استنكر عشرات الناشطون عبر شبكات التواصل الاجتماعي، القرار المفاجئ الذي تمثل في منع منتج شوكولاتة "المرجان" الجزائرية من الدخول إلى الأسواق الأوروبية، بعد أن تحولت إلى ظاهرة حقيقية في فرنسا وعدد من الدول الأوروبية، وصارت تهدد عرش "نوتيلا"، لافتين إلى أنّ السبب يرجع لتحقيقها انتشارًا واسعًا والتهافت عليها من طرف المستهلكين خصوصًا في فرنسا، شكل تهديدًا لعلامات محلية. في حين تعود إلى الواجهة مجددًا، الاتهامات السابقة من الاتحاد الأوروبيّ للجزائر، بفرض قيود على صادراتها انزعاجًا لدى الأخيرة، أظهر بصورة غير مباشرة هامش الحرية الذي تريد بروكسل فرضه على شريكتها في الضفة الأخرى من جنوب المتوسط، لدى تنفيذ خططها للتنمية الاقتصادية والصناعيةّ في الوقت الذي تعمل فيه الجزائر على ترشيد وارداتها بالموازاة مع التطور الذي يشهده الإنتاج الوطني.وهو ما يطرح التساؤل حول ما هي أهداف التحامل الأوروبيّ تجاه المنتجات الجزائرية؟ وكيف سينعكس ذلك على اتفاقيات التعاون التجاريّ والاقتصاديّ في المراحل المقبلة؟"المرجان" يهدد عرش "نوتيلا " وفي حديث مع منصة "المشهد" مع بعض أصحاب المحالّ التجارية التي يتوافر بها منتج شوكولاتة "المرجان"، أعرب الكثيرون منهم عن دعمهم للمنتج الوطنيّ الذي لاقى رواجًا واسعًا في الأسواق الدولية، وصار حديث رواد الشبكات حتى تصدّر التريند خلال اليومين الماضين. وقال سمير عمراني أحد أصحاب المحالّ التجاربة لبيع الموادّ الغذائية بساحة أول ماي بالعاصمة الجزائر، أنه تفاجأ من تحوّل المنتج إلى ضجة كبيرة، حيث تناولته العديد من البرامج المتلفزة في فرنسا، وانتشر له مقاطع فيديو على تطبيق التواصل الاجتماعيّ "تيك توك" لطوابير من العملاء في محال التجزئة، وحتى داخل الجزائر رأينا تهافتًا غير مسبوق خصوصًا مع تحضيرات العائلات الجزائرية للمولد النبويّ الشريف.جدير بالذكر أن شركة "سيبون Cebon" التي تقدم المرجان تأسست منذ عام 1997، في مجال إنتاج السلع الغذائية والمحليات ومكسبات الطعم، كشركة عائلية، وظل عملها ينمو بمعدلات طبيعية حتى إطلاق منتج للشكولاتة السائلة في عام 2021، والذي اشتُهر في الجزائر بشكل واسع جدًا، نظرًا لاستعمالاته المتعددة.من جانبهم تفاعل العديد من رواد منصات التواصل الاجتماعيّ رصدت "المشهد" بعضها حول ردود الفعل تجاه القرارات الأوروبية، وقال رئيس المنظمة الجزائرية لحماية المستهلك مصطفى زبدي، عبر حسابه الشخصيّ على فيسبوك، إنّ هذا المنع يرجع إلى قوانين الاتحاد الأوروبي، مستنكرًا: "يستندون إلى المادة 20 الفقرة الثالثة من لائحة الاتحاد الأوروبي رقم 2020/2292، المنتج كان يصول ويجول، وحينما أصبح يشكل خطرًا على منتجهم المحبوب، قاموا بكل التحاليل وخرجت كل اللوائح!". انعكاسات تجاريةمن جانبه، يرى رئيس المركز الجزائريّ للاستشراف الاقتصاديّ وتطوير الاستثمار، أكرم زيدي في حديث مع "المشهد"، أنّ أسباب منع المنتج تعود إلى مجموعة من المؤشرات من بينها: أوروبا بعد أن شعرت من خلال تفاعل العديد من النشطاء داخل فضائها مع المنتَج في عديد من الفيديوهات، بدأت بالبحث بكل تأكيد عن أيّ ثغرة لمنع دخول المنتج الجزائري. "المرجان" صار يهدد منتجهم المفضل شكولاتة "نوتيلا"، التي تتربع من دون منازع على عرش شوكولاتة الطلي منذ أكثر من 15 سنة، فعثروا على هذه التعليمة. منع دخول شحنة "المرجان" تم بالاستناد إلى لائحة أوروبية تقول إنه "يُمنع دخول منتجات يكون الحليب أحد مكوناتها".وعن انعكاس مثل هكذا قرارات على النزاع التجاريّ الذي أثير سابقًا بين الاتحاد الأوروبيّ والجزائر بخصوص فرض قيود على المنتجات الأوروبية الموجّه نحو السوق الجزائرية، يقول المحلل الاقتصاديّ إنها تتجسد في مجموعة من الشروط أهمها: الاتفاقات التجارية التي وقّعتها الجزائر مع بروكسل، تسببت في إبقاء الاقتصاد الوطنيّ في خانة التبعية والاستهلاك المتواصل لكل ما هو مستورد من الخارج. الجزائر تسعى لحماية منتجها الوطنيّ أمام الرغبة الأوروبية في الاستفادة القصوى من اتفاق الشراكة، الذي يتيح رفع الحواجز الجمركية أمام صادراتها نحو الجزائر.الجزائر لم تغلق الاستيراد نهائيًا، وإنما اعتمدت مبدأ ما يتم إنتاجه محلّيًا لا يُستورد. أما المنتجات التي لا تتوافر محليًا تستورد والمؤشرات الرسمية، تقول إنّ وارداتنا تبلغ سنويًا 45 مليار دولار منها ما يزيد على 22 مليار دولار من الاتحاد الأوروبي. نموذج الإكتفاء الذاتيّ الذي حققته الجزائر في القمح الصلب هذه السنة، سيمكّن البلاد من اقتصاد 1.2 مليار دولار، ما يعني تقليص فاتورة استيراد هذه المادة وبالتالي عدم استيرادها.(المشهد - الجزائر)