تواجه شركات في سوريا أزمة كبيرة بسبب صعوبة بيع سلعها في ظل تدفق الواردات الرخيصة التي تقوض المنتجين المحليين، مما أثار غضبًا واسع النطاق إزاء تحرك الحكومة الجديدة لخفض التعريفات الجمركية على الواردات، وفق صحيفة "فايننشال تايمز".تم السماح للسلع الأجنبية، التي كانت مقيدة لسنوات، بالدخول إلى البلاد في يناير بعد أن أطاح المعارضون بقيادة هيئة تحرير الشام بالرئيس السوري بشار الأسد في 8 ديسمبر.في ظل حكم الأسد، تم إنتاج معظم السلع محليًا أو تهريبها من خلال نظام من الضرائب والرسوم والغرامات الباهظة، مما أدى إلى زيادة التكاليف بشكل حاد. كما يعني نقص الكهرباء أن الشركات اضطرت إلى دفع مبالغ باهظة مقابل الطاقة.اختار بعض الشركات إغلاق متاجرها مؤقتًا بدلاً من بيع السلع بخسائر فادحة، مما يسلط الضوء على التحدي الذي تواجهه الحكومة الجديدة في إحياء الاقتصاد المحطم والحفاظ على الاستقرار الاجتماعي. وقال أحد تجار السيارات إن السيارة التي تكلف 10 آلاف دولار في بيروت، على سبيل المثال، كانت لتباع بمبلغ 60 ألف دولار في سوريا تحت حكم الأسد، ولكن الآن قد تباع نفس السيارة بمبلغ 11500 دولار.وقال أحد المصرفيين المقيمين في دمشق: "قبل شهرين، كانت جميع المنتجات في السوق سورية. أما اليوم، فإن المنتج الجاهز من تركيا أرخص من تكلفة الأقمشة المستوردة".وقال أحد رجال الأعمال في مجال المنسوجات في العاصمة إنه يتوقع أن يدرك المستهلكون في نهاية المطاف أن المنتجات المستوردة أقل جودة.تحرير الاقتصادمنذ وصولها إلى السلطة، سعت الحكومة التي تقودها "هيئة تحرير الشام" إلى تحرير الاقتصاد المدمر من أجل دفع النمو الاقتصادي والمساعدة في إعادة بناء بلد مزقته 13 عامًا من الحرب الأهلية. وفي حين جلبت الإطاحة بالأسد البهجة للكثيرين، إلا أنها جلبت أيضًا مجموعة جديدة من المشاكل للشركات التي نجت من الحرب والنظام.كان عودة الواردات إلى المناطق التي كانت تحت سيطرة الأسد في البداية موضع ترحيب حيث وجد السكان أنفسهم قادرين على شراء سلع مفقودة منذ فترة طويلة من المتاجر.لكن الحماس لم يدم طويلًا، حيث أدى نقص السيولة في جميع أنحاء البلاد وتباطؤ النشاط التجاري المحلي إلى الحد من القدرة الشرائية للناس. وقد تسبب تخفيف "هيئة تحرير الشام" السريع لقيود الاستيراد في إثارة الاستياء في المناطق التي كانت خاضعة لسيطرة النظام سابقًا، بما في ذلك العاصمة دمشق في الجنوب.وأوضح رجل أعمال من دمشق، الذي قال إنه أغلق مصانعه انتظارًا لانقضاء فترة عدم اليقين الاقتصادي: "إنهم يفعلون كل هذا لإرضاء الشمال، بينما يدفع الجنوب الثمن".وقال العديد من الأشخاص إنهم لا يعارضون خفض التعريفات الجمركية، لكنهم جادلوا بأن التخفيضات كان ينبغي أن تكون أبطأ وأصغر حجمًا لإنقاذ الشركات من الخسائر الفادحة. ونظرًا لارتفاع تكلفة الطاقة في دمشق، فقد قالوا إنه سيكون من الصعب التنافس مع الشركات التركية ما لم تحصل على بعض الدعم التعريفي.وقال جهاد يازجي، محرر صحيفة سيريا ريبورت الإخبارية، إنه إذا فشل الرئيس الجديد أحمد الشرع في إدارة الاقتصاد "في غضون بضعة أشهر، فسوف تكون هناك علامة استفهام خطيرة للغاية حول قدرته على إدارة البلاد".وتابع "أعتقد أن هذه التغييرات في المستقبل تحتاج إلى التفكير فيها بشكل أكثر شمولاً، ولكن في الوقت الحالي لا تتمتع الحكومة المؤقتة بالرفاهية للقيام بذلك".(ترجمات)