شهدت أسعار البن في الجزائر ارتفاعاً غير مسبوق خلال الأسابيع الأخيرة الماضية وهو ما أثار موجة جدل واسعة بين أوساط المجتمع الذي تمثل القهوة لفئة واسعة منه مادة ضرورية والأكثر استهلاكاً في السوق، حيث ارتفع سعر فنجان القهوة في مختلف المقاهي الشعبية إلى حدود ثلث دولار، ووصل إلى دولار في المقاهي بوسط مناطق الجذب السياحيّ.في الوقت ذاته، أعلنت الحكومة الجزائرية حزمة من التدابير لمواجهة ارتفاع أسعار البن العالمية وانعكاسه على السوق المحلية، والحدّ من تأثيراته المحتملة على القدرة الشرائية للجزائريين، وهو ما يطرح التساؤل حول سيناريوهات التعامل مع تقلبات سوق البن.ارتفاع أسعار القهوة في الجزائرفي رصد قامت به منصة "المشهد" لبعض محلات المواد الغذائية ومساحات التسوق على مستوى الجزائر العاصمة، تم الوقوف على ارتفاع في سعر كيلوغرام القهوة الذي قفز في غضون أسابيع من 1000 دينار جزائري (7.46 دولارات) بالنسبة للمستهلك النهائي، إلى 1600 دينار (11.94 دولاراً) ، وارتفع سعر فنجان القهوة وفق التسعيرة الجديدة المطبقة في المقاهي من 40 ديناراً (0.29 دولار) إلى 50 وأحياناً 70 ديناراً (0.37 إلى 0.52 دولار) في بعض المناطق ذات الجذب السياحي صيفًا، من دون التغافل عن سعر "كبسولات" القهوة، حسب ما أكده عمر سليماني مالك لأحد المقاهي وسط العاصمة الجزائر.وعن أسباب هذا الارتفاع، لخصها أستاذ الاقتصاد بجامعة الجزائر الدكتور محمد هارون في حديث لـ"المشهد" في العوامل التالية:ارتفاع أسعار القهوة ناتج عن ارتفاع ثمنها في السوق العالمية أو أسعار الشحن البحري.النقص الموجود في بعض المحال راجع إلى تخوف تجار التجزئة بالجزائر من اقتناء القهوة نظرًا لارتفاع سعرها مقارنة بما كانت عليه الشهر الماضي.بيع التجار للقهوة التي كانت لديهم في المحال بالسعر الجديد المرتفع، يدعو سلطة الرقابة أن تتحرك من أجل ضمان عدم اقتراف التجار ممارسات تضرّ بالمستهلك.واحتلت الجزائر المرتبة الأولى عربيًا في استهلاك القهوة بمعدل يقارب 130 ألف طن سنويًا وهو رقم يؤكد حجم الاستهلاك الكبير.وقال هارون إنّ "التغيرات المناخية التي يشهدها العالم خصوصًا على مدار العامين الماضيين، أثّرت على زراعة محاصيل البن والكاكاو والشاي بما شهد اضطراباً أدى إلى ارتفاع أسعارها".تدابير الحكومة الجزائريةفي السياق نفسه، تم إقرار مجموعة من التدابير أعلنتها الحكومة الجزائرية خلال بداية هذا الأسبوع لمواجهة ارتفاع أسعار البن العالمية وانعكاسه على السوق المحلية، والحدّ من تأثيراته المحتملة والتي جاءت كالتالي: المرافقة ذات الطابع الجبائيّ للمتعاملين الاقتصاديين الناشطين في هذا المجال.تسقيف هوامش الربح عند الاستيراد والتوزيع بالجملة والتجزئة.تخصيص رواق أخضر خاص للمستوردين من قبل مصالح الجمارك لتسهيل إجراءات استيراد هذه المادة.وتفاعلت العديد من المنظمات الوطنية بشكل واسع مع هذه القرارات من بينها الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين الجزائريين التي أكدت من خلال رئيسها الطاهر بولنوار في تصريحات إعلامية، أن سبب الارتفاع مرتبط بعاملين رئيسين: أولهما يتمثل في ارتفاع سعرها عالميًا بنوعيها أرابيكا وروبيستا ما جعل كلفة شرائها تنعكس تمامًا على سعر البيع في السوق الجزائرية. أما العامل الثاني يتمثل في سوء تنظيم هذا القطاع، حيث إن تنظيمها أضحى واقعا ضروريا من أجل ضبط السعر ومعرفة مدى جودة القهوة التي يتم استيرادها.وعن قرار الحكومة، أشار سمير مرواني أحد أصحاب محلات البقالة في ضواحي مدينة براقي بالجزائر العاصمة في حديث لـ"المشهد" أن القرارات والتدابير المتخذة في تسقيف الأسعار من شأنها المساهمة في تراجع الأسعار وضمان وتعزيز القدرة الشرائية خصوصًا في مرحلة بين القهوة كمنتج نهائي للزبون.وحسب ما نشرته منظمة القهوة العالمية في إحصائيتها الأخيرة، فإن الجزائر تصدرت قائمة الدول العربية الأكثر استهلاكا للقهوة وهذا بفارق كبير عن مصر التي جاءت في المرتبة الثانية في التصنيف.وقالت الإحصائية إن الجزائر احتلت المركز الأول كأعلى دولة عربية استهلاكا للقهوة بكمية 126.000 طن سنويا، تليها مصر بـ74520 طنا سنويا في حين جاءت السعودية في المرتبة الثالثة بمعدل استهلاك سنوي بلغ 74460 طناً.ترشيد الاستهلاكمن جانبها، أكدت الخبيرة في التغذية خديجة علالو في تصريح لـ"المشهد" على أنه وفي ظل الإحصائيات الأخيرة وجب الوقوف اليوم على ضرورة تنظيم حملات توعوية على مستوى البلاد لفائدة المواطنين من أجل حثهم على ترشيد استهلاك القهوة.وتابعت الخبيرة بالإضافة إلى حملات الوعي بالاستهلاك هناك عوامل عديدة يجب مراعاتها على غرار رهان الحد من الكافيين الذي يمثل تحديًا كبيرًا خصوصًا عند الذين يستهلكون البن في أوقات متعددة من اليوم بشكل متكرر وهو ما يسبب لهم عند التقليل المفاجئ للكافيين أعراض امتناع مثل الصداع والإرهاق وسهولة الاستثارة وصعوبة التركيز في المهام اليومية.(المشهد)