في تحول مفاجئ للجميع داخل مصر، شهدت السوق الموازية للدولار (السوق السوداء)، خلال ال48 ساعة الأخيرة هبوطاً وصف بالحاد من قبل الكثيرين، حيث تراجع سعر الدولار إلى مستوى 52 جنيهاً، بعد أن وصل خلال الأسابيع الماضية إلى مستويات قياسية وصلت إلى مستويات 73 جنيها، وذلك بعد صعود تدريجي من مستوى قرب ال 40 جنيها.وترتب على هذه الارتفاعات الكبيرة للعملات الأجنبية داخل السوق الموازية خصوصا الورقة الخضراء، ارتفاع أسعار معظم السلع والمنتجات خلال الفترة الأخيرة، من الشركات والتجار، لاسيما في ظل استمرار أزمة شح النقد الأجنبي في البنوك المصرية.منصة "المشهد" حاولت الوقوف على ما يجري من تطورات متسارعة داخل السوق الموازية لسعر الصرف، والتقت بعدد من الاقتصاديين للحديث عن مستقبل صرف العملات الأجنبية، في ظل الغموض والارتباك الذي يسيطر على هذه السوق."أهمية قصوى"ووفقاً إلى الخبيرة المصرفية سهر الدماطي، فإن تراجع سعر الدولار والعملات الأجنبية الأخرى في السوق السوداء، يمثل أهمية قصوى للاقتصاد المصري، ومؤشرا إيجابيا على تحسن الأوضاع الاقتصادية خلال الفترة المقبلة، مشيرةً إلى أن السعر المعلن للدولار في السوق الموازية غير حقيقي، وناتج عن مضاربات التجار، للحصول على مكاسب خيالية ليس لها علاقة بالسعر العادل أمام الجنيه المصري.وأكدت الدماطي في حديثها مع منصة "المشهد" أن سعر السوق الموازية للدولار ليس محل ثقة، ولا يمكن التعويل عليه في تحديد السعر الحقيقي، وذلك بسبب عدم وجود أسس حقيقية لتحديد حجم العرض والطلب، إضافة إلى وجود عوامل أخرى تؤثر في تحديد السعر في السوق السوداء، وفي مقدمتها ما يسمى "الإرهاب الاقتصادي"، الذي يعمل على إحداث ضغط للاقتصاد المصري، من خلال جمع الدولار بأسعار مرتفعة بهدف جني مكاسب سريعة.وبسؤالنا عن العوامل التي ساعدت على الخسائر الصادمة التي تكبدها الدولار داخل الأسواق الموازية، ساقت الدماطي لنا أمورا عديدة وكان من أبرزها الآتي:الحملات المكثفة ضد المضاربين ..حيث نجحت الأجهزة الأمنية في توجيه ضربات قوية ضد هؤلاء التجار، وألقت القبض على عدد منهم، الأمر الذي أدى إلى وقف تداول الدولار بالسوق السوداء وقلص الطلب عليه، ومن ثم بدأ سعره ينخفض.اقتراب تسليم قرض النقد الدولي، وعقدت مصر على مدى الأسبوعين الماضيين محادثات مع الصندوق لإحياء وتوسيع اتفاق القرض، الذي تم توقيعه في ديسمبر من عام 2022، وقال الصندوق في بيان له مؤخراً، إنه اتفق مع مصر على عناصر السياسة الرئيسية لبرنامج الإصلاح الاقتصادي، في مؤشر آخر على أن الاتفاق النهائي لزيادة قرض البلاد من 3 مليارات دولار إلى 10 مليارات دولار، أوشك على الاكتمال، إضافة إلى إعلان لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي عن رفع سعر الفائدة إلى 2%.مشروع رأس الحكمة السياحي، وتعكف مصر حالياً على إنهاء مخطط تنمية مدينة رأس الحكمة بالساحل الشمالي، لتكون ثاني المدن التي يتم تنميتها من خلال الشراكة مع كيانات عالمية ذات خبرة فنية واسعة وقدرة تمويلية كبيرة، ومن المتوقع أن تضخ استثمارات مشروع رأس الحكمة ما بين 22 إلى 42 مليار دولار.حزمة دعم مالي واقتصادي من الاتحاد الأوروبي، وتلقى وزير الخارجية سامح شكري خلال الأيام الماضية اتصالا من مفوض الاتحاد الأوروبي لسياسة الجوار والتوسع " أوليفر فارهيلي"، في إطار متابعة نتائج زيارة الوزير شكري الأخيرة إلى بروكسل، وما شهدته من توافق أوروبي حول زيادة الدعم الاقتصادي الأوروبي لمصر في إطار ترفيع العلاقات بين الجانبين إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية الشاملة، ومن المقرر أن تتمركز خطة الاتحاد الأوروبي خلال الفترة المقبلة، في ضخ استثمارات مباشرة في الاقتصاد المصري بقيمة تقترب من 10 مليارات دولار.هل سيواصل الدولار انخفاضه؟وفي نفس السياق أوضح أستاذ الاقتصاد بجامعة حلوان الدكتور عمرو سليمان، أن تجار السوق الموازية خلال الفترة الماضية، كانوا يتعاملون مع الدولار وكأنه سلعة، حيث كانوا يقومون بجمعه من السوق، لإحداث القلاقل وهز ثقة المواطنين، مستغلين الأزمة الاقتصادية العالمية الموجودة.وأوضح سليمان في حديثه مع منصة "المشهد" في ذات الوقت أن سعر صرف الدولار في السوق السوداء وهمي وغير حقيقي، وسيتراجع بشكل أكبر في الفترة المقبلة خاصة في ظل الحديث عن استثمارات كبيرة ستدخل مصر الأيام القادمة، واستكمال برنامج الطروحات الحكومية.أما على مستوى سوق السلع الغذائية، فتسود في هذه الأثناء حالة من الترقب من قبل المواطنين المصريين، انتظاراً لحدوث انخفاض في أسعار السلع وخاصة الغذائية منها، بعد التراجع الكبير لسعر صرف الدولار في السوق الموازية، لكن وبحسب سليمان فإن أسعار السلع الغذائية لن تشهد انخفاضاً في الوقت الحالي، وإنما قد تشهد نوعًا من الثبات فقط.وأرجأ سليمان هذا الطرح إلى أن سعر الدولار ليس هو السبب الأساسي والوحيد في ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية، بل هناك أسباب أخرى، وعلى رأسها العرض والطلب، وجشع التجار، وغياب الرقابة على الأسواق، مؤكداً أن انخفاض أسعار السلع مرهون باستمرار تراجع سعر الدولار خلال الفترة المقبلة.ويرى سليمان أن معدلات التضخم مرتفعة بشكل كبير، وهناك حالة من الركود تسيطر على كل شيء داخل البلاد فضلا عن العجز في العملة الصعبة، لذلك فإن القرارات التي اتخذتها لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي مؤخراً من رفع سعر الفائدة إلى 2% هي قرارات صائبة في صالح الاقتصاد، وشدد على ضرورة تحقيق مصر لسعر صرف مرن باعتباره الحل الأمثل للقضاء على السوق السوداء، ويعمل على دفع عملية الشراء العربية والأجنبية للأسهم في البورصة المصرية.وكانت صدمة كبيرة شهدها المتعاملون في السوق السوداء للدولار خلال الساعات الماضية، وذلك بعد أن شهد انخفاضاً كبيراً في سعر صرفه وهو الأمر الذي قوبل بارتياحية شديدة في الشارع المصري.(المشهد)