من المتوقع أن يبذل الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان والمعروف بنهجه الإصلاحي، جهودًا لتحسين علاقات إيران مع الخارج وتنفيذ وعوده الانتخابية التي قطعها، لكن، يظل ضعف صلاحياته عائقًا أمام إحداث أثر حقيقيّ.وُلد بزشكيان في مدينة مهاباد في عام 1954، وكان يشغل منصب وزير الصحة خلال فترة حكم محمد خاتمي بين عامي 2001 و2005، وهو أحد أعضاء التيار الإصلاحي في إيران، وله مواقف مخالفة للسلطة خصوصًا في قضية الشابة "مهسا أميني" وعلاقة إيران مع الغرب.وعود اقتصاديةوركّزت وعوده الانتخابية على بناء نظام اقتصاديّ شفاف والتركيز على العدالة الاجتماعية والتنمية المتوازنة، إلى جانب وعود بإصلاحات هيكلية شاملة.لكن الخبير الاقتصادي كريم العمدة قال إنّ رئيس إيران صلاحياته محدودة، لذلك احتماليّة تحسين علاقات بلاده مع الغرب بما يسمح باستفادة أكبر من تصدير النفط وتخفيف مخاطر تصديره ضعيفة.ويرى العمدة في حديث مع منصة "المشهد" أن وجود رئيس إصلاحيّ إيجابيّ بصفة عامة وسيعمل على تقليص الصراعات والاحتكاكات مع الغرب.وبحسب تحليل لمنصة "إيران إنترناشيونال" فإن إيرادات إيران من النفط بالأسعار الحالية كان يجب أن تتجاوز 14.5 مليار دولار لكنها تسجل 12.5 مليار دولار فقط، وأن الفارق هو سعر الخصم الذي تقدمه البلاد لضمان تحمل المشترين للمخاطر الأعلى جراء العقوبات.وتشير الإحصاءات الجمركية الإيرانية أيضًا إلى زيادة إيرادات النفط بنسبة 34.8% على أساس سنوي إلى 12 مليار دولار خلال الأشهر الـ3 الأولى من السنة المالية الإيرانية الحالية التي بدأت في 21 مارس.ويقوم رئيس الجمهورية في إيران بمتابعة الشؤون اليومية للحكومة، وتنفيذ السياسات التي يضعها المرشد الأعلى، حالياً علي خامنئي، الذي يملك سلطة كبيرة في إدارة البلاد والقوات العسكرية.وبوسع الرئيس تعيين وزراء الحكومة وإدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية، إضافة إلى تقديم مشاريع القوانين للبرلمان للنظر فيها والمصادقة عليها، لكن مجلس صيانة الدستور، الذي يتألف من أنصار المرشد الأعلى، هو من ينظر فيها.وبشكل أساسي، يعتمد اقتصاد إيران على النفط والغاز، وقد كان هذا القطاع محرك النمو في العام المالي 2023/2024 وساعد في عودة معدلات التوظيف إلى مستويات ما قبل الجائحة، وفقًا لتقرير توقعات الفقر الصادر عن البنك الدولي.وأكد التقرير أن التحديات الهيكلية، التي تضعها العقوبات وتصاعد الخلافات الجيوسياسية وتأثيرات التغير المناخي، تمارس ضغطًا على الآفاق الاقتصادية طويلة الأجل في البلاد."غير مؤثر في أسعار النفط"ويرى العمدة أن التأثير على النفط العالمي ضعيف ما لم ينجح الرئيس الجديد في إحياء الاتفاق النووي وزيادة تدفق النفط الإيراني بما يضغط على الأسعار.وذكر أنه في مسألة العقوبات فإن رئيس أميركا المقبل سيكون له تأثير أيضًا، لكن حال رفعها فإن أيضًا قدرة إيران على زيادة الإنتاج إلى أكثر من 4 ملايين برميل يوميًا كما تستهدف ستكون أكبر في ظل أن ذلك سيتيح لها تحسين صيانة الآبار وخفض تكاليف الإنتاج.وقال إنه حال زيادة إيران للإنتاج والتصدير سيعزز ذلك استقرار الأسواق خصوصًا في مرحلة خفض الفائدة التي من المتوقع أن تُحفز الطلب.وسعت الولايات المتحدة إلى تقليص صادرات النفط الإيرانية منذ خروج الرئيس دونالد ترامب من اتفاقية النووي مع إيران عام 2015 وإعادة فرض العقوبات بهدف خفض إيرادات إيران. وخلال فترة حكم ترامب، تباطأت صادرات النفط الإيراني إلى حد شبه الوقف. لكنها ارتفعت خلال فترة رئاسة جو بايدن، حيث يقول المحللون إن العقوبات تم فرضها بشكل أقل صرامة، ونجحت إيران في تفاديها، وأصبحت الصين مشتريًا رئيسيًا.ونجحت إيران في زيادة صادراتها من النفط الخام والمكثفات إلى 1.7 مليون برميل يوميًا في شهر مايو، وهو أعلى مستوى تم رصده خلال أكثر من خمس سنوات، بحسب شركة فورتكسا للتحليلات النفطية.وتسهم زيادة إنتاجها من النفط الخام، والطلب المتزايد من الصين، وزيادة صافي حجم أسطولها السري في تيسير زيادة صادراتها.ووصلت صادرات النفط والمكثفات الغازية للبلاد إلى 1.56 مليون برميل يوميًا في الأشهر الخمسة الأولى من عام 2024، بحسب "فورتكسا".تحسين صورة طهرانمن جانبه، قال الخبير الاقتصادي رشاد عبده إن فوز الرئيس الإيراني المعروف بخلفيته الإصلاحية، هو أحد معالم صورة تتصدر المشهد في العالم كله يعبر فيها الشعب الإيراني عن رغبته في تحسين أوضاعه المعيشية.وأضاف "الشعب قال كلمته ويريد للتضخم أن ينخفض وأن ينفكّ تجميد الأموال وتُزال القيود عن الصادرات للغرب وأن تتحسن العلاقات معهم".وأشار إلى أنّ الرئيس بوسعه تحسين العلاقات مع الغرب "إذا رغبت الدول الغربية في ذلك ولم تتأثر بالعلاقة المتوترة بين إسرائيل وإيران".وأشار إلى أنّه حال نجاح الرئيس في إحياء البرنامج النووي ستكون هناك زيادة بالتأكيد في المعروض من النفط وقد يضغط على الأسعار لكن يجب "ألاّ ننسى أنّ إيران عضو في تحالف أوبك+ الذي يضم كبار المنتجين ولديه قدرة فائقة على ضبط الأسعار".(المشهد)