دخلت أسعار المعادن النفيسة والطاقة عام 2023 ومعها المزيد من التوقعات المتباينة، إذ جاءت من عام جمح فيه التضخم بمختلف أسواق العالم بفعل الحرب الروسية الأوكرانية وما خلفته من ضبابية هددت التعافي المرجو للاقتصاد العالمي. وتباينت أسعار النفط على مدار عام 2023 ما بين الصعود والهبوط، لكنها ظلت أقل من المستويات التي وصلت إليها في العام السابق، مع انحسار أزمة الطاقة في القارة الأوروبية والتي تسببت فيها الحرب، إذ تظهر بيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية، تراجع متوسط سعر خام برنت في عام 2023 إلى 82.59 دولارا للبرميل، من 100.93 دولار للبرميل في عام 2022.ومنذ نهاية عام 2022، تتخذ الدول الأعضاء في منظمة البلدان المصدرة للنفط وحلفائها والمعروفة باسم "أوبك+" سلسلة من الإجراءات من بينها خفض الإنتاج لدعم توازن السوق مع تراجع الطلب العالمي للنفط بالتزامن مع تعثر التعافي الاقتصادي في الصين أكبر مستورد للنفط في العالمي. في المقابل أخذت أسعار الذهب منحنى صاعدا خلال عام 2023، إذ تجاوز سعر المعدن الأصفر مستوى 2000 دولار للأوقية (الأونصة) لأول مرة منذ أكثر من عامين، بحسب مجلس الذهب العالمي، والذي يشير إلى أن تسجيل سعر 2041 دولارا للأوقية في نهاية الأسبوع الماضي، مرتفعة من 1790 دولارا في نهاية الأسبوع الثالث من ديسمبر 2022، وذلك بارتفاع نسبته 14%.وأرجع الخبراء والمحللون الذين تحدثوا مع منصة "المشهد" الارتفاع في أسعار الذهب خلال عام 2023، زيادة الطلب من قبل المستثمرين والمصارف المركزية التي اتجهت إلى زيادة حيازاتها من المعدن الأصفر على مدار العام، حسبما يقول مجلس الذهب العالمي في تقرير الصادر بنهاية الربع الثالث. توقعات أسعار النفط 2024 أبقت منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" قبل أيام توقعات نمو الطلب العالمي على النفط لعام 2024 من دون تغيير عند 2.25 مليون برميل يوميا، مشيرة إلى أنها لا تزال متفائلة بحذر بشأن العوامل الأساسية التي تؤثر على ديناميكيات سوق النفط خلال العام المقبل. واتفق الخبراء والمحللون الذين تحدثوا مع منصة "المشهد" على أن أسعار النفط ستشهد المزيد من التحركات على مدار عام 2024، وسط مخاوف مرتبطة بتباطؤ اقتصادي محتمل كتأثير متأخرة للسياسة النقدية المتشددة التي تبنتها البنوك المركزية على نطاق واسع خلال عام 2023 للسيطرة على التضخم. ويقول الرئيس التنفيذي لشركة "نيو فيجن" لإدارة الثروات الدكتور ريان ليمند إنه "كلما دخلت اقتصادات في مرحلة تباطؤ أو ركود خلال 2024، خصوصا الاقتصادات التي تعتمد على استيراد النفط، فهذا سينعكس على الأسعار". ويضيف ليمند خلال حديثه مع "المشهد": "الضغوط على الأسعار جراء تباطؤ الاقتصادات ستتزامن مع خطط منظمة (أوبك) لخفض الإنتاج، وبالتالي سيكون هناك مد وجذر بين تخفيض الإنتاج وانخفاض الطلب على النفط من قبل الدول المستوردة". ويستبعد الخبير الاقتصادي تراجع أسعار النفط خلال عام 2024 إلى مستويات منخفضة للغاية، متوقعا أن تظل مرتفعة نسبيا بين نطاق 65 و85 دولارا للبرميل. بدوره، يؤكد الخبير الاقتصادي علي متولي خلال حديثه مع منصة "المشهد"، أنه لا يوجد مبرر لتراجع أسعار النفط عن مستوى 85 دولارا للبرميل في عام 2024، خصوصا أن منظمة البلدان المصدرة للبترول تحاول تحقيق التوازن في السوق من جانب المعروض، قائلا: "الاحتمال الأكبر أن تكون الأسعار عند 85 دولارا في المتوسط". وفي تقرير حديث عن آفاق أسواق السلع، أشارت مؤسسة "فيتش سوليوشنز" التابعة لوكالة التصنيف الائتماني "فيتش"، إلى أن اندلاع الحرب بين إسرائيل و"حماس" وما يرتبط بها من مخاطر جيوسياسية من شأنه أن يضمن بقاء أسعار النفط متقلبة على المدى القصير، لكن التطورات المتعلقة بخطط خفض "أوبك" للإنتاج وزيادة الطلب من بعض الاقتصادات الناشئة قد يبقي متوسطات الأسعار في عام 2024 بالقرب من مستويات عام 2023. توقعات أسعار الذهب عالميا 2024 على الرغم من اتجاه البنوك المركزية نحو تخفيض أسعار الفائدة خلال العام المقبل، مما يمنح المستثمرين فرصة للاستثمار في أدوات ذات عائد كبير مقارنة بالذهب غير المدر للعائد، غير أن الخبراء يرون أن المعدن الأصفر سيواصل المحافظة على بريقه مع استمرار مستويات الأسعار المرتفعة خلال عام 2024. ويبرر هذا، الخبير الاقتصادي نايل الجوابرة بقوله إن الدولار سيتعرض لضغوط خلال العام المقبل مع الاتجاه نحو تخفيض أسعار الفائدة تدريجيا، وذلك إلى جانب استمرار الدول والبنوك المركزية في سياسة زيادة احتياطاتها من الذهب. وبحسب بيانات مجلس الذهب العالمي تصدر الصين دول العالم من حيث زيادة احتياطيات الذهب خلال الربع الثالث من العام 2023 بنحو 78 طنا ليصل إجمالي احتياطي الذهب لديها نحو 2191 طنا، لكنها ظلت في المرتبة السادسة من حيث إجمالي احتياطي الذهب عالميا، خلف الولايات المتحدة التي تتصدر بنحو 8133 طنا، ثم ألمانيا 3352 طنا، وإيطاليا 2451 طنا، وفرنسا 2436 طنا، وروسيا 2332 طنا. ويتوقع الجوابرة خلال حديثه مع منصة "المشهد" أن تظل الأسعار فوق مستوى 2000 دولار للأوقية (الأونصة)، مشيرا إلى أن "سوق المعادن النفيسة دخل مرحلة جديدة فيما يتعلق بأسعار الذهب العالمية". بدوره، يرى الرئيس التنفيذي لشركة "نيو فيجن" لإدارة الثروات ريان ليمند أن أسعار الذهب خلال عام 2024 ستتحرك بين 1600 و1800 دولار للأونصة، "لأن عادة لا يستقر الذهب عند سعر محدد بل سيكون في حركة مستمرة". ويتوقع ليمند أن تظل أسعار أوقية الذهب خلال عام 2024 قريبة من مستوى 1800 دولار، لكنه لم يستبعد أيضا أن تتجاوز 2000 دولار للأونصة، مؤكدا أن "إقبال البنوك المركزية حول العالم سيدعم الأسعار لتظل مرتفعة". وتتوقع مؤسسة "فيتش سوليوشنز" في تقرير آفاق أسعار السلع أن يبلغ متوسط أسعار الذهب 1950 دولارا للأونصة في عام 2024، قائلة إن ضعف الدولار الأميركي وضبابية النشاط الاقتصادي مع توقعات تباطؤ النمو العالمي، إلى جانب المخاطر الجيوسياسية، ستبقي جميعها اهتمام المستثمرين بالذهب مرتفعا حيث يبحث المستثمرون عن الأمان.(المشهد)