يعدّ رغيف الخبز بالنسبة لعموم المصريين هو العنصر الأساسي والأهم في غذائهم، ويتربع على مائدة الفقراء والأغنياء على حد سواء، لذلك يحرصون على شرائه بشكل يومي.وخلال الأعوام الماضية، كان الحديث السائد على ألسنة الكثيرين داخل البلاد، يدور حول حجم رغيف الخبز، ووزنه، وسلامته الصحية، لكن ومع استمرار انخفاض قيمة الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية وخصوصا الدولار في الفترة الحالية، فلا صوت يعلو فوق الحديث عن سعر رغيف الخبز "غير المدعم" وكيفية الحصول عليه في ظل موجة غلاء غير مسبوقة، الأمر الذي يضاعف من الأعباء المثقلة على كاهل المصريين.الخبز في مصرويوجد في مصر نوعان من الخبز مقسمان كالآتي:الخبز الحر: هو الذي يتناوله المواطنون الذين لا يحصلون على الدعم، وهم أغلبية الناس، وهؤلاء ليسوا بالضرورة من الطبقات المترفة، ولكنهم شرائح اجتماعية متنوعة، أغلبهم من الطبقة الوسطى ويمثلون نحو 40 مليون نسمة.الخبز المدعم: ويحصل عليه حاملو البطاقات التموينية فقط، ويصل للمواطن بقيمة "5 قروش"، بينما يكلف الدولة قيمة "جنيه"، أي أن تكلفة دعم الخبز على الدولة تصل إلى 91 مليار جنيه، ويقدر حجم المستفيدين من هذا الخبز نحو 63 مليون نسمة.ويستهلك المصريون نحو 100 مليار رغيف خبز سنوياً، كما تنتج المخابز قرابة 275 مليون رغيف يومياً.الجنيه هو السببوتصدرت أزمة الخبز اهتمام المصريين مؤخراً، خصوصا مع قفز سعر رغيف الخبز السياحي "أي غير المدعم" من قبل الحكومة، من جنيه إلى جنيهين ونصف في المناطق الشعبية، بينما تضاعف سعره من جنيه إلى 3 جنيهات في المناطق التي توصف "بالراقية". وفي حديثه لمنصة "المشهد" أوضح رئيس الشعبة العامة للغرف التجارية عبد الله غراب، أن الوضع الصعب للعملة وانخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار، يعد أحد أبرز الأسباب التي أدت إلى ارتفاع سعر الخبز غير المدعم، مضيفا أن: سعر الصرف هو المحرك الرئيسي لمكونات هذا الخبز، مشيراً إلى وجود صعوبات في استيراد القمح والرغيف يشمل في مدخلاته على مواد يتم استيرادها من الخارج مثل الزيوت.من ثم فهو يحتاج إلى سيولة دولارية، وهي بكل تأكيد ليست متاحة بالشكل المطلوب، إضافة إلى المرافق بما تشمله من الغاز والمياه والكهرباء، والتي يتم احتسابها لأصحاب المخابز السياحية بأسعار حرة وليست مدعومة.كل هذه الأشياء مثلت ضغطاً ليس بالقيل على كُلفة الخبز غير المدعم، وأدى ذلك إلى التأثير السلبي في أسعاره مؤخراً.ويشير غراب إلى أن وزارة التموين أوقفت توريد الحصص اليومية من الدقيق بأسعار مخفضة، الذي توفره للمخابز السياحية التي تنتج هذا النوع من الخبز، لتوفير النفقات على الوزارة، كما أوقفت صرف الدعم المالي للمساهمة في تدبير أموال استيراد القمح المطلوب لرغيف الخبز المدعم.رغيف الخبز خط أحمرومن جهتها، أكدت عضو مجلس النواب المصري هناء أنيس رزق الله، أن رغيف الخبز يعد خطاً أحمر للأمن الغذائي المصري، نظراً لأنه يمثل وجبة غذائية أساسية في مختلف البيوت المصرية ولا يستطيع أحد الاستغناء عنه، وبالتالي فإن تحريك سعره بأي شكل يزيد من أعباء المواطنين، وهذا غير مقبول لاسيما مع استمرار الأزمة الاقتصادية الحالية.وكشفت عضو مجلس النواب، أنها تقدمت بطلب إحاطة عاجل، إلى رئيس المجلس المستشار حنفي جبالي، موجه إلى الحكومة بشأن ارتفاع أسعار الخبز السياحي، وأشارت إلى أن عدد المخابز السياحية يصل نحو 25 ألفًا، أما المخابز البلدية المدعمة من قبل الحكومة فيقترب عددها من 30 ألفًا في أنحاء الدولة. وأوضحت أنه قبل أيام رفعت بعض المخابز أسعار الخبز السياحي بنسبة تتجاوز 30%، فالرغيف الأكثر من 65 غرامًا وصل سعره 1,5 جنيه، أما الرغيف فوق الـ90 جرامًا فوصل سعر إلى جنيهين بزيادة 50 قرشًا، في حين طبقت بعض المخابز زيادة تصل إلى جنيه على كل رغيف في بعض المناطق. وتابعت: "أقرت مخابز أخرى زيادة بقيمة 50 قرشًا مع تخفيض وزن الرغيف بنحو 10 غرامات في المتوسط، وهو أمر غير مقبول على الإطلاق في هذه الفترة الصعبة من عمر الوطن".اتهامات للحكومةويعيش الكثير من المواطنين داخل البلاد في حالة يرثى لها، نتيجة للظروف الاقتصادية غير المستقرة، فالغلاء بدأ يلاحقهم من جميع الجهات بسبب الانخفاض الحاد للجنيه المصري، وجاء ارتفاع سعر الخبز ليفاقم أوضاعهم المعيشية الصعبة، لذا صبت النائبة البرلمانية غضبها على الحكومة، واتهمت وزارة التموين بالتقصير في تطبيق القانون وإلزام المخابز بالسعر المعلن، مع تطبيق القانون على المخابز، وإنذار المخالفين بالعقاب الرادع في حالة التلاعب بالأوزان في رغيف الخبز أو الأسعار الخاصة به.ويبدو أن المسؤولين داخل الحكومة في طريقهم لإيجاد حلول ناجعة، لتخفيف الأعباء عن المواطنين، الذين يواجهون أزمة حقيقية في سعر رغيف الخبز الذي يتضاعف بين فترة وأخرى.في السياق، أكد رئيس الشعبة العامة للغرف التجارية عبد الله غراب، أن وزارة التموين بصدد بيع الخبز الحر في المخابز التي توزع "العيش المدعم"، وذلك للمواطنين الذين لا يحملون بطاقات تموينية، على أن يكون الرغيف بوزن 90 غراما وبسعر يصل إلى "جنيه واحد" فقط.الحكومة لا ترغب في مكاسبوأوضح غراب أن هذا النظام من شأنه أن يسهم في التوفير على المواطن من شراء رغيف الخبز بسعر أعلى في المخابز الأخرى، كما يعمل على توفير كميات من الخبز وفق نظام مؤمن لمن لا يملك بطاقة تموينية.وكشف في الوقت نفسه أن تكلفة سعر الخبز المدعم لغير حاملي البطاقات التموينية هي جنيه فقط، لافتا إلى أن الحكومة لا ترغب في الحصول على مكاسب من هذا النظام، ولكن الهدف هو إتاحته للمواطنين.وعلى صعيد آخر حذّر المتخصص في الشأن الاقتصادي بجريدة الأهرام هاني نصر من الارتفاع في سعر الخبز غير المدعم، وأكد على أن استمرار الارتفاع في هذا الخبز قد يدخله في دوامة السوق السوداء. وقال: "إذا واصل الرغيف السياحي ارتفاعه، وبقي الرغيف المدعم على وضعه الحالي، فإننا قد نشهد ظاهرة السوق السوداء في مجال الخبز، بحيث يبيع من يحصل على الدعم، إذا لم يكن بحاجة إلى حصته أو جزء منها رغيف العيش لآخرين بأسعار أقل من السوق، لكنها تمثل مكسباً له".(المشهد)