في جولة شاملة على أوضاع الدول الاقتصادية والمالية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وضع مدير دائرة الشرق الاوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي جهاد أزعور، الإصبع على الجرح الذي تنزف منه دول عدة، بسبب عدم تطبيق الإصلاحات المطلوبة منها والقادرة على إنقاذها. السياسات المالية تغيّرتوأكد أزعور لبرنامج "توتر عالي" الذي يقدّمه الإعلامي طوني خليفة على قناة ومنصة "المشهد"، أنّ "صندوق النقد قادر على مساعدة الدول التي قررت أن تحقّق الإصلاحات الضرورية لتحسين أوضاعها الاقتصادية والمالية، كما فعلت مصر التي نفّذت الكثير من الإصلاحات". واضاف أنّ "دولًا مهمة مثل دول الخليج التي تتمتّع باحتياطات هائلة، ولديها موارد طبيعية، وعلى الرغم من ذلك قامت بعمليات إصلاحات لا يستهان بها". واعتبر أزعور أنّ "السياسات المالية والنقدية تغيّرت عالميًا بسبب ارتفاع التضخّم، ما يؤدي إلى ارتفاع الفوائد، الأمر الذي انعكس سلبًا على الدول المتموّلة من الأسواق المالية العالية، فارتفعت الفوائد وشحّت السيولة، وعليها إدارة الدين بطريقة صحيحة، من خلال منع العجز وتحويل الدعم الذي تقدّمه الدولة للفئات الأكثر فقرًا".تراجع السودان ومساعدة سورياوأسف أزعور لتوتر الوضعين السياسي والأمني في السودان، في وقت كان الأخير أكبر عملية إعفاء للديون في تاريخ الصندوق. وأوضح لـ"المشهد"، أنّ "السوادن قبل بدء الصراع السياسي مؤخرًا، كان في يسير في اتجاه تحقيق أكبر عملية إعفاء للديون في تارخ صندوق النقد الدولي، بلغت 65 مليار دولار أميركي، لكن تعطّل عملية الإصلاحات جمّدت الأمور ولم تقضِ عليها". وردًا على سؤال بشأن إمكان أن يساعد صندوق النقد سوريا، قال أزعور: إنّ "سوريا مثلها مثل 190 دولة منضوية في الصندوق، وإذا كانت مقبولةً دوليا من الطبيعي مساعدتها، فالصندوق غير تابع لجهة واحدة، وطالما سوريا ملتزمة بأصول الانضمام وإذا طلبت المساعدة عندها نتدخل". الإمارات "شريكة"وبشأن دور صندوق النقد في COP28، قال أزعور لـ"المشهد"، إنّ "الموضوع المناخي أصبح ضرورةً تحدّد مصير الإنسانية، وإذا لم نتكيّف مع التغيّرات المناخية، العالم كله سيكون في وضع صعب، والتغيّر المناخي يؤثّر جدا على الاستقرار الماكرو اقتصادي، لهذا السبب أصبح جزءًا من عملنا". وأكد أنّ "دولة الإمارات تريد أن تقوم بتغيير نوعي في موضوع المناخ على الصعيد العالمي، وهي تُعتبر شريكًا أساسيًا بالنسبة لنا، لأننا نهتمّ بكل شيء يؤمّن الاستقرار العالمي". تقرير صندوق النقد وكان صندوق النقد الدولي خفّض توقعات نموّ اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى 3.1% خلال عام 2023، مقارنة بـ 3.6% في توقعاته الصادرة أكتوبر الماضي. وحذّر الصندوق في تقرير "آفاق الاقتصاد الإقليمي" الصادر الأربعاء، من استمرار أجواء عدم اليقين العالمية، مؤكدًا أنّ الآفاق العالمية مشوبة بعدم اليقين، وسط زيادة المخاطر التي تهدد الاستقرار المالي. وقال: "اقتصادات الشرق الأوسط وآسيا الوسطى أثبتت صلابتها في عام 2022، على الرغم من وقوع سلسلة من الصدمات العالمية، إلا أنه من المتوقع تباطؤ النموّ في العام الجاري وربما القادم، في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مع بدء السياسات التقييدية الرامية إلى مكافحة التضخم والحدّ من مواطن الضعف، وإعادة بناء الاحتياطيات الوقائية، في إحداث أثر ملموس على النشاط الاقتصادي في العديد من البلدان". وأضاف صندوق النقد الدولي في تقريره: من المتوقع أن يظلّ التضخّم مستمرًا. تتّسم أجواء عدم اليقين بارتفاعها. يجب الاستمرار في توفير الدعم المالي الموجّه للفئات الضعيفة في المجتمع، مع الحفاظ على استدامة القدرة على تحمّل الديون والاستقرار المالي. تتطلب السياسات النقدية والمالية المتشددة في مختلف أنحاء المنطقة، تسريع تنفيذ الإصلاحات الهيكلية لدعم النموّ الممكن وتعزيز الصلابة. الضغوط التضخّمية ظهـرت دلائل في نهايـة 2022 على بلـوغ التضخّم الكلي ذروتـه، على الرغم من أنه لا يزال مرتفعًا بصفة مسـتمرة في اقتصادات الأسواق الصاعدة، والاقتصادات متوسـطة الدخـل، والبلـدان منخفضـة الدخـل، بحسب تقرير صندوق النقد الدولي، الذي يؤكد أيضًا أنّ التضخـّم الكلـي لا يزال في كثيـر مـن البلدان المصدّرة للنفط في المنطقة، منخفضًا نسبيًا عن بقية البلدان. وأشار إلى "استمرار الاتجاه التصاعدي للتضخّم الكليّ في معظم الاقتصادات الصاعدة ومتوسطة الدخل (مصر والمغرب وباكستان وتونس). مـا يرجـع جزئيا إلى تأثير هبـوط أسـعار الصـرف والارتفاع المستمر في أسعار السلع الغذائية". ويتوقع التقرير أن يطول أمد الضغوط التضخّمية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أكثر ممّا كان متوقعا في شهر أكتوبر، لافتا إلى أنّ التضخّم الكلي سيظل من دون تغيير عند مستويات العام الماضي بنسبة 14.8% خلال 2023، قبل أن يتراجع إلى 11% في عام 2024. وأضاف: "تأتي هذه التعديلات بالزيادة مدفوعـةً أساسًـا بالأوضاع في اقتصادات الأسواق الصاعدة ومتوسـطة الدخـل، لا سـيما في مصـر وتونـس، حيـث يُتوقـع تسـارع وتيـرة التضخـّم بعـد انخفـاض سـعر الصرف في مصر وتحرير الأسعار، وإصلاحات الدعم في تونس. وبالمثل، يُتوقّـع ارتفـاع التضخم في باكسـتان إلى أكثر من الضعف، ليصـل إلى 27% خلال العام الجاري". المخاطر المالية والخارجية على خط أخر، أكد تقرير "آفاق الاقتصاد الإقليمي" ازدياد مواطن التعرّض للمخاطر المالية والخارجية في اقتصادات المنطقة، على الرغم من توقّعه تحسّن مراكـز المالية العامـة في أنحـاء المنطقة علـى مـدار العاميـن المقابليـن، وفي الأجل المتوسط، "لأنه يلـزم اتخـاذ المزيد مـن إجـراءات الضبـط المالي لخفض مسـتويات الديـن العـام المرتفعة، وخصوصا في اقتصـادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات متوسـطة الدخل". وأشار التقرير إلى أنّ قائمة اقتصادات الأسواق الصاعدة ومتوسطة الدخل في المنطقة، تشمل: مصر والأردن ولبنان والمغرب، وباكستان وسوريا وتونس، والضفة الغربية وغزة. وقال صندوق النقد الدولي:من المنتظر أن تقوم اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات متوسطة الدخل في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، خصوصا في مصر والأردن وتونس وباكستان، باتخاذ إجراءات مؤثّرة للضبط المالي، بما في ذلك إصلاحات الدعم. يُتوقّع ازدياد مصروفات الفوائد في اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات متوسطة الدخل، بحوالى نقطة مئوية واحدة من إجمالي الناتج المحلي في المتوسط خلال 2022 و2025. من المفترض تراجع نِسب الدين العام إلى إجمالي الناتج المحلي في الأجل المتوسط، في معظم الاقتصادات الصاعدة ومتوسطة الدخل في المنطقة.إلى ذلك، ذكر الصندوق أنّ مواطن التعـرّض للمخاطـر الخارجية مرتفعة في اقتصادات الأسواق الصاعدة ومتوسـطة الدخل في المنطقة، وتؤكدهـا مسـتويات عجـز الحساب الجاري الكبيـرة، وتناقـص احتياطيـات النقـد الأجنبي في بعض البلدان خلال العام الماضي. وأضاف: "من المتوقّع أن تظـلّ احتياجـات التمويـل الخارجية كبيـرة في اقتصـادات الأسواق الصاعـدة والاقتصادات متوسـطة الدخـل، في الشـرق الأوسط وشـمال إفريقيـا وباكسـتان، رغـم توقعـات تراجعهـا مـن حوالى 132 مليـار دولار في 2022 إلى 123 مليـار دولار في 2023". (المشهد)