في محاولة للخروج من الأزمة الطاحنة التي تضرب الاقتصاد، تسعى مصر إلى عقد شراكات إستراتيجية مع عدد من بلدان العالم، بهدف تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري.وقبل يومين، استقبلت القاهرة، الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، في زيارة هي الأولى له منذ 12 عامًا وجرى توقيع عدد من الاتفاقات التجارية، ثم أعقبها زيارة للرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا، إذ كان تعزيز التعاون الاقتصادي أيضًا حاضرًا بين البلدين.وما بين تركيا والبرازيل، يرى خبراء اقتصاد في حديث لمنصة " المشهد" أنّ الاتجاه المصريّ نحو فتح أسواق جديدة للاستثمار والتبادل التجاري من شأنه تعزيز فرص مصر في تحسين الأوضاع الاقتصادية في البلاد.وتواجه مصر أزمة اقتصادية كبيرة، تتمثل في شح العملة الصعبة، منذ سنوات مُتأثرة بتداعيات جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية ثم في النهاية الحرب الإسرائيلية على غزة، وما نتج عنها من اضطراب في حركة الملاحة في البحر المتوسط.وقال خبيران لـ "المشهد"، إنّ كل من تركيا والبرازيل، تربطهما علاقات تجارية قوية مع مصر، وتأتي الزيارات الرسمية لكي تعزز من هذه العلاقات وتفتح الباب أمام توسيع نطاقها.وأشار الخبيران إلى ضرورة اتجاه مصر نحو تسريع الاتفاقات الخاصة بالتبادل التجاري بالعملات المحلية لتخفيف الضغط على طلب الدولار.ويبلغ حجم التجاري بين مصر وتركيا 6 مليارات ونصف، في حين يصل حجم التجاري بين مصر والبرازيل إلى قرابة 3 مليارات دولار، وذلك وفقًا لإحصائيات عام 2022.التبادل التجاري بالعملات المحليةوقال الخبير الاقتصادي المصريّ الدكتور كريم العمدة، إنّ الزيارتين التي قام بهما كل من الرئيس التركي والرئيس البرازيلي لمصر، مهمتان على المستوى السياسي وكذلك على المستوى الاقتصادي، لافتًا إلى أنّ الرئيسين لهما ثقل كبير على الساحة الدولية.وأوضح العمدة في حديث لـ"المشهد" أنّ توطيد وعقد شراكات اقتصادية مع تلك البلدين أمر مهم خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية الكبيرة التي تعاني منها مصر، لافتًا إلى ضرورة التسريع في بحث إمكانية التبادل التجاري بين مصر وتلك البلدين بالعملات المحلية.وأشار العمدة إلى أن حجم التبادل التجاري بين مصر وتركيا على سبيل المثال يبلغ 6.5 مليارات دولار خلال عام 2022، تنقسم إلى 3 مليارات دولار صادرات مصرية لتركيا في حين تبلغ واردات مصر 3.5 مليارات دولار، مُضيفًا: "هذه النسبة في التجارة البينية بين البلدين يمكن أن يتم البناء عليها وتوسيعها فضلًا عن إمكانية إبرام اتفاقية للتبادل التجاري بالعملات المحلية".من جانبه، اتفق الخبير الاقتصادي المصريّ الدكتور السيد خضر، مع الطرح السابق، قائلًا: "إنّ عودة العلاقات السياسية بين مصر وتركيا بالتأكيد ستنعكس بالإيجاب على حجم التعاون التجاري والاقتصادي بين البلدين، فالاقتصاد والسياسة وجهان لعملة واحدة".وأشار خضر، في حديث لـ"المشهد" إلى أنّ الوضع الاقتصادي في مصر وتركيا متشابه إلى حد ما وهو ما يعزز إمكانية تعزيز التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري بالعملات المحلية فيما بينهما، فضلًا عن تنشيط المجال السياحي بين البلدين.غاز البحر المتوسطأيضًا التقارب المصريّ التركيّ سيسهم في زيادة حجم عمليات البحث والاستكشاف للغاز في منطقة حوض البحر المتوسط، بحسب خضر، لافتًا إلى أنّ هذا الملف يعدّ من الملفات المهمة لكلا البلدين.ورأى الخبير الاقتصادي المصريّ أنّ انفتاح مصر على الأسواق المماثلة لتركيا والبرازيل سيساهم في دفع عجلة النمو لمصر الأمر، والذي بدوره سيساهم في خروجها من أزمتها الاقتصادية.في السياق نفسه، قال خضر إنّ البرازيل تعد شريكًا تجاريًا كبيرًا لمصر، إذ تعتمد عليها بشكل أساسي في تأمين حاجاتها من القمح والمواد الغذائية الأخرى، فضلًا عن كونها من المؤسسين لمجموعة البريكس والتي انضمت إليه مصر حديثًا.وأكد خضر ضرورة توفير مناخ استثمار جيد في مصر لكي تتمكن من تصدير منتجاتها إلى الخارج وجلب العملة الصعبة، والتي تعد العقبة الأساسية التي يعاني منها الاقتصاد المصري حاليًا.في الجهة المُقابلة، يرى العمدة أنّ التبادل التجاري بالعملات المحلية مع البرازيل سيواجه تحديّات، نظرًا لوجود فجوة في حجم التبادل التجاري بين البلدين، إذ يبلغ حجم التبادل التجاري بين مصر والبرازيل نحو 3 مليارات دولار، تقوم مصر بتصدير منتجات بقرابة 470 مليون دولار ( أغلبها مواد كيميائية) في حين تستورد بقيمة 2 مليار و580 مليون دولار( أغلبها مواد غذائية ولحوم وأسماك).وأشار الخبير الاقتصادي المصريّ إلى ضرورة استقرار سعر الصرف في مصر والقضاء على السوق الموازية للدولار الأميركي، لكي تتمكن مصر من فتح المجال أمام الاستثمارات الأجنبية الجديدة التي تهتم بضرورة وجود سعر صرف موحد للعملة الصعبة.(المشهد - القاهرة)