مخاطر كبيرة تتعرض لها حركة الملاحة في البحر الأحمر، على ضوء الهجمات التي يقوم بها جماعة "الحوثي" في اليمن، على السفن التجارية العابرة من الممر الملاحي الأهم في العالم.وتأتي تلك الهجمات على إثر القصف الإسرائيليّ لقطاع غزة، فمع دخول الحرب شهرها الرابع، بات تأثيرها ليس فقط على سكان القطاع المُحاصر والذين يعيشون في ظروف إنسانية صعبة، ولكن امتد تأثيرها لكل دول العالم من خلال اضطراب حركة الملاحة في البحر الأحمر.عالميًا، تأثرت حركة التجارة البحرية بشكل كبير، إذ أعلنت شركات شحن عالمية توقّف سفنها عن العبور من البحر الأحمر، الذي يمر منه نحو 16% من حجم التجارة العالمية، الأمر الذي تسبب في زيادة تكلفة الشحن، فضلًا عن تأخر وصول تلك السفن في مواعيدها المحددة، بحسب متابعين.وقال خبراء اقتصاد وملاحة، في حديث لمنصة "المشهد"، إنّ تأثير الاضطرابات في البحر الأحمر سيكون كارثيًا على الاقتصاد العالمي، إذ بدأت بالفعل تداعياتها من خلال إحجام عدد كبير من شركات الشحن في العالم عن المرور في المجرى الملاحي، وهو ما انعكس على تكلفة الشحن وتوقيتات وصول الرحلات إلى وجهتها.وردًا على ذلك، شنت كل من الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا غارات عسكرية على مواقع تابعة لـ"الحوثيّين" في اليمن، فيما اعتبر الخبراء أنّ تلك الهجمات لن تؤدي إلى استقرار الأوضاع في البحر الأحمر، ولكن على المجتمع الدوليّ أن يقوم بدوره في تهدئة الأوضاع في غزة، والتي بدورها ستؤدي إلى توقّف هجمات "الحوثيّين".قناة السويسوقال خبير الملاحة البحرية المصريّ، وائل قدور، إنّ تداعيات هجمات "الحوثيّين"، أثّرت بالفعل على أسعار النقل البحريّ في العالم، لافتًا إلى أنّ ذلك سيؤدي بالتأكيد إلى ارتفاع أسعار السلع الغذائية.وأوضح قدور، في حديث لمنصة "المشهد"، أنّ الأيام المُقبلة ستشهد نتائج أكبر لهذه الاضطرابات على العالم كله، مشيرًا إلى أنّ حركة عبور السفن من قناة السويس انخفضت خلال الشهر الماضي، إذ اتجهت شركات الشحن إلى مسارات بديلة لنقل تجارتها من آسيا إلى أوروبا وأميركا.وكان رئيس هيئة قناة السويس، الفريق أسامة ربيع، قد أشار في تصريحات تليفزيونية، إلى انخفاض عدد السفن المارة من المجرى الملاحيّ لقناة السويس بنسبة 30% في الفترة من بداية يناير وحتى الحادي عشر من الشهر نفسه، بسبب ما يحدث في البحر الأحمر، وهو ما أثّر على العوائد الدولارية للقناة بنسبة 40%.ارتفاع تكلفة الشحنواتفق الخبير الاقتصاديّ المصريّ، الدكتور مصطفى بدرة، مع الطرح السابق، مُشيرًا إلى أنّ عددًا كبيرًا من السفن التي كانت تعبر من البحر الأحمر في رحلاتها التجارية من آسيا إلى أوروبا وأميركا، قررت تغيير وجهتها لتمر عبر طريق رأس الرجاء الصالح.وقال بدرة، في حديث لـ"المشهد"، إنّ الصين على سبيل المثال قرّرت رفع تكلفة سفن الشحن بنسبة وصلت إلى 300%، لافتًا إلى أنّ مدة وصول الشحنات التجارية ستتأثر فبدلًا من وصول السفن في غضون 3 أسابيع في رحلتها من الصين إلى أميركا، سيستغرق الأمر شهرين على الأقل.وأضاف الخبير الاقتصاديّ المصريّ قائلًا: "الأضرار الناتجة عن اضطراب حركة الملاحة في البحر الأحمر ستكون كارثية على الاقتصاد العالمي، والتي بدورها سيكون تأثيرها في النهاية على المُستهلك".تأثر سلاسل الإمداد في العالموحذّر الخبيران، من استمرار تلك الاضطرابات، والتي ستنعكس على سلاسل إمداد الغذاء والسلع الأخرى في العالم، إن لم يتم التدخل لتهدئة الأوضاع في قطاع غزة، لأنها السبب الرئيسيّ والمباشر لتلك الاضطرابات.وقال قدور، إنّ كل السلع الغذائية ومُستلزمات التصنيع والموادّ المُصنّعة ستتأثر بالأوضاع الحالية، مُبينًا أنّ اضطراب حركة الملاحة سيتبعه ارتفاع في الأسعار للمستهلك في كل دول العالم.ولكن في الوقت نفسه، رأى الخبير الملاحيّ المصريّ، أنّ أسعار البترول لن تتأثر كثيرًا نتيجة هذه الاضطرابات، مُشيرًا إلى أنّ الولايات المتحدة باعتبارها أكبر مُنتج للغاز المُسال في العالم هي من تتحكم في الأسعار حاليًا فمنذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، لم تتأثر أسعار الموادّ البترولية بشكل كبير كما كان يحدث في الأزمات السابقة.ارتفاع مُعدلات التضخم العالميعلى الجانب الآخر، رأى الدكتور مصطفى بدرة، أنّ الأضرار الناجمة عن الاضطرابات في البحر الأحمر، ستكون أكبر وأعمق من زيادة أسعار السلع الغذائية، وستؤدي الأزمة إلى ارتفاع مُعدلات التضخم العالمية، وبالتالي سيتضرر العالم كله من جرّاء ذلك، وبالأخص الدول النامية.وتابع بدرة: "منذ بداية حرب غزة قامت أميركا وبريطانيا بتحريك قطع وسفن حربية إلى منطقة الشرق الأوسط في استعراض للقوى، وهو أمر له دلالات واضحة من أنّ المنطقة ستكون مسرحًا لاضطرابات كبيرة".وكانت مصر قد حذّرت في بداية الحرب الإسرائيلية على غزة، من أنّ استمرار القصف سيؤدي إلى توسيع دائرة الصراع في المنطقة، والتي ستنعكس بدورها على استقرارها بالكامل.وأشار الخبير الاقتصادي المصريّ إلى أنّ الاضطرابات السياسية في المنطقة تداعياتها الاقتصادية ستطال العالم كله، مُطالبًا بضرورة وجود موقف عالميّ لتغيير مُجريات تلك السياسات.(المشهد)