سلط تقرير ديوان المحاسبة الليبي 2023 الضوء على الإشكاليات المتراكمة التي تعيق استدامة الموارد وتنمية الاقتصاد الوطني.وكشف تقرير ديوان المحاسبة الليبي 2023 أنّ ليبيا حققت إيرادات عامة وصلت إلى 175.08 مليار دينار ليبي في عام 2023، وهو رقم يعكس أهمية قطاع النفط كمحرك أساسي للاقتصاد.ومع ذلك، فإن تقرير ديوان المحاسبة الليبي 2023 أشار إلى قصور كبير في توثيق الإيرادات غير النفطية وضعف الرقابة على التحصيل. على سبيل المثال، نظام المقايضة لتوريد المحروقات الذي كلف الخزانة 41.26 مليار دينار عانى من غياب الشفافية، حيث لم يتم توثيق العقود بشكل يتماشى مع المعايير المحاسبية العالمية.وشهدت الإيرادات الجمركية تراجعًا ملحوظًا، نتيجة عدم انتظام عملية التحصيل وانتشار الفساد على مستوى المنافذ الجمركية.وتتطلب هذه التجاوزات إعادة هيكلة شاملة لأنظمة التحصيل والمحاسبة لضمان توجيه الإيرادات بالشكل الصحيح لخدمة الاقتصاد الوطني.تفاصيل مخالفات الإنفاق في تقرير ديوان المحاسبة الليبي 2023في جانب النفقات، كشف التقرير عن تجاوزات مالية كبيرة تجاوزت الحدود المتوقعة، حيث بلغت المصروفات الاستثنائية 35.81 مليار دينار ليبي.التقرير بيّن أن جزءًا كبيرًا من هذه النفقات صرف بدون وثائق داعمة، ومن بين النقاط البارزة، جاءت المشروعات غير المنجزة حيث تم تخصيص ميزانيات ضخمة لمشاريع لا تزال متعثرة، بعضها بدأ منذ أكثر من عشر سنوات دون إنجاز يُذكر.وأشار إلى أنه رغم تخصيص مليارات لدعم الوقود والمواد الغذائية، إلا أن التقرير أظهر تسربًا كبيرًا لهذه الموارد إلى السوق السوداء، مما حرم المواطن البسيط من الاستفادة منها.مثلما كان متوقعًا، استحوذ قطاع النفط على النصيب الأكبر من الإيرادات، حيث بلغت عائداته 28.25 مليار دولار. لكن التقرير كشف عن إشكاليات كبيرة تتعلق بسوء إدارة الموارد النفطية، حيث استمر تأخير تحويل العائدات إلى وزارة المالية، ما أثر سلبًا على عملية إعداد الموازنة.وتم إبرام عدة عقود مع شركات دولية، بعضها لم يتم توثيقه بالكامل، مما يفتح المجال للفساد والتلاعب.والانتقادات شملت أيضًا ضعف الرقابة على عمليات الإنتاج والنقل، مع تسجيل فاقد في الإنتاج يُقدر بالملايين من الدولارات شهريًا.ورغم تخصيص 10.3 مليارات دينار لدعم قطاع الكهرباء، إلا أن التقرير أشار إلى أن الخدمات المقدمة لا تزال دون المستوى المطلوب. تضمنت الملاحظات:التفاوت في أسعار التوريد: أظهر التقرير أن بعض العقود المبرمة لشراء معدات ومحولات كهربائية تمّت بأسعار أعلى بكثير من أسعار السوق.غياب الرقابة على المشروعات: لم تُنجز العديد من المشاريع التي رُصدت لها ميزانيات ضخمة، ما يعكس سوء تخطيط وفشل في المتابعة التنفيذية. ارتفاع تكاليف الصيانة: بيّن التقرير أن تكاليف الصيانة تجاوزت الحدود المعقولة دون تحسين ملحوظ في أداء الشبكة الكهربائية.وتناول التقرير أداء القطاع المصرفي، كاشفًا عن أوجه قصور عديدة، أبرزها، أن المصارف التجارية لم تلتزم بمواعيد تحويل الإيرادات إلى الخزانة العامة، مما أدى إلى اختناقات مالية أثرت على قدرة الحكومة في تمويل مشاريعها.وأشار التقرير إلى ضعف الرقابة على القروض الممنوحة، حيث لم يتم استرداد جزء كبير منها بسبب غياب الضمانات الكافية.وقال إن غياب التنسيق بين المصرف المركزي والمصارف التجاريةأدى إلى تضارب في السياسات المصرفية وضعف في استقرار النظام المالي. مخالفات العقود الحكوميةالتقرير أشار إلى تجاوزات كبيرة في العقود الحكومية، حيث تم رصد مخالفات تتعلق بعدم الالتزام بالإجراءات القانونية. ومن بين الأمثلة، أن العديد من العقود شهدت تضخمًا في التكاليف بشكل غير مبرر، مما أدى إلى هدر مليارات الدينارات.وقال إن هناك افتقار إلى المنافسة حيث تم منح بعض العقود لشركات بعينها دون طرح مناقصات علنية، ما يعكس محاباة وفسادًا إداريًا.وكشف أن العقود المبرمة مع جهات خارجية كشفغيابًا واضحًا للتوثيق القانوني، مما قد يعرّض ليبيا لخسائر كبيرة في حال نشوب نزاعات قانونية.(المشهد)