يبدو أن الاقتصاد دائمًا هو من يدفع فاتورة التصعيد والحروب، هذه المرة فاتورة التوتر في الشرق الأوسط تطال الجميع، ليس الدول أطراف الصراع فقط، لكنها قد تطال كل شئ في حال تنامي الصراع ودخول المنطقة في حرب إقليمية شاملة.رسائل جديدة من صندوق النقد الدولي، دقت ناقوس الخطر حول تصعيد الصراع في الشرق الأوسط، والذي قد تكون له تداعيات اقتصادية كبيرة على المنطقة والاقتصاد العالمي، حيث أشارت جولي كوزاك المتحدثة باسم الصندوق، إلى أن احتمال تصعيد الصراع يزيد من المخاطر وحالة عدم اليقين، وقد تكون له تداعيات اقتصادية كبيرة على المنطقة وخارجها.صندوق النقد يدق ناقوس الخطرورغم أن جولي كوزاك، قالت إنه من السابق لأوانه التنبؤ بتأثيرات محددة على الاقتصاد العالمي، لكنها أشارت إلى أن اقتصادات المنطقة تعاني بالفعل بشدة، وخصوصا في قطاع غزة، حيث يواجه السكان "ظروفا اجتماعية واقتصادية قاسية وأزمة إنسانية ونقصا في المساعدات".في حين يرى المتخصصون في الشأن الاقتصادي والمتابعون لشئون الشرق الأوسط، أن "التصعيد في منطقة الشرق الأوسط يمكنه التأثير على العالم أجمع في حالة نشوب حرب إقليمية".يرى المتخصص في شئون الشرق الأوسط الكاتب محمد البدوي، أن "التداعيات ظهرت بالفعل على الاقتصاديات في الشرق الأوسط خاصة الدول التي لها علاقة مباشرة أو قريبة من منطقة الصراع". ودلل "البدوي" على ذلك خلال حديثه مع منصة "المشهد" قائلاً إن "هدم البنية التحتية في قطاع غزة ولبنان والهجمات المتكررة على السفن في البحر الأحمر قد تكلف العالم مليارات الدولارات مع تنامي حدة التوتر، فمثلاً مصر وحدها خسرت قرابة 6 مليارات من عوائد قناة السويس وهي المورد الأهم للنقد الأجنبي في البلاد".وأشار إلى أنه وفق بيانات صندوق النقد فإن الناتج المحلي الإجمالي في غزة انخفض 86 % في النصف الأول من العام الجاري، كما تراجع ناتج الضفة الغربية 25%، مع وجود احتمالات لحدوث مزيد من التدهور، وهذه مؤشرات على خطر اقتصادي مرعب لهذه المناطق.عميد هندسة الطاقة بالجامعة البريطانية الدكتور عطية عطية، يرى أن النفط وقطاع الطاقة قد يدفعان العالم إلى مستويات تضخمية مرعبة في حالة تنامي الصراع في منطقة الشرق الأوسط، لأن هذه المنطقة هى الأغنى بمصادر الطاقة، سواء الغاز الطبيعى أو البترول، لذا قد نشهد تطورات رهيبة فى حالة امتداد الحرب لمدة أطول أو دخول أطراف أخرى فى المنطقة فى هذه الحرب.وشدد "عطية" على أن دخول أطراف أخرى في الحرب، أو حدوث تصعيد إسرائيلي إيراني فإن سعر برميل النفط قد يقفز لمستويات قياسية، وهو ما ستكون له تداعيات مرعبة على العالم أجمع، ليس على منطقة الشرق الأوسط فقط، وسنشهد مستويات تضخمية خطيرة، لأن النفط هو عصب حركة الاقتصاد.نتائج مباشرة للحربعَدّد الباحث في الشأن الاقتصادي محمود القاسم خسائر العالم من هذه التوترات منذ بدء الصراع في أكتوبر 2023 منها:تضرر حركة السياحة والطيران في دول مصر ولبنان والأردن وبالطبع في إسرائل.20 % يكون انكماشًا في الناتج المحلي الإسرائيلي بخلاف نتائج اقتصادية أخرى قد تعلن لاحقًا. الحرب ستسبب مزيد من الانهيار للعملة اللبنانية التي تعاني منذ سنوات.تضرر موارد قناة السويس المصرية من استهداف السفن في البحر الأحمر، حيث هبطت إيرادات الشريان الملاحي العالمي 60%.ارتفاع تكلفة التأمين على السفن المارة في البحر الأحمر مما يزيد من تكاليف السلع المنقولة.قفزات في الطلب على الملاذات الآمنة وهروب الاستثمارات وتضرر الأسهم.محمود القاسم يؤكد، أن تنامي الصراع ليس في مصلحة أحد بما في ذلك الدول الأوروبية وأميركا، وأن تأثيرات حرب روسيا وأوكرانيا لا تزال تضرب العالم، فنحن نعيش موجات تضخم هي الأعنف منذ عقود بسبب تضرر سلاسل التوريد، فالعالم لا يتحمل حربًا أخرى.أسعار الحبوب والنفط والسلع الأساسية في خطرقال الخبير الاقتصادي الدكتور هاني قداح، إن التأثير الرئيسي للصراع على الاقتصاد العالمي يمتد إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية والنفط والحبوب، فضلا عن زيادة تكاليف الشحن، مع تجنب السفن هجمات حركة "الحوثي" اليمنية على الملاحة في البحر الأحمر، مما يزيد من تكلفة انتقال السلع إلى أوروبا.وحذر قداح، من أن ارتفاع حدة التوتر أو دخول إيران في حرب مباشرة مع إسرائيل قد يدفع برميل النفط لمستويات تصل 200 دولار بحسب توقعاته، مدللاً على ذلك بأن إيران عنصر مهم في معادلة تسعير النفط العالمية فهي تضيف أكثر من مليون برميل يوميًا"، فالعالم لا يمكنه تحمل خسارة هذا الإنتاج دفعة واحدة.(المشهد)