كانت كوت ديفوار في حسابات الراحلين عن بطولة كأس أمم إفريقيا 2023 التي تستضيفها ملاعبها في نسختها الـ38، ولكنها عادت إلى الحياة بهدية مغربية، منحتها الفرصة لتملك الأفضلية ضمن 4 منتخبات تأهلوا كأفضل ثوالث المجموعات إلى دور الـ16، ولكنّ الاختبار المقبل أمام حامل اللقب القارّي منتخب السنغال، لن يكون سهلًا.ويشعر البعض أنّ ما مرّ به المنتخب المُضيف في مرحلة المجموعات قد لا يتكرّر، وأنّ إقالة المدير الفنيّ الفرنسي غاسكيه، قد تكون بمثابة نقطة التحول في مسار الفريق البطولة، مهما بلغت درجة صعوبة المنافس.ولأنّ المفاجآت قد كثُرت في الملاعب الإيفوارية على مدار الإسبوعين الأخيرين، فإنّ لاعبي "الأفيال" يتسلّحون بكامل حظوظهم، وبمساندة الجماهير الشغوفة لتحقيق اللقب القارّي الثالث في تاريخهم، فكل الحسابات تظل ممكنة.هل يوجد أخطر من رجل عاد إلى الحياة؟بعيدًا عن ما يدور في البطولة من نتائج، فإنّ مواجهة تجمع كوت ديفوار مع السنغال في بطولة قارية، هي بمثابة نهائيّ مبكّر، وقد دفعت نتائج مرحلة المجموعات الفريقين دفعًا ليتواجها في دور الـ16.وحققت السنغال صدارة المجموعة الثالث بعد 3 انتصارات متتالية على كل من غامبيا والكاميرون وغينيا، بنتائج 3-0 و3-1 و2-0 على الترتيب.وكان مسار كوت ديفوار مأسويًا، فبعد أن حقّقت انتصارها الوحيد في البطولة حتى الآن على حساب منتخب غينيا بيساو، بنتيجة 2-0 في مباراة افتتاح البطولة، خسر أصحاب الأرض مباراتين متتاليتين، فكانت الهزيمة الأولى أمام نيجيريا بهدف نظيف، ثم جاءت الخسارة المأسوية أمام غينيا الاستوائية بنتيجة 0-4.وتدخل السنغال المواجهة وهي الفريق الوحيد الذي حقق العلامة الكاملة في مرحلة المجموعات، ولكن لا ضمانات في المواجهات الإقصائية، خصوصًا أمام فريق عاد للحياة من بعيد، ويدخل المواجهة بشغف جديد وتحت قيادة فنية جديدة.التاريخ لصالح الأفياليمتلك المنتخب السنغاليّ قوة كبيرة خلال الأعوام الأخيرة، وتُهيمن جميع أجياله على جميع المسابقات القارية بمختلف الأعمار، ولكن تظل حقيقة أنّ "أسود التيرانغا" لم يحققوا فوزًا رسميًا في ضيافة كوت ديفوار من قبل.وفي إجماليّ المواجهات بين الفريقين، تتفوق كوت ديفوار برصيد 14 فوزا، مقابل 8 انتصارات للسنغال، بينما تعادلا 3 مرات، خلال 25 مواجهة التقيا خلالها.ولكن في إطار هذه الانتصارات السنغالية الـ8، لم يكن أيّ منها في الإطار الرسمي، حيث التقيا في 4 مناسبات، وشهدت جميعها تفوّقًا إيفواريًا.فازت كوت ديفوار على السنغال في أول مواجهة رسمية بينهما في كأس أمم إفريقيا 1965 بهدف نظيف، ثم كرّرت تفوقها بذات النتيجة في كأس أمم إفريقيا 1986.وفي تصفيات كأس العالم 2014، التقى الفريقان ذهابًا وإيابًا، وتفوقت "الأفيال" الإيفوارية بنتيجة 4-2 في مجموع مواجهتَي الذهاب والإياب، ليتأهلوا إلى نهائيات كأس العالم آنذاك.الصدفة قد تخلق بطلًايسري عنوان هذه الفقرة على منتخب كوت ديفوار في حال تحقيق الفوز والتقدم أكثر في البطولة، ولكن من قد يستحق هذا الوصف بشكل أكبر هو المدير الفنيّ الموقّت للأفيال، إميرسي فاي.أقال الاتحاد الإيفواريّ المدرب الفرنسي السابق جان لويس غاسكيه، ليعيّن لاعب الوسط الدوليّ الإيفواريّ السابق، بآمال ضئيلة في التأهل إلى دور الـ16، قبل أن تلعب النتائج لعبتها.يظنّ البعض أنه ليس من الاحترام أن تتصدر وكالات الأنباء عناوين عن محاولات الاتحاد الإيفواري لاستعارة المدرب الفرنسيّ هيرفي رينارد، الذي حقق اللقب القارّي الثاني والأخير لكوت ديفوار في عام 2015، حتى نهاية البطولة من صفوف منتخب فرنسا للسيدات.الرجل الفرنسيّ الذي حقق اللقب رفقة منتخب زامبيا أيضًا في 2012، والذي يوجد في مدرجات ملاعب كوت ديفوار خلال البطولة الحالية، لم يكن ممانعًا للمهمة بحسب ما ذكرت تقارير فرنسية، ولكنّ الرفض جاء من الاتحاد الفرنسيّ لكرة القدم.ولكن يظل "المبخوس حقه" هنا، والذي وُضع من الدار إلى النار، هو فاي البالغ من العمر 40 عامًا، والذي لعب 41 مباراة دولية لكوت ديفوار، ومثّل أندية نانت الفرنسي وريدينغ الإنجليزي، ثم العودة إلى فرنسا من جديد بألوان نيس، ولكنه لم يخض تجربة تدريبية من قبل، ليصبح مطالبًا بإعادة الروح إلى منتخب بلاده، ومحاولة إقصاء حامل اللقب الذي يكتسح الأخضر واليابس في السنوات الأخيرة على الصعيد القاري.منافس صعبعلى الجانب الآخر، يوجد رجل عقلانيّ يدرك ما يمكن أن تصنع كرة القدم، وهو المدير الفنيّ لـ"أسود التيرانغا" أليو سيسيه.يصب سيسيه كامل تركيزه على المواجهة التالية، رافضًا التسليم إلى ما ظهر عليه الفريق خلال مرحلة المجموعات، ويدرك خطورة الأفيال العائدة، حيث قال خلال المؤتمر الصحفي: "الآن ليس وقت تقييمنا، لأننا في منتصف البطولة، ما يهمنا هو مباراة الغد، لأنه لو سارت الأمور بشكل سيء، سوف نعاني من جرّاء الخروج من البطولة".وأضاف: "فريقنا يعيش مرحلة جيدة بعد 3 مباريات ، حققنا نتائج جيدة في مرحلة المجموعات، وأنا راضٍ عن ذلك".وأكد: "سنخوض مباراة غاية في الصعوبة. إذا فزنا سنواصل المغامرة، وإذا خسرنا سنعود إلى الديار".وشدّد: "لقد تأهلنا بـ9 نقاط والمنافس صعد بـ3 نقاط، هذا لا يهم. الآن بطولة جديدة بدأت، كوت ديفوار تبقى فريقًا كبيرًا في إفريقيا، ويملك لاعبين جيدين".وختم بالقول: "الخسارة في أخر مباراتين تبقى مجرد صدفة، سيُظهرون أداءً مغايرًا أمام جماهيرهم".ويظل منتخب مصر هو آخر من حقق لقب البطولة على أرضه في عام 2006، كما يظل "الفراعنة" أيضًا هم آخر من احتفظوا باللقب في نسخ متتالية خلال أعوام 2008 و2010، وهما غايتان يسعى طرفا المواجهة إلى تحقيق أيّ منها بنهاية البطولة.(المشهد)