بات شهر رمضان المبارك يشكّل شهر خير على تجار الأردن أكثر منه على المواطنين، الذين يعانون من ارتفاعا هائل على أسعار المواد التموينية الرئيسية في ظل عجز حكومي عن كبح هذه الأزمة.ويقول المهندس أحمد مرعي لمنصة "المشهد" إن الزيادات الكبيرة في رمضان 2023 "لم نشهدها من قبل، كل شيء أصبح سعره مرتفعا. الزيت والخيار والدجاج وكل شيء". ومرعي (39 عاما) متزوج ويقيم في مناطق جنوب العاصمة عمّان، ويعمل في مجال الهندسة البرمجية، يعتبر نفسه محظوظا نوعا ما لأنه يعمل في شركة خاصة ولديه طفلة واحدة فقط. ويقول إن "رمضان الخير بات خيرا على طبقة محدّدة من الأردنيين"، متسائلا "أين هي الحكومة عما يجري في الأردن من غلاء للأسعار واعتداء على الأمن الغذائي فيه؟". ويضيف "باتت سفرة رمضان هذا العام مختلفة عن باقي الأعوام، وأنت تحتاج إلى 50 دينارا على الأقل لشراء حاجيات أسرة مكونة من زوجين لمدة أسبوع. كلما زاد العدد كلما تضاعفت أرقام المصاريف".وسجّل الأردن نسبة تضخم بلغت 4.2% في فبراير 2023 على أساس سنوي و0.69% على أساس شهري.فشل حكومي الكثيرون في الأردن أصبحوا يشكون من الوضع المعيشي الصعب، خصوصا وأنهم يعلمون أن شهر رمضان ينتهي بعيد له حاجياته ومصاريفه وتقاليده، في ظل أسعار مرتفعة مع انخفاض المداخيل. وقال المحلل الاقتصادي وأستاذ الاقتصاد في جامعة اليرموك الدكتور قاسم الحموري لمنصة "المشهد" إن الأوضاع الاقتصادية كانت صعبة في الأردن من قبل مرحلة جائحة كورونا ومعدل النمو المتباطئ الذي لا يتجاوز 2% جعل الأوضاع المعيشية في المملكة تتراجع بشكل كبير. وأضاف أن الحكومة، في رمضان تحديدا، فشلت في ضبط الأسعار لأن "الجسم التجاري برأيي أقوى من الحكومة وله نفوذ أكبر نظرا لتغلغله في اتخاذ القرار". وأوضح الحموري الذي شغل في وقت سابق منصب أمين عام غرفة تجارة الأردن "هامش الربح للتجار عال جدا بدليل أن الأسعار عندنا أعلى من الدول الأخرى التي تستورد بضاعتها من نفس المصدر الذي نستورد منه نحن"، لافتا إلى أن هامش ربح التجار في الأردن أعلى من ربح التجار في الدول المجاورة. واعتبر أن الأدوية تُباع في الأردن بنسب أعلى من الدول الأخرى كما أن هامش الفائدة للدائن والمدين في المملكة أعلى وكل هذه العوامل تُرهق كاهل المستهلك وتجعل من وضعه المعيشي صعبا في ظل غياب زيادات بالرواتب في آخر عامين اثنين ونمو اقتصادي أقل من النمو السكاني. وحلّ الاثنين اليوم 12 من رمضان من دون ملاحظة انخفاض الأسعار، قال الحموري إن السبب يعود لبعض العادات والتقاليد العربيـة والإسلامية "فعامل الطلب يرتفع على الغذاء بشكل عام ويرفع الأسعار والعامل الثاني هو عامل العرض الذي يتحكم فيه التجار من خلال ضبط المخزون وعدم عرض البضاعة بأكملها حيث يقل العرض فيرتفع السعر وهذا الارتفاع يعد كبيرا وغير قابل للمعالجة بسهولة". وشدد على ضرورة أن تتدخل الحكومة عبر المؤسسات العسكرية والمدنية بأن تطرح بضائع بأسعار اقل من التجار وتضغط على الأسعار للأسفل وتخفّف على المواطنين، منوها أن الحكومة تقوم بذلك على استحياء". وأكد الحموري ضرورة السعي لأن يكون للتكافل الاجتماعي هو المسيطر على الوضع في رمضان ونشر الوعي وثقافة التعاضد ومساعدة الطبقة الغنية للطبقة الفقيرة حتى يحل الأمن والأمان في جميع الطبقات للحد من الآثار السلبية. دعوات للمقاطعة الجمعية الوطنية لحماية المستهلك في الأردن، طالبت الأردنيين إلى مقاطعة شراء واستهلاك السلع مرتفعة الثمن بسبب المغالاة في أسعارها من قبل بعض التجار الذين يستغلون حاجة المواطنين إليها في رمضان. واعتبر رئيس الجمعية الدكتور محمد عبيدات أن ضعف الرقابة ورفض الجهات الرسمية السماح بالاستيراد لسد النقص الحاصل لبعض السلع مثل مادتي الموز والليمون أدى بوصول سعر بيعهم إلى دينار وربع ودينار ونصف (1 دينار = 1.41 دولار). وقال: "تلقينا منذ بداية الشهر الفضيل مئات الشكاوى من المواطنين من كافة محافظات المملكة حول الارتفاعات المتتالية التي شهدتها أسعار السلع الأساسية وخاصة الخضار والدجاج واللحوم الحمراء بسبب استغلال بعض التجار من جهة وبسبب التهافت على الشراء بكميات زائدة عن حاجتهم لهذه السلع مما ساهم في ارتفاع أسعارها من جهة أخرى". وأضاف: "لم تتخذ الجهات الرسمية ذات العلاقة أي إجراءت من شأنها التخفيف على المواطنين ووضع حد للتجار ضعيفي الأنفس". وأكد عبيدات أن ارتفاع أسعار السلع الأساسية أصبحت تشكّل الآن عبئا ثقيلا على كاهل الطبقتين الوسطى والفقيرة نتيجة لضعف القوة الشرائية لدى هاتين الطبقتين بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشونها نتيجة للارتفاعات المتتالية على أسعار السلع مع بقاء الأجور والرواتب التي يحصلون عليها ثابتة منذ أعوام عدة. وناشد ربات البيوت إلى ترشيد الاستهلاك والشراء بعقلانية وعدم الشراء إلا للمتطلبات الضرورية التي تحتاجها الأسرة واختيار الأوقات المناسبة للتبضع والانتباه جيدا إلى العروض المقدمة على بعض السلع من حيث تاريخ الانتهاء والصلاحية والسعر وحجم وكمية هذه المواد. ولفت عبيدات إلى أن الشراء بعقلانية ومقاطعة شراء السلع المرتفعة هو أ فضل طريقة للدفاع عن جقهم بعيش حياة كريمة وللرد على المحتكرين الذين يستغلون حاجتهم. كما ناشد عبيدات أرباب وربات البيوت في الضواحي والقرى والمخيمات والبوادي وكل من يمتلك مساحة يمكن استغلاها والاستفادة منها في زراعة أشجار الليمون أو زراعة الطماطم والباميا والبازيلا والورقيات كالخس والنعنع والبقدونس وغيرها من الأشجار التي يمكن أن تساهم في التخفيف من فاتورة الشراء المنزلية. ما دور الحكومة؟ وتقوم كوادر التفتيش في وزارة الصناعة والتجارة في الأردن بحملات على المحال التجارية منذ بداية شهر رمضان، حيث حرّرت 48 مخالفة بعدم الالتزام بالسقوف السعرية للدجاج. وقالت الوزارة في بيان الاثنين إنّ ذلك جاء خلال 300 جولة نفذتها كوادر التفتيش وأفضت إلى ضبط 264 مخالفة في نحو 5 آلاف منشأة. وشهدت الأيام الماضية شكاوى عديدة من مواطنين بعدم التزام منشآت تجارية بالسقوف السعرية للدجاج. وكانت وزارة الصناعة والتجارة والتموين حددت سقوفا سعرية للدجاج الطازج بواقع دينارين للكيلو وللنتافات 165 قرشا للكيلو. وشددت الوزارة على أنها ستواصل عمليات الرقابة المكثفة على الأسواق وأنها ستقوم بتحديد سقوف سعرية لأي سلعة أساسية ترتفع أسعارها بدون مبرر.(المشهد)