رهانات المدرب الشاب لمنتخب ألمانيا في كرة القدم، يوليان ناغلسمان (36 عاماً)، كثيرة، والمطلوب واحد: التتويج بلقب بطولة أمم أوروبا (يورو 2024) المقررة خلال الفترة من 14 يونيو الحالي وحتى 14 يوليو المقبل.ولأن منافسات النسخة الـ17 مقررة في ألمانيا، فإن المنتظر من ثاني أصغر مدرب في تاريخ "ناسيونال مانشافت"، لن ينزل تحت سقف الوقوف على النقطة الأعلى من منصة التتويج للمرة الرابعة في تاريخ البلاد بعد 1972 و1980 و1996. 28 سنة مرت على اللقب القاري الأخير. فترة طويلة جداً بالنسبة إلى منتخب توج 4 مرات بكأس العالم، آخرها في 2014. بعد رحيل المدرب يواكيم لوف إثر "يورو 2020" الذي أقيم في 2021 بسبب تفشي فيروس "كورونا" والخروج المرّ لألمانيا من دور الـ16 أمام إنجلترا، جاء هانسي فليك بصفة "المنقذ" بعد إنجازات سطّرها مع بايرن ميونيخ تمثلت بتحقيق "السداسية التاريخية"، غير أن الخروج المذل من دور المجموعات لمونديال 2022 في قطر وما تلاه من نتائج سيئة، أفضى إلى إقصائه ليكون أول مدرب يقال في تاريخ ألمانيا.فترة محدودةتولى ناغلسمان المهمة في 2023 على أساس فترة محدودة تمتد حتى "يورو 2024" قبل أن يجري التمديد له، منذ أسابيع، حتى كأس العالم 2026 المقررة في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك. يرى البعض بأن يوليان ما زال في مقتبل العمر كي يحصر نفسه في تدريب منتخب، وأن الأجدى كان أن يتولي قيادة فريق مع ما يستلزمه ذلك من تماس يومي مع اللاعبين، غير أن المدرب الشاب الذي قيل بأن بايرن ميونيخ أراد استعادته بعد إقالته قبل موسم ونصف الموسم، استقر في موقعه، فيما وجد الاتحاد المحلي نفسه في مأزق لإيجاد بديل عنه. وقبل أيام على انطلاق "يورو 2024" الذي يشهد مباراة افتتاحية بين ألمانيا وإسكتلندا، فرض المنتخب المضيف نفسه في خانة المرشحين للتتويج باللقب إلى جانب إنجلترا وفرنسا، مستفيداً من عاملَي الأرض والجمهور. لكن هذا ليس كل شيء. فالفريق يضم عناصر قادرة على صناعة الفارق. في حراسة المرمى يبرز مانويل نوير الذي يكبر مدربه بسنتين، رغم بعض الأصوات التي تطالب بالاعتماد على نجم برشلونة الإسباني، مارك-أندريه تير شتيجن. في خط الدفاع، لا غنى عن أنتونيو روديجر بطل أوروبا مع ريال مدريد الإسباني وجوناثان تاه الذي شهد مستواه تقدماً مثيراً للدهشة توّجه بالتتويج مع باير ليفركوزن بلقب الدوري الألماني للمرة الأولى في تاريخه والكأس المحلية. ولا شك في أن عودة توني كروس إلى المنتخب بعد غياب لمدة 3 سنوات أعطى أملاً بإمكان التتويج خصوصاً أن الفريق يحتاج إلى "ضابط إيقاع" من طينة نجم ريال مدريد الذي قرر الاعتزال نهائياً بعد البطولة الأوروبية. مهمة خرق دفاعات الخصوم منوطة بالموهبتين الرهيبتين، جمال موسيالا وفلوريان فيرتز. يضاف إلى كل هؤلاء، أسماء ثقيلة مثل إلكاي جاندوجان وجوشوا كيميتش الذي لم يجد نفسه حتى الساعة في مركزه الجديد-القديم كظهير أيمن، المخضرم توماس مولر، ليروي ساني، كاي هافيرتز، والهداف "القادم من المجهول" نيكلاس فولكروج. أسماء قادرة على الحلم بلقب رابع، وتأكد ذلك بعد فوزين وديين على فرنسا في عقر دارها وهولندا، ثم تعادل مع أوكرانيا وفوز صعب على اليونان 1-2. المباراتان الأخيرتان لم ترتقيا ربما إلى المستوى المطلوب، غير أن اللاعبين معذورون خصوصاً أن ثمة خشية من التعرض للإصابة على أعتاب "المناسبة الكبرى".عملية بناء"ناجي" في موقف لا يحسد عليه حالياً في بلد ينتظر عودة منتخبه العريق إلى منصات التتويج بفارغ الصبر، لكن يبدو بأنه واثق من نفسه في ظل انتقادات طالت اختياراته على مستوى التشكيلة. استبعاد ليون جوريتزكا وماتس هاملز الذي اختير ضمن التشكيلة المثالية لدوري أبطال أوروبا في الموسم المنقضي وزميليه في بوروسيا دورتموند، يوليان براندت وكريم أدييمي وغيرهم من أمثال سيرج جنابري وتيمو فيرنر، لم يمر دون ضجة على اعتبار أن هؤلاء من أصحاب الخبرة المطلوبة في بطولة من طراز الـ"يورو". البعض اعتبر بأن ناغلسمان يبني لكأس العالم المقبلة، غير أن ضمه عناصر مخضرمة عدة يكذّب ذلك. يؤمن هذا المدرب بفكره التكتيكي القائم على الاستحواذ والضغط المبكر من خلال الدفاع المتقدم. مبادئ بنى على أساسها تشكيلته المتوازنة. هاملز لا يصلح للارتداد في حال الهجمات المرتدة. لا حاجة لأدييمي كون المنتخب الألماني لن يعتمد الهجمات المرتدة سلاحاً. جنابري قادم من الإصابة. فيرنر؟ ثمة من هم أفضل منه في مركزه. براندت نشيط لكن ناغلسمان لا يحتاج نوعيته. ويبقى استبعاد جوريتزكا لغزاً، فهو لاعب معطاء جداً. ثمة من اعتبر بأنه كان في مقدمة من دعا إلى "حملة الاعتراض" في مونديال قطر، وبالتالي قرّ الرأي على التخلص منه كي يتمكن يوليان من العمل بهدوء. يبقى هذا السبب في إطار التكهنات. اللافت أن المدرب ضم الصاعد ألكسندر بافلوفيتش، زميل غوريتزكا في بايرن ميونيخ، والذي يشغل مركز لاعب الارتكاز أيضاً. يعمل ناغلسمان "المرن" بشعار "الأمر لي". الجميع مجمع على أنه قادر، لذا لا عجب من أنه يلقى كل الدعم. إن توّج باللقب القاري، سيدخل التاريخ من أوسع أبوابه على الرغم من أنه ما زال في بداية الطريق نسبةً إلى سنه. ألمانيا التي لطالما انتُقدت في ثمانينيات القرن الماضي بسبب منتخباتها "المتقدمة سناً" تعتمد اليوم على مدرب شاب وتشكيلة شابة. تراهن على "ناجي" الذي يستند إلى هذا الدعم الذي لن يعمّر طويلاً إلا في حالة واحدة: التتويج بـ"يورو 2024".