في خضمّ ما يُعرف بـ"أزمة الدولار" في مصر، والانخفاض الحادّ في سعر صرف الجنيه المصريّ بأسواق الصرف وفي السوق الموازية (السوداء)، أكد اقتصاديون أنّ التجارة البينية بين مصر والأردن، ستتأثر، وسيكون هناك تأثيرات مباشرة وغير مباشرة على الاقتصاد الأردني. وبحسب الجهاز المركزيّ للتعبئة والإحصاء في مصر، بلغت قيمة الصادرات المصرية للأردن 726.5 مليون دولار خلال عام 2022، مقابل 711.1 مليون دولار خلال عام 2021 بنسبة ارتفاع قدرها 2.2%. كما بلغت قيمة الواردات المصرية من الأردن 253.9 مليون دولار خلال عام 2022 مقابل 204.7 مليون دولار خلال عام 2021 بنسبة ارتفاع قدرها 24%. وعلى الرغم من أنّ قيمة التبادل التجاريّ بين عمّان والقاهرة ارتفعت عام 2022 لتصل إلى 980.4 مليون دولار، مقابل 915.8 مليون دولار خلال عام 2021، بنسبة ارتفاع قدرها 7.1%، إلا أنّ الأزمة الأخيرة التي تشهدها مصر مؤخرًا، يمكن أن تفيد الاقتصاد الأردنيّ كما تضرّه في الوقت ذاته. أثر الأزمة على الأردن في هذا السياق، قال رئيس قسم الاقتصاد في الجامعة الأردنية الدكتور رعد التل، إنّ أثر أزمة الدولار في مصر على الاقتصاد الأردنيّ يتأتّى عبر جوانب عدة، أهمها التأثير على التجارة بين البلدين. وأضاف التلّ في تصريح لمنصة "المشهد"، أنّ الارتباط الاقتصاديّ الوثيق بين الأردن ومصر، يعني أنّ تقلبات سعر صرف الجنيه المصريّ قد تؤثر على التجارة بين البلدين. ولفت إلى أنّ انخفاض قيمة الجنيه يمكن أن يزيد تكلفة الصادرات الأردنية إلى مصر، وقد يؤثر على الميزان التجاري.وقال إنّ وجود نحو مليون عامل مصريّ في الأردن، يعني أنّ تراجع قيمة الجنيه بحسب التلّ، يمكن أن يؤثر على حجم الأموال المرسلة إلى أسرهم في مصر، ما قد ينعكس بشكل إيجابيّ على وضع النقد الأجنبيّ الأردني. وأوضح التلّ أنّ الأوضاع الاقتصادية في مصر قد تؤثر على الأوضاع في المنطقة وتكون لها تداعيات نظرًا للروابط الإقليمية. ويرى التلّ أنّ ارتفاع تكلفة الصادرات الأردنية إلى مصر نتيجة لانخفاض قيمة الجنيه، قد تضغط على ميزان المدفوعات الأردنيّ لصالح مصر، إذ يؤدي انخفاض قيمة الجنيه إلى انخفاض تنافسية السلع الأردنية في السوق المصرية نظرًا لارتفاع أسعارها.تأثير مباشر وغير مباشرمن جانبه، أكد الخبير الاقتصاديّ الدكتور سامر الرجوب، أنه يمكن أن يكون لأزمة الدولار والتي جنحت بسعر صرف الجنيه المصري إلى نسب متراجعة، تأثيرات مباشرة وغير مباشرة على الاقتصاد الأردني. وأكد الرجوب في حديثه لمنصة "المشهد"، أنه في ما يخص الميزان التجاري، فإنّ مصر تُعتبر شريكًا تجاريًا رئيسيًا للأردن. ولفت إلى أنّ الأردن صدّر منتجات لمصر بمبلغ 160 مليون دينار عام 2022، وشكَّلت الصادرات الأردنية إلى مصر 2% من إجماليّ الصادرات الوطنية، و6% من إجماليّ الصادرات إلى الدول العربية. وقال الرجوب، "قد يؤدي ضعف الجنيه إلى جعل المنتجات الأردنية باهظة الثمن، ما قد يقلّل المستوردات المصرية من الأردن، فقد نمت الصادرات الأردنية إلى مصر في عام 2022 بنسبة 26%، بينما كان معدَّل نموّها لعام 2021 هو 48%". واعتبر أنّ هذا التباطؤ في معدلات النمو، ما هو إلا دليل على تداعيات هذه الأزمة. وعلى صعيد المستوردات الأردنية من مصر، فإنه بسبب الأزمة تصبح السلع المصرية أرخص بالنسبة للأردنيّين، مما قد يؤدي إلى زيادة الصادرات المصرية إلى الأردن، وفق الرجوب. وأضاف، "يمكن اعتبار ذلك بمثابة فائدة للمستهلكين الأردنيّين، ولكنه قد يضرّ أيضًا بالشركات الأردنية التي تُنافس السلع المصرية الأرخص"، خصوصًا أنّ حجم المستوردات من مصر نما بمعدّل 10% عام 2022. التحويلات المالية والثلاثاء، ارتفعت أسعار بيع الدينار الأردني مقابل الجنيه المصري. وبات الدينار الأردنيّ يساوي 42.77 جنيهًا للشراء، و43.53 جنيهًا للبيع، بحسب بيانات البنك الأهليّ المصري.وبحسب الرجوب، تساهم العمالة المصرية الوافدة بتحويلات مالية تؤثر بشكل كبير على الاقتصاد الأردني، ويمكن أن يؤدي انخفاض قيمة الجنيه إلى تثبيط هذه التحويلات، ما يؤدي إلى انخفاض تدفق العملات الأجنبية من الأردن إلى مصر، وبالتالي احتفاظ الأردن بالعملات الصعبة. ثقة المستثمرين الخبير الاقتصاديّ أكد أنّ أزمة الدولار في مصر، قد تؤدي إلى خلق حالة من عدم اليقين الإقليميّ وتؤثر سلبًا على ثقة المستثمرين في منطقة الشرق الأوسط بأكملها بما في ذلك الأردن. وأضاف الرجوب "قد يؤدي ذلك إلى انخفاض الاستثمار الأجنبي في الأردن، ما يؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي". وقال: "نبرهن ذلك من خلال معدلات نمو الاستثمار الأجنبيّ المباشر المتناقصة لكلا البلدين، حيث بلغت في الربع الثالث من عام 2023 وتراجع بمعدَّل 0.1% لمصر بينما بلغ التراجع للأردن بنسبة 3%". السياحة ورجّح الرجوب أن يؤدي ضعف الجنيه إلى جعل مصر أكثر جاذبية للسياح الأردنيّين، ما يؤدي إلى زيادة إيرادات السياحة هناك، وربما تحويل الإنفاق السياحيّ بعيدًا عن الأردن. وقال الرجوب: "لا تزال آثار الأزمة المصرية على الأردن تتكشّف وتعتمد على عوامل مختلفة مثل مدى الأزمة ومدّتها، واستجابات السياسات في كلا البلدين والظروف الاقتصادية العالمية". وأضاف أنه على الرغم من وجود بعض الفوائد المحتملة كانخفاض تكاليف المستوردات من مصر، فمن المرجح أن يكون التأثير الإجماليّ سلبيًا، خصوصًا مع التحديات الناشئة عن انخفاض الصادرات الأردنية إلى مصر لارتفاع تكاليفها وتباطؤ الاستثمار المحتمل والتراجع السياحي.وأشار إلى أنّ الميزان التجاريّ الكبير ووجود جالية مصرية كبيرة في الأردن، يعملان على تضخيم هذه التأثيرات، ما يجعل الاقتصاد الأردنيّ عُرضة للتأثر نوعًا ما.(المشهد)