاوضات وهل سيتفهم الصندوق الوضع الاقتصادي في مصر.الظروف الإقليمية المحيطة مثل حرب روسيا وأوكرانيا وأخيرًا الحرب على غزة.وأشار الخبير الاقتصادي المصريّ، إلى أنّ التحديات الناتجة عن الظروف الدولية المُحيطة أدت إلى تفاقم أزمة مصر الاقتصادية بشكل كبير، لافتًا إلى أنّ الاستقرار الدولي سيسهم في السيطرة على معدلات التضخم في مصر.وأكد بدرة، ضرورة أنّ تقوم مصر بتهيئة المناخ العام للاستثمار الخارجي، باعتباره أحد عوامل حل الأزمة الاقتصادية لأن مصر تعاني ندرة في توافر العملة الصعبة، متابعًا: "مصر الآن على اعتاب الانضمام لمجموعة البريكس وهو ما يزيد من فرص التبادل التجاري بالعملات المحلية بين الدول الأعضاء".وأوضح أنّ تقليل الطلب على الدولار في مصر سيسهم إلى حد كبير في خروج مصر من أزمتها الاقتصادية، مُضيفًا: "توفير مناخ استثماري لأصحاب المشروعات المتوسطة والصغيرة من الأمور المهمة لمصر لأن ذلك سيؤدي إلى زيادة الإنتاج المحلي وتوفير فرص عمل للشباب". الوضع الاقتصادي يتأثر بالاستقرار السياسي واتفق الخبير الاقتصادي المصريّ، الدكتور علي مسعود، مع طرح الدكتور مصطفى بدرة، حول التحديات التي تواجه مصر خلال العام المقبل، لافتًا إلى أنّ الجنيه المصري يخضع لمضاربات شرسة من الخارج.وقال في حديث لـ"المشهد"، إنّ هناك جماعات تقوم بجمع الدولار من المصريين المقيمين في الخارج لمنع دخوله إلى مصر وهو ما خلق سوقا موازية يتم تداول الدولار فيها بأسعار مبالغ فيها عن قيمته الحقيقية، مؤكدًا ضرورة ألا تتجه مصر إلى تحرير سعر صرف الجنيه أمام الدولار قبل منتصف العام المقبل.وأوضح مسعود، أنّ هناك عوامل خارجية تؤثر بشكل كبير على أداء الاقتصاد المصري، مثل الحرب في غزة ومن قبلها الحرب الروسية – الأوكرانية، لافتًا إلى أن اضطراب حركة الملاحة في البحر الأحمر سيؤثر أيضًا على حركة الملاحة في قناة السويس والتي تعتمد عليها مصر في توفير الدولار.وأشار إلى أنّ الوضع الاقتصادي مرتبط بشكل أساسي بالاستقرار السياسي.ورأى الخبير الاقتصادي المصريّ، أنّ البنك المركزي المصري يقوم بدور جيد في السيطرة على معدلات التضخم، لافتًا إلى أنّ الاتجاه لتحرير سعر الصرف في الربع الأول من العام الجاري سيؤدي إلى زيادة كبيرة في أسعار السلع الغذائية.توفير مناخ استثماري جاذبمن جانبه، استبعد الخبير الاقتصادي المصريّ، الدكتور السيد خضر، أنّ تتجه مصر إلى تحريك سعر صرف الجنيه أمام الدولار لأن ذلك سينعكس بشكل كبير على أسعار السلع الغذائية.وأوضح خضر، في حديث لـ"المشهد"، أنّ مصر نفذّت برنامج إصلاح اقتصادي منذ عام 2016 وكانت نتائجه إيجابية إلى أن جاءت جائحة كورونا ثم الحرب الروسية وأثّرت سلبًا على الاقتصاد المصري.واتفق خضر مع الطرح السابق حول أهمية تحفيز مُناخ الاستثمار خصوصا لأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة، فضلًا عن تقديم مُحفزّات للاستثمارات الأجنبية المباشرة.وقال إنّ مصر قامت باستثمارات ضخمة في مجال البنية التحتية وتهيئة المناخ لجذب الاستثمارات الأجنبية، لافتًا إلى ضرورة ضبط السياسات المالية من أجل استقرار أسعار السلع الغذائية لأن المواطن لن يتحمل مزيدا من الضغوط.(المشهد)