في عالم كرة القدم، يتميز الدوري الإنجليزي الممتاز بارتباطه الوثيق بالتقاليد البريطانية التي تمتد عبر الزمن. واحدة من هذه التقاليد هي مباريات "بوكسينغ داي"، التي أصبحت حدثًا رياضيًا وثقافيًا ينتظره عشاق كرة القدم حول العالم. هذا اليوم، الذي يُحتفل به في 26 ديسمبر من كل عام داخل بريطانيا، ليس مجرد يوم عادي في جدول المباريات، بل يجسد مزيجًا من التاريخ، التقاليد، والمنافسة. ما هو "بوكسينغ داي"؟ وكيف بدأ؟ وما علاقته بالدوري الإنجليزي الممتاز؟.. نستعرض إجابات هذه الأسئلة من خلال سطور هذا التقرير. أصل تسمية يوم "بوكسينغ داي" يتجاوز يوم "بوكسينغ داي" حدود الرياضة، إذ يرتبط بتقاليد اجتماعية ودينية في بريطانيا، تمتد لعهد الملكة فيكتوريا. استمد هذا اليوم اسمه من عادة كانت سائدة في المجتمع البريطاني خلال القرن التاسع عشر، حيث كان الأثرياء يوزعون الهدايا في صناديق على الفقراء والخدم في اليوم الذي يلي عيد الميلاد. وكان هذا اليوم بمثابة فرصة للخدم للحصول على إجازة من العمل والعودة إلى منازلهم لتقديم الهدايا لعائلاتهم. كما لعبت الكنائس دورًا محوريًا في هذا التقليد، حيث كانت تجمع التبرعات على مدار العام وتوزعها في صناديق على المحتاجين في هذا اليوم. ومع مرور الوقت، تطور هذا التقليد ليصبح عطلة رسمية تحمل طابعًا رياضيًا. "بوكسينغ داي" وكرة القدم تاريخيًا، كانت مباريات كرة القدم تُقام حتى يوم عيد الميلاد نفسه، حيث كانت الجماهير تتجمع لمشاهدة المباريات بعد الاحتفال مع عائلاتهم. ومع ذلك، بدأت التوجهات الاجتماعية والثقافية تتغير في خمسينيات القرن الماضي، مما أدى إلى إيقاف المباريات في 25 ديسمبر ونقلها إلى يوم "بوكسينغ داي". لذا، أصبح هذا اليوم مناسبة رياضية مميزة تجمع بين حماسة الجماهير وروح المنافسة في الدوري الإنجليزي الممتاز. والآن، أصبح يوم 26 ديسمبر من كل عام بمثابة حدث منتظر من موسم الدوري الإنجليزي الممتاز، حيث تشتغل منافسات "بوكسينغ داي"، التي تحمل طابعها الخاص والمؤثر في سياق المنافسة على اللقب. أرقام من جولات "بوكسينغ داي" عبر التاريخيتصدر ليفربول الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم في يوم عيد الميلاد، وهي المرة الـ21 التي يحقق فيها هذا الإنجاز. لكن التاريخ يُظهر أن صدارة الكريسماس ليست ضمانًا لتحقيق اللقب. فمن بين 32 موسمًا للدوري الممتاز، تمكنت الفرق التي تصدرت يوم 25 ديسمبر من الفوز باللقب في 16 مناسبة فقط، مما يترك المجال مفتوحًا للمنافسة. ليفربول نفسه كان ضحية لهذه الظاهرة. فعلى الرغم من تصدره الكريسماس 21 مرة في تاريخه، لم يتمكن من الفوز باللقب سوى 11 مرة. مانشستر سيتي، الفريق الذي أصبح متخصصًا في قلب الموازين، تمكن في أكثر من مناسبة من انتزاع اللقب رغم تأخره في الجدول في يوم عيد الميلاد. أما على الصعيد التهديفي، فإن النجم المصري محمد صلاح هو صاحب أعلى رصيد من المساهمات التهديفية في عهد الدوري الإنجليزي الممتاز، الذي انطلق في عام 1992، حيث قدّم 26 مساهمة تهديفية ما بين تسجيل وصناعة، بينما يظل النجم الإنجليزي هاري كين هو الهداف التاريخي لجولات "بوكسينغ داي"، برصيد 10 أهداف. مباريات أسطورية في "بوكسينغ داي" شهد يوم "بوكسينغ داي" على مر السنين مباريات تاريخية لا تُنسى في الدوري الإنجليزي الممتاز. التنافس الشديد بين الفرق، بالإضافة إلى الأجواء الاحتفالية التي تحيط باليوم، جعلت من هذا التاريخ موعدًا لأحداث درامية داخل المستطيل الأخضر. واحدة من أكثر المباريات إثارة كانت في عام 2012، حين قلب مانشستر يونايتد تأخره وفاز على نيوكاسل يونايتد 4-3. وفي 2017، قدّم هاري كين أداء استثنائيا وسجل "هاتريك" ليقود توتنهام إلى فوز كبير بنتيجة 5-2 على ساوثهامبتون. أما في عام 1963، فقد كانت أكثر جولات "بوكسينغ داي" إثارة في تاريخ الدوري الإنجليزي، حين شهدت 10 مباريات تسجيل 66 هدفا، كرقم قياسي. ولا يقتصر تأثير "بوكسينغ داي" على الملاعب، بل يمتد ليشمل الجانب الاقتصادي. حيث تملأ الجماهير المدرجات بأعداد كبيرة، مما يعزز الإيرادات من التذاكر والمبيعات، كما تلعب شبكات البث التلفزيوني دورًا رئيسيًا في تغطية المباريات، حيث يستقطب هذا اليوم أرقام مشاهدة قياسية.(المشهد)