ربما تكون هذه هي اللحظة الأكثر خطورة بالنسبة لأوكرانيا منذ بدايتها في فبراير 2022، حيث يبدو الوضع العسكريّ في ساحة المعركة في حالة جمود، وتذبذب الدعم السياسيّ الغربيّ تحت وطأة الخلل السياسي، وحوّلت الحرب في الشرق الأوسط الموارد والاهتمام.في تقرير لمجلة "فورين بوليسي"، فإنّ العديد من المحللين في الصحافة الغربية، يذهبون بعيدًا في نسب الفضل إلى خصم أوكرانيا، إلى الرئيس الروسيّ فلاديمير بوتين، حتى أنّ أحد كتّاب الأعمدة في صحيفة "وول ستريت جورنال"، أعلن أن بوتين هو أحد "الفائزين لهذا العام". ومؤخرا، شارت صحيفة "نيويورك تايمز"، إلى أنّ خروج أكثر من 1000 شركة متعددة الجنسيات من روسيا، أدى إلى نتائج عكسية من خلال إثراء بوتين ورفاقه. إنّ تحويل الأصول التي لا قيمة لها تقريبًا لا يجعل روسيا أو المقربين من بوتين أكثر ثراءً. وفي حين صادر بوتين بعض أصول الشركات الآسيوية والغربية، فإنّ أغلب الشركات تخلّت عنها ببساطة، وخفّضت بفارغ الصبر أصولًا بمليارات الدولارات.هروب رأس المالولا تُقاضي روسيا الشركات الأجنبية فقط بسبب مغادرتها، حيث أدى رحيل "إكسون موبيل" و"بي بي" إلى إنهاء التكنولوجيا اللازمة للتنقيب، بل إنّ شركة النفط الروسية العملاقة "روسنفت" رفعت دعوى قضائية ضدّ "رويترز" بسبب تقاريرها عن ذلك. وفي الأشهر الأولى بعد الهجوم على أوكرانيا، فرّ ما يقدّر بنحو 500 ألف شخص من روسيا، وكان جزء منهم من العمال ذوي التعليم العالي، والمهارات الفنية التي لا تستطيع روسيا تحمّل خسارتهم. وبحسب بعض الإحصاءات، خسرت روسيا 10% من إجماليّ قوتها العاملة في مجال التكنولوجيا بسبب رحلة المواهب غير المسبوقة هذه. ووفقًا لتقارير البنك المركزي الروسي، فقد تمّ سحب مبلغ قياسيّ قدره 253 مليار دولار من رأس المال الخاص من روسيا بين فبراير 2022 ويونيو 2023، وهو ما يزيد عن 4 أضعاف حجم تدفقات رأس المال السابقة إلى الخارج. وبحسب بعض المقاييس، فقدت روسيا 33% من إجماليّ عدد المليونيرات الذين يعيشون في روسيا عندما فرّ هؤلاء الأفراد.شلل في الاستثمارات الأجنبية وبحسب المجلة، توقف الاستثمار الأجنبيّ المباشر في روسيا بشكل شبه كامل، من خلال تدابير عدة. ومع فرار الشركات العالمية المتعددة الجنسيات بأعداد كبيرة، لم يكن هناك ما يمنع بوتين من تنفيذ ضوابط صارمة وغير مسبوقة على رأس المال على الروبل، بعد الهجوم، مثل: منع المواطنين من إرسال الأموال إلى حسابات مصرفية في الخارج.تعليق السحب النقديّ من الحسابات المصرفية بالدولار التي تتجاوز 10 آلاف دولار.إجبار المصدّرين على استبدال 80% من أرباحهم بالروبل.تعليق التحويلات المباشرة للدولار للأفراد الذين لديهم حسابات مصرفية بالروبل.تعليق الإقراض بالدولار، وتعليق مبيعات الدولار عبر البنوك الروسية. ومع هروب الشركات متعددة الجنسيات، لم يعد لدى المشاريع التجارية الروسية مصادر بديلة للتمويل، ولا يوجد مستثمرون عالميون يمكن استغلالهم. ويرجع الفضل جزئيًا إلى الهجرة الجماعية للشركات العالمية المتعددة الجنسيات، فقد انخفضت تقييمات الأصول في جميع المجالات في روسيا، حتى أنّ القيمة الإجمالية للمؤسسات لبعض الشركات المملوكة للدولة، انخفضت بنسبة 75% مقارنة بمستويات ما قبل الحرب. ولا يأخذ التقرير في الاعتبار التأثير الضارّ على الاقتصاد الروسي الناجم عن العقوبات الاقتصادية، مثل الحدّ الأقصى الفعال لأسعار النفط الذي وضعته الولايات المتحدة. إنّ روسيا، التي لم تزوّد الاقتصاد العالميّ قطّ بأيّ سلع تامّة الصنع، سواء كانت صناعية أو استهلاكية، أصبحت مشلولة اقتصاديًا، وفق خبراء.واستنادًا إلى البيانات الاقتصادية: "لقد ساعدت الهجرة التاريخية غير المسبوقة لأكثر من 1000 شركة عالمية في شل آلة حرب بوتين".(ترجمات)