مع اقتراب شهر رمضان المبارك، تزداد التساؤلات حول كيفية تأثير الأوضاع الاقتصادية في عدد من البلدان العربية على الاستعدادات لهذا الشهر الكريم، خصوصًا أن شهر رمضان يرتبط بعدد من العادات الاستهلاكية، التي تجعل الأسر العربية في حاجة ماسة إلى تنظيم أمور الشهر من خلال استعداد بميزانية خاصة.وخلال الأعوام الثلاثة الماضية، برز عدد من التحديات الاقتصادية، بما في ذلك ارتفاع معدلات التضخم، وانخفاض قيمة العملات المحلية في عدد من الدول العربية، وارتفاع أسعار السلع الأساسية، ما جعل العادات الرمضانية التقليدية تواجه اختبارًا صعبًا، فكيف سيكون الوضع والاستعداد الاقتصادي خلال شهر رمضان 2025؟ وما هي النصائح الاقتصادية ليمر الشهر الكريم بسلام على الأسر العربية؟أبرز التحديات خلال شهر رمضان في هذا السياق، يرى الخبير الاقتصادي الدكتور هاني قداح في حديثه لمنصة "المشهد" أنّ التطورات الاقتصادية خلال الأعوام الثلاثة الماضية، ضغطت بقوة على الأسر في بعض البلدان العربية مثل سوريا ومصر ولبنان وفلسطين والدول العربية في شمال إفريقيا، مشيرًا إلى أنّ مستويات التضخم المرتفعة التي قفزت بأسعار السلع الاستهلاكية والأساسية بأكثر من 100% خلال آخر عامين، فرضت على الأسر تقليص جزء من الإنفاق على العادات الغذائية.وأضاف الخبير الاقتصادي أنّ هناك تحديات لا تزال تأثيراتها قائمة على اقتصادات الدول العربية، ومن بينها:الحرب في غزة وتوسع الصراع ليشمل لبنان وسوريا، الأمر الذي ضغط بقوة على اقتصادات هذه الدول لتخسر مليارات الدولارات نتيجة هدم البنية التحتية، وخلق تحديات جديدة. ارتفاع مستويات التضخم في الدول التي تأثرت من الحروب والصراعات وعلى رأسها مصر وسوريا ولبنان وفلسطين والأردن والعراق، ما دفع السلع الغذائية لمستويات قياسية.قفزة في تكاليف استيراد السلع نتيجة انخفاض القيمة الشرائية للعملات في عدد من البلدان العربية، ما جعل سلعًا مثل الياميش تأتي في المرتبة الثانية في قائمة متطلبات الأسر ليكون التركيز على السلع الرئيسية.وشدد الخبير الاقتصادي في حديثه مع "المشهد"، على أنّ النهج الاستهلاكي لدى الأسر العربية تغير بقوة في الأعوام التي أعقبت أزمة كورونا وبداية حدوث القفزات السعرية، ما جعل التركيز أكثر الآن على الشراء من المراكز الاستهلاكية الحكومية وتقليل شراء السلع الترفيهية، والاتجاه نحو التخفيضات لدى المراكز الكبرى.وأشار قداح إلى استثناء الدول في مجلس التعاون الخليجي من هذه التحديات، فإنّ التأثيرات الاقتصادية على الأسر هناك تكون أقل حدة من نظيرتها في الدول العربية الأخرى، لكنه أكد أنّ التضخم وصل إلى جميع البلدان في العالم، والفارق بين دولة وأخرى هو مستوى دخل الأسر.أسواق اليوم الواحد في مصريواجه أصحاب الدخول المنخفضة والمتوسطة في مصر، تحديات متزايدة بسبب ارتفاع الأسعار، خصوصا الغذائية منها، لذلك لجأت الحكومة المصرية لعدد من المبادرات من بينها معارض "أهلا رمضان" و"أسواق اليوم الواحد"، التي تُقام في أنحاء البلاد بتخفيضات تصل 25% وفق تأكيدات حكومية من وزارة التموين.وذكر رئيس الغرفة التجارية أيمن العشري، أنّ الإقبال على أسواق اليوم الواحد ومعارض "أهلا رمضان" يؤكد فعالية هذه المبادرات في دعم الأسر، موضحًا أن "مستويات التضخم في السلع تراجع لأدنى مستوى منذ ديسمبر 2022 عند 24%، والمعارض السلعية تقدم المنتجات بمستويات سعرية أقل بـ 15% في سلع مثل الأرز والمكرونة والاحتياجات الرئيسية في شهر رمضان وتصل 25% في سلع أخرى".وأضاف خلال حديثه مع "المشهد"، أنّ الغرفة التجارية تحملت كامل تكاليف تجهيزات معرض "أهلا رمضان"، وقامت بتوجيه هذا الفائض الذي يحققه أصحاب الشركات نحو تخفيض السلع المعروضة، مشيرا إلى أن المعارض تستمر حتى 26 فبراير 2025.نصائح أردنية للتعامل مع التحدياتمن جهته، رصد المدير العام لنقابة الغذاء في الأردن زهير حرب، بعض التحديات خلال شهر رمضان خصوصا في مصر والأردن وفلسطين وسوريا، مشيرًا إلى أنّ نقابة الغذاء كثفت جهودها لتنشيط الحركة التجارية في القطاع الغذائي في ظل مستويات تضخم مرتفعة في عدد من الدول.وأضاف حرب لـ"المشهد" أن "الوضع الاقتصادي مستقر إلى حد كبير في الأردن، لكن هناك علاقات تجارية مع سوريا تكشف قفزة في الأسعار وكذلك في لبنان، لذلك يجب أن يكون هناك عدد من النصائح التي تعتمدها الأسر العربية خلال شهر رمضان 2025 منها على سبيل المثال": وقف التسوق العشوائي من دون قائمة محددة، فقبل التوجه إلى السوق لشراء الأغذية، يجب إعداد قائمة بالمشتريات الأساسية.الحد من الهدر من خلال شراء كميات أقل من الطعام بحسب الاحتياج.العادة الأكثر خطورة هي تخزين كميات كبيرة من الأطعمة، فهذا يضغط على المخزون السلعي، ويمكن أن يعرض السلع إلى التلف. تقليل الهدر الناتج عن شراء منتجات لا تحتاجها الأسر العربية.تفعيل منصة سوق الغذاء العربيمن ناحيته، قال الأمين العام للاتحاد العربي للمعارض المستشار محمود الجراح إنّ "التحديات الاقتصادية تفرض علينا حاليًا ضرورة العمل على تفعيل منصة سوق الغذاء العربي، لتكون أول منصة عربية لتجارة الغذاء بين شركات التصدير والاستيراد، ولتسهيل التبادل التجاري بين الدول العربية والأسواق العالمية في القطاع الغذائي".وأضاف في حديث مع "المشهد"، أنّ تفعيل منصة سوق الغذاء العربي تتضمن تقديم خدمات الدعم الأساسية للمعاملات التصديرية، والتي تتضمن "النقل والخدمات اللوجستية والتخزين والفحص والاختبار والتصنيف وإصدار الشهادات والتمويل والإقراض والتأمين والتخليص الجمركي"، وهذه الخطوة قد تحدّ من تحديات تكاليف الغذاء خلال السنوات المقبلة. وأشار الجراح إلى أنّ الاتحاد العربي للمعارض سيطرح في اجتماعه المقبل خلال أبريل مناقشة ضرورة زيادة عدد المعارض الغذائية العربية، خصوصًا في الدول التي لديها قاعدة صناعية غذائية مثل مصر وبعض الدول الأخرى، من أجل إيجاد وسائل يمكنها تحقيق التكامل الغذائي العربي. (المشهد)