لا يزال مصطلح البرجوازية يُشكل جدلا واسعا في مفهومه الاجتماعي والسياسي والفلسفي، حتى بعد قرون من ظهوره للمرة الأولى في العصور الوسطى.إذا وصفت أحدهم بأنه "برجوازي" قد تكون ردة فعله غير متوقعة، ساخرة، وفورية. فعلى الرغم من أن البرجوازية كانت كلمة يفخر بها أصحابها الذين أقاموا ثورات ضد السلطات الحاكمة، وتمكنوا من تغيير واقع الحياة الاجتماعية، إلا أن هذه الكلمة أصبحت الآن مصدر إزعاج حقيقي.. ولكن لماذا؟تعريف البرجوازيةيشير مصطلح البرجوازية إلى النظام الاجتماعي الذي يهيمن عليه ما يعرف بالطبقة الوسطى، ويعود المعنى الأصلي للبرجوازية إلى الكلمة الفرنسية بورج bourg، والتي تعني مدينة صغيرة أو مستوطنة مسورة.ترتبط البرجوازية في أوروبا بمعناها الأصلي ارتباطا وثيقا بوجود المدن، لذلك لم تكن هناك برجوازية دون مواطني المدن، إذ كان يخضع الفلاحون الريفيون لنظام قانوني مختلف، بينما كانت طبقة النبلاء تسيطر على المجتمع.تشكلت فكرة البرجوازية إلى حد كبير من قلب أفكار الفيلسوف الألماني كارل ماركس (1818-1883) والمفكرين الذين تأثروا به مثل چان باپتيست پوكلان "موليير" (1622-1673) الذي سخر منها في كتاباته، وانتقدها الكتاب الطليعيون أو رواد الفن المتجدد، مثل الكاتب المسرحي النرويجي هنريك إبسن (1828–1906).وبحسب ماركس، فإن البرجوازية هي الطبقة الاجتماعية المنتجة، التي تتمثل اهتماماتها المجتمعية في الملكية الخاصة، والحفاظ على رأس المال، لضمان استمرار تفوقها الاقتصادي في المجتمع على حساب الطبقات الأدنى.تاريخ البرجوازيةبالعودة إلى العصور الوسطى، كان الناس الذين عاشوا في هذه البلدات الريفية يُعرفون بالبرجوازيين. نظرا لأن سكان المدينة كانوا يسبقون الفلاحين الزراعيين بخطوة اقتصادية واحدة، وكانت البرجوازية هي الطبقة الوسطى الأولى في المجتمع.إلا أن البرجوازية كظاهرة تاريخية وسياسية قد تجلّت في القرن الـ11، عندما تطورت بعض المناطق وسط وغرب أوروبا إلى مدن مخصصة للتجارة والأعمال، ما دفع إلى انتعاش الاقتصاد.ويعود الفضل بهذا التوسع الحضري إلى التركيز الاقتصادي، بسبب ظهور التنظيم الذاتي في النقابات التي نشأت عندما تنازع رجال الأعمال الفرديون (مثل الحرفيين، والتجار، ورجال الأعمال) مع أصحاب العقارات الإقطاعيين الباحثين عن الرَيْعُ، والذين طالبوا بإيجارات أكبر مما تم الاتفاق عليه مسبقا.وبحلول نهاية العصور الوسطى (1500 بعد الميلاد)، وفي ظل أنظمة الملكيات المبكرة لأوروبا الغربية، وتسارع نمو صناعات الرأسمالية، بدأت الطبقة البرجوازية تتصرف لمصلحتها الخاصة، ودعمت السلطة الحاكمة سياسيا ضد الفوضى القانونية والمالية التي سببها جشع اللوردات الإقطاعيين من طبقة النبلاء.وفي أواخر القرن الـ16 وأوائل القرن الـ17، أصبح برجوازيو إنكلترا وهولندا يشكلون القوى المالية السياسية التي أطاحت بالنظام الإقطاعي الذي كان يحكمه النبلاء الأرستقراطيون. ما يعني أن القوة الاقتصادية تفوقت على نظيرتها العسكرية في ذلك الوقت، وسُميت هذه الحقبة "العصر الذهبي للبرجوازية الأوروبية".المفهوم الماركسي للبرجوازيةوفيما يتعلق بالملكية، هناك ثلاث طبقات كبيرة من المجتمع بحسب كارل ماركس، وهي:البرجوازيون: يمتلكون وسائل الإنتاج مثل الآلات ومباني المصانع، ومصدر دخلهم هو الربح.الإقطاعيون: ملاك الأراضي، ومصدر دخلهم من الريع.البروليتاريون: العمال الحرفيين الذين يمتلكون عملهم ويبيعونه مقابل أجر.ووفقا لوجهة النظر الماركسية للتاريخ البرجوازي، كانت هذه الفئة خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر، هي الطبقة الاجتماعية التقدمية سياسيا التي أيدت مبادئ الحكومة الدستورية والحق الطبيعي للإنسان، ضد قانون الامتيازات والعنصرية وادعاءات الحكم بالحق الإلهي، الذي كان النبلاء والأساقفة يمارسونه على عامة الشعب بشكل مستقل، خلال النظام الإقطاعي (النظام الذي يعتمد على العلاقة الاقتصادية الزراعية).ومع بدء الحروب الأهلية الإنكليزية (1642-1651)، ثم الأمريكية (1775-1783)، فالفرنسية (1789-1799)، تضاعفت رغبة الطبقة البرجوازية التي تمتلك وسائل الإنتاج في التخلص من التعديات الإقطاعية للأرستقراطيين، والملكية على كافة شؤون حياتهم.ومع بداية القرن التاسع عشر، تمكن البرجوازيون الليبراليون من اكتساب الحقوق السياسية والدينية والحريات المدنية لأنفسهم، وللطبقات الاجتماعية الأدنى. وهكذا باتت البرجوازية قوة فلسفية وسياسية تقدمية في المجتمعات الغربية.إلا أن البرجوازيون لم يتمكنوا من البقاء طويلا على هذا النحو، فبحلول منتصف القرن التاسع عشر، أدى التوسع الكبير لهذه الطبقة وسيطرتها على الطبقات الأخرى في المجتمع، إلى تقسيمها لفئات عدة استنادا إلى النشاط التجاري والوظيفة الاقتصادية.أسباب ظهور الطبقة البرجوازيةهناك العديد من الأسباب التي ساهمت في ظهور الطبقة البرجوازية، منذ القرن الخامس عشر وحتى صعودها في القرن التاسع عشر، ومن بين أبرز تلك الأسباب:المشاكل الاقتصادية: ظهرت أزمات اقتصادية بعد نمو القطاع الصناعي، إثر اكتشافات المواقع الجغرافية الجديدة، والانتقال إلى الصناعات الكبرى، ما أثر كثيرا على الطبقة العاملة وأصحاب الأراضي الذين كانوا يعتمدون على التبادلات العينية والتجارية.المشاكل السياسية: شملت خلافات الطوائف الدينية فيما بينها (الكاثوليكية والبروتستانتية.. وغيرها)، وخلافات مع السلطات الحاكمة، ما أثار طبقة العمال والطبقات الوسطى للخروج والمطالبة بحقوقهم.المشاكل الاجتماعية: عندما تزايدت الأزمات السياسية والاقتصادية أدى ذلك بطبيعة الحال إلى ثورات بين الفلاحين والعمال وأصحاب الطبقة الدنيا والوسطى، وبدأوا في هجرة أراضيهم الريفية نحو المدن، وهو ما ساهم في تبلور الطبقات الاجتماعية.التطور الفكر الثقافي: مع ظهور الأزمات السياسية والدينية والاجتماعية والاقتصادية بدأ العديد من المفكرين والفنانين والفلاسفة بنشر ثقافاتهم وأفكارهم.ما هي أنواع البرجوازية؟البرجوازية الكبيرة أو الوسطى: تتكون من المصرفيين والصناعيين وملاك رؤوس الأموال الصغيرة.البرجوازية الصغيرة: تتكون من التجار والعمال بمناصب مكتبية والحرفيين وأصحاب المهن المختلفة.البرجوازية الأصلية: تتكون من الرأسماليين الأصليين أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة والأغنياء.الشخصية البرجوازيةيمكن أن يتناقض أسلوب حياة البرجوازي مع أسلوب حياة النبيل أو الفلاح الحرفي، فإذا وضعنا حياة البرجوازي في مواجهة حياة الفلاح أو الحرفي، فإن أسلوب حياة البرجوازي يعني الراحة والأخلاق والنظافة، على عكس الفلاح الحرفي.وفي المقابل، إذا قارنا حياة البرجوازي بحياة النبلاء فسنرى أن حياة البرجوازي انطوت على غياب معين للرفاهية الحقيقية، وبعض الارتباك في السلوك الاجتماعي (فكرة الأثرياء الجدد).وفي الوقت الذي أصبحت فيه الحياة الحضرية أكثر ثراءً وتعقيدا، بدأ يتعارض أسلوب حياة البرجوازي مع أسلوب حياة الفنان أو المثقف، إذ بات البرجوازي يُمثل النظام، والتقاليد الاجتماعية، والرصانة، والبلادة أحيانا، على عكس ما كان يُنظر إليه على أنه تلقائي وأكثر حريةً وذكاءً، فأصبح البرجوازي ما نسميه اليوم "معادٍ للثقافة".أخيرا، أتاح التطور الرأسمالي تبني البروليتاري (الفلاح أو الحرفي) لأسلوب حياة البرجوازي الزائف، دون أن يتبنى الدور الاقتصادي كرأسمالي، ومن هنا انطلقت تسمية "البرجوازية" في منظورها الجديد، وهذا ما يجعل بعض المجتمعات ترفض هذه التسمية وتعتبرها إهانة.ما الفرق بين الارستقراطية والبرجوازية؟نبتت بذور الطبقة البرجوازية من أعماق الطبقة الأرستقراطية التي اعتمدت على مبدأ الوراثة، وكانت تسيطر على المجتمعات في العصور القديمة.تميّز الأرستقراطيون بقدرات إدارة الشعب، لذلك سيطروا على المراتب العليا في المجتمع، ومارسوا الحكم التقليدي الوراثي، إذ تحكم الأقلية الأكثرية حكما شاملا يتضمن جميع نواحي الحياة.ومع مرور الوقت أصبح الأرستقراطيون يهيمنون على الموارد والأموال والشعب لخدمة مصالحهم الخاصة، ما دفع بفئة منبثقة من الشعب كانت تمتلك وسائل الإنتاج ورؤوس الأموال أطلق عليهم "البرجوازيين"، لإنهاء هذا الحكم.إذا، الأرستقراطية هي الطبقة الحاكمة التي تعتمد على الحكم التقليدي الوراثي، أما البرجوازية فهي طبقة رجال الأعمال والحرفيين والتجار الأغنياء المنبثقة من الشعب، وتعتمد في حكمها على الانتخابات الديمقراطية، ظهرت في زمن حكم الأرستقراطية.أحدث البرجوازيون ضغوط هائلة أدت إلى ثورات ضد الأرستقراطيين لتحقيق الديمقراطية عن طريق تحديثات وإصلاحات لطريقة الحكم.ومثال على ذلك، الطبقة البرجوازية كانت السبب الرئيس وراء الثورة الفرنسية، إذ تعاونت مع طبقة البروليتاريا (العمال والحرفيين)، للانتصار على طبقة النبلاء الأرستقراطيين، والإطاحة بهم.الديمقراطية البرجوازيةفي الديمقراطية البرجوازية، المبدأ العملي هو حماية الدولة والنظام البرجوازي، وكل شيء آخر يخضع لهذا الهدف، وفقا للماركسي فلاديمير لينين، مؤسس الشيوعية (1870- 1924) الذي أطلق هذا المصطلح لوصف الحكم السائد في أوروبا آنذاك.وبحسب لينين، فإن الحزب الحاكم في الديمقراطية البرجوازية يمنح حماية الأقلية لحزب برجوازي آخر فحسب، بينما تحصل البروليتاريا (طبقة العمال والحرفيين)، في جميع القضايا الجادة والعميقة والأساسية، على الأحكام العرفية بدلا من "حماية الأقلية".وكلما كانت الديمقراطية أكثر تطورا، كلما كانت الحروب الأهلية الوشيكة مرتبطة بأي اختلاف سياسي عميق يشكل خطورة على البرجوازية.وكما قال ماركس فإن طبقة البروليتاريا (العمال والحرفيين) محبوسة في صراع طبقي ضد البرجوازية التي تستغلها وتقمعها، والحل الوحيد للتحرر منها هو هزيمتها سياسيا وهو ما حصل لاحقا في الثورات التي شهدتها فرنسا وبريطانيا وغيرها.وهذا ما يفسره الكاتب البريطاني جون مولينو، في كتابه "ما هو التراث الماركسي الحقيقي؟"، موضحا أن "مصلحة البرجوازية تكمن في تغيير العالم الطبيعي، إذ أنها مدفوعة باستمرار لتغييره من أجل تراكم رأس المال. أما فيما يتعلق بالمجتمع، فالمصلحة الحقيقية للبرجوازية ليست في تغييره، بل في الإبقاء عليه كما هو، وبالتالي فحاجة البرجوازية ليست للمعرفة الاجتماعية، وإنما التبرير الاجتماعي، أي الأيديولوجية".الطبقة المخملية والطبقة البرجوازيةبعد تعريف البرجوازية في بداية التقرير، بأنها الطبقة الوسطى من الناس، التي تتكون من التجار وأصحاب رؤوس الأموال والأعمال، فالطبقة المخملية العليا في المجتمع هي طبقة الأغنياء الذين لم يضطروا للعمل من أجل لقمة العيش، حيث كانوا مدعومين بالاستثمارات المكتسبة أو الموروثة غالبا من العقارات.وتُشتق حالة الطبقة المخملية عادةً من الوضع الاجتماعي لعائلة الفرد، وليس من إنجازاته أو ثروته، ويأتي الكثير من أصحاب الطبقة المخملية من الأرستقراطيين، والعائلات الحاكمة، والأشخاص الذين يحملون ألقابا.البرجوازية العربيةلم يكن ظهور الطبقة الوسطى والثقافة البرجوازية حصرا بأي حال من الأحوال على أوروبا، فقد صعدت الطبقات الوسطى في جميع أنحاء العالم خلال عصر الإمبراطوريات والمستعمرات، من إفريقيا بشقّيها، إلى أميركا اللاتينية، مرورا بشرق آسيا، وصولا إلى الشرق الأوسط.فمع انهيار الدولة العثمانية، وزحف القوات الاستعمارية إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بدأت الكثير من الحركات بالظهور متأثرة بالمنظور الاستعماري.نشأت البرجوازية من المنظور العربي تختلف في نشأتها عن البرجوازية الأوروبية، إذ أن الأخيرة انبثقت من قلب النظام الإقطاعي، بينما ظهرت البرجوازية العربية في أعقاب الاستعمار الغربي.وهذا ما قلب مفهوم البرجوازية الأولى، فقد بدأ البرجوازيون العرب الجدد باستغلال الوضع الاستعماري عبر التلاعب بالطبقة الكادحة من العمال والفلاحين، والتعرض لهم من خلال اضطهادهم ونهب أراضيهم ومزارعهم.ونتيجة لذلك، نزح الآلاف من العمال والفلاحين من الأرياف والقرى إلى المدن بحثا عن سبيل آخر للحياة، وبذلك ظهرت العديد من الحركات التمردية التي ثارت على النظم السلطوية المستعمرة والبرجوازية، بأفكار شعبوية شيوعية إصلاحية.عانت شريحة واسعة من المجتمع العربي أثناء هذه الحقبة من ضياع الهوية، إذ كان اختيار الهوية الفكرية والمحلية والقومية أمرا محتوما مرتبطا ارتباطا وثيقا بالهوية الغربية المستعمرة.ما هي البرجوازية الحديثة؟كانت آثار الحرب العالمية الأولى والثانية وسنوات ما بين الحربين على البرجوازية في أوروبا، متناقضة بشكل بارز.فمن ناحية، شهدت بعض البلدان التي كانت فيها البرجوازية تابعة لطبقة النبلاء الذين ظلوا مؤثرين في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية، انهيار الأنظمة الملكية والإمبراطوريات إلى الأبد وعلى جميع الأصعدة: السياسية، والاقتصادية والاجتماعية. كان هذا هو الحال في جمهورية فايمار (جمهورية نشأت في ألمانيا 1919 - 1933)، والجمهوريات النمساوية والتشيكية والهنغارية.في المقابل، دعم اقتصاد زمن الحرب ولادة الأعمال التجارية والصناعية الجديدة وتوسعها السريع، وشجع الطبقات البرجوازية الجديدة التي استفادت من اللجان الحكومية أو الظروف الاقتصادية التدخلية الجديدة على الصعود.وكانت مسألة "الثروات الجديدة" والمستفيدين من الحرب منتشرة في كل مكان تقريبا، وأدت إلى إدانة الأثرياء الجدد ومعاداة السامية بشكل متزايد، مع وصول الأزمة الاقتصادية في الثلاثينيات في كل من ألمانيا، والنمسا، والمجر، وفرنسا مثلا.أما في البلدان المهزومة، فتشكلت النخب الحاكمة الجديدة من طبقات عدة على رأسها البرجوازية، والاشتراكية، والشيوعية، والشعبوية ذات أيديولوجيات مناهضة للأرستقراطية أو حتى مناهضة للبرجوازية التي تستغل معاناة الشعب.كانت الفترة التي تلت عام 1945 تتشابه بشكل ما مع الفترة التي تلت عام 1918 للبرجوازية في أوروبا، لكن الاقتصاد الليبرالي والفئات الاجتماعية التي تدافع عنه كانت أكثر زعزعة للاستقرار مما كانت عليه بعد الحرب العالمية الأولى.خضع أكثر من نصف القارة للسيطرة السوفياتية، وحلت الاقتصادات التي تديرها الدولة محل الرأسمالية الليبرالية في هذه المناطق.كما شغل كوادر الحزب الشيوعي غالبا من خلفيات متواضعة، مناصب قيادية في جميع القطاعات مثل الأعمال، والإدارة، والحياة السياسية، والفكرية.وفقد البرجوازيون في هذه البلدان ثرواتهم وأعمالهم التجارية وأحيانا حياتهم (في عمليات التطهير)، وأجبروا على النفي أو اضطروا إلى الاكتفاء بوظائف منخفضة المستوى، بينما يواجه أطفالهم التمييز في الحصول على التعليم العالي.لكن، في الوقت نفسه، ضاعف تطوير قطاع الخدمات وعدد الوظائف رفيعة المستوى، والمؤهلة، وذات الأجر الجيد، التي يُنظر إليها على أنها ضمان للترقية الاجتماعية للطبقات المتوسطة، أو إمكانية بدء أعمال تجارية جديدة صغيرة ومتوسطة الحجم، بدون قدر كبير من رأس المال.السلوك البرجوازيلم تؤثر مثل هذه الإجراءات على النخب السابقة فحسب، بل أثرت أيضا على بعض الطبقات البرجوازية. حتى في البلدان المنتصرة، حيث كانت البرجوازية الليبرالية مهيمنة بالفعل في فرنسا وبريطانيا العظمى وإيطاليا.أدت الفجوات الاقتصادية ما بعد الحرب إلى ظهور ظواهر تضخمية، وانهيار بعض الاستثمارات التي قام بها المستثمرون قبل الحرب، والتصفية القسرية لتركات بعض الأسر المتضررة من الخسائر في زمن الحرب. ولذلك تغيرت بعض جوانب أسلوب الحياة البرجوازي السابق تغيرا جذريا.اضطرت بعض النساء والفتيات من الأسر البرجوازية إلى البحث عن عمل، وأصبحت الأسر مهتمة بتزويد حتى الورثة بالتدريب والشهادات الجامعية خوفا من فقدان وضعهم الاجتماعي، وهو ما أدى إلى ظهور حركات معادية للنسوية، عملت على نشر ثقافة انحلال الأسرة البرجوازية، وحملتها مسؤولية انخفاض معدلات المواليد، والبطالة بين خريجي الجامعات الشباب.(المشهد)