تحلم جماهير مانشستر يونايتد الإنجليزي بعودة فريقها إلى المكان الذي يؤمنون أنه ينتمي إليه في قمة كرة القدم الإنجليزية والأوروبية، وربما يكون انخفاض سُلطة عائلة الغليزر الأميركية على الفريق بمثابة خطوة أولى نحو إصلاح مأمول.وأعلن مانشستر يونايتد الإنجليزي هذا الأسبوع استحواذ رجل الاعمال البريطاني، سير جيم راتكليف، على حصة تبلغ 25% من ملكية النادي الإنجليزي العريق.وتحصل مجموعة "إنيوس" للإدارة الرياضية، التي يترأسها راتكليف، على التفويض الكامل لإدارة أنشطة وملفات كرة القدم بالنادي الأكثر تتويجا بالدوري الإنجليزي الممتاز.ووفقا لهذا الاتفاق، ستضخ المجموعة 300 مليون دولار أميركي للاستثمار في أصول النادي ومشآته، وكذلك للاستثمار في كرة القدم.وتبدو الملامح الأولى لتلك الخطوة إيجابية بالنسبة للبعض، ولكن مشاكل فريق مانشستر يونايتد وطريقة إدارة النادي تبدو أكثر تعقيدا من مجرد انتقال ملكية أو تفويض إداري من طرف إلى آخر.وسيتسلّم راتكليف ومجموعته تركة ثقيلة للغاية حين يتم اعتماد الصفقة بشكل رسمي، فكيف سيتعاملون مع الإرث الثقيل الذي ورثوه؟حسم موقفه المدير الفنييقود الهولندي إريك تين هاغ فريق مانشستر يونايتد للموسم الثاني على التوالي.وقدّم تين هاغ أوراق اعتماده بشكل مميز أمام الجماهير في الموسم الأول، حيث خلق هوية مميزة للفريق في الملعب، وأعادهم للمنافسة على رُباعي مُقدمة ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز، كما نجح في دفع الفريق إلى منصات التتويج، بعد أن تحقق لقب كأس رابطة المحترفين.أما الموسم الثاني، فيبدو حتى الآن مُخيبا للآمال، مع خسارة 8 مباريات من أصل 18 خاضها الفريق في الدوري الإنجليزي الممتاز، مع توديع المسابقات الأوروبية مُبكرا وتذيل المجموعة في مسابقة دوري أبطال أوروبا مع تلقّي 4 هزائم.كما ودّع الفريق مسابقة كأس رابطة المحترفين التي حمل لقبها في الموسم الماضي.وسيكون هذا الملف حاسما في مستقبل فريق كرة القدم، فإما استمرار دعم المدرب مع تغيير سياسات التدعيم، أو التضحية به مُبكرا وبدء مشروع جديد.سياسات تدعيم الفريقتستمر علامات الاستفهام حول سياسة التدعيم وقيمة الصفقات التي يُبرمها الفريق خلال فترات الانتقالات المتتالية.فقد أنفق مانشستر يونايتد 100 مليون جنيه إسترليني لاستقطاب البرازيلي أنتوني من أياكس أمستردام الهولندي، كما أنفق 80 مليون جنيه إسترليني للحصول على خدمات الدنماركي راسموس هويلاند من أتالانتا الإيطالي، و30 مليون جنيه إسترليني لانتداب ماسون ماونت من صفوف تشيلسي الإنجليزي، ولم تقدم أي من تلك الأسماء ما هو مُنتظر منها على مدار موسمين في الشق الهجومي.ويفقد الفريق خدمات العديد من اللاعبين الصاعدين، حيث تلتقطهم الأعيُن الخبيرة في الأندية المنافسة الأُخرى، فقد فوّت مانشستر يونايتد فرصة التعاقد مع إرلينغ هالاند في عام 2019 على سبيل المثال، ولم يكن مكانا جذابا لاستقطاب خدمات جود بلينغهام في عام 2020.كما تحتاج أكاديميات النادي إلى المزيد من التعديلات في سياساتها وتعاملها مع المواهب، حيث انخفض دورها في دعم الفريق الأول، على عكس الدور التاريخي لها في عهد المدير الفني التاريخي أليكس فيرغسون.تجديد ملعب ومرافق الناديلم يتفق الكثيرون حول ما قاله البرتغالي كريستيانو رونالدو في حواره مع الإعلامي بيرسي مورغان، ولكن ربما انتقاده لمرافق النادي ومركز التدريب وأدوات الاستشفاء كان أمرا في محله.وذكرت العديد من التقارير الإنجليزية أن مرافق مركز التدريب الخاص بنادي مانشستر يونايتد يبدو بعيدا من حيث التجهيزات مقارنة بالعديد من الأندية المُنافسة في إنجلترا، والتي انفقت مئات الملايين من الجنيهات الإسترلينية لتجديد مراكزها التدريبية.كما ذكرت تقارير أُخرى أن ملعب "أولد ترافورد" العريق هو واحد من ملاعب قليلة للغاية في إنجلترا التي لم يتم إجراء تحسينات وتطويرات عليها منذ عقود.ومع ضخ مئات الملايين في أصول النادي للاستثمار في مرافقه، فإن هذا الملف سيكون ضمن أولويات الإدارة الجديدة لتحقيق فائدة اقتصادية على المدى البعيد.تجنُّب تكرار الأخطاءلن يكون تكرار الأخطاء القديمة أمرا مقبولا لدى جماهير مانشستر يونايتد بعد الآن، فلن يكون استمرار الوجوه القديمة التي توالت على تطبيق السياسات غير الناجحة إداريا بمثابة أمر مُستساغ.واتخذت الإدارة الجديدة خطوتها الأولى بهذا الصدد، وهو تعيين الثنائي، جان كلود بلانك، المدير الرياضي السابق لنادي باريس سان جيرمان الفرنسي، وسير ديف بريلسفورد، كعضوين مُنتدبين لدى مجلس إدارة مانشستر يونايتد عن مجموعة "إنيوس".ولا ترغب "إنيوس" في تكرار أخطائها في بداية الاستحواذ على نادي نيس الفرنسي قبل سنوات، حيث ظنوا أن الوجوه القديمة في إدارة النادي قبل الاستحواذ كانت تتمتع بالكفاءة اللازمة وكانت بحاجة لزيادة الاستثمار ماليا، وهو ما أثبت فشله لاحقا قبل أن يتم تعديل السياسات.حصد البطولاتفي ختام كل تلك النقاط، تظل مسألة المنافسة في أعلى المستويات بشكل ثابت، والعودة إلى منصات التتويج الكُبرى هي الغاية الأهم التي تطمح إليها جماهير مانشستر يونايتد.ويغيب لقب الدوري الإنجليزي الممتاز عن خزائن "الشياطين الحُمر" منذ موسم 2012-2013.وتستمر سيطرة الغريم المحلي مانشستر سيتي على اللقب في السنوات الأخيرة، كما تظهر خطورة الغريم التقليدي ليفربول، الذي يطمح لمعادلة ألقاب مانشستر يونايتد، الذي ما زال يحتفظ بالقمة كأكثر أندية كرة القدم الإنجليزية تتويجا بمسابقة الدوري المحلي.تود جماهير "الشياطين الحُمر" في النهاية أن ترى فريقها يسير في الطريق الصحيح، فلا مجال للمزيد من خيبات الأمل.(المشهد)