حقق منتخب الأردن إنجازا تاريخيا ببلوغ المباراة النهائية لبطولة كأس آسيا 2023، بعد الفوز على كوريا الجنوبية بهدفين نظيفين في نصف النهائي.مسيرة رائعة يحققها منتخب الأردن في البطولة المُقامة حاليا في قطر، حيث خالفت التوقعات السلبية ما قبل البطولة.فريق بطل يقوده المغربي حسين عموتة، الذي قرر محاكاة تجربة مواطنه وليد الركراكي مع منتخب المغرب، والذي نجح في تحقيق إنجاز تاريخي لـ"أسود الأطلس" في كأس العالم 2022، على الأراضي القطرية أيضا.نتائج متخبطةلم تكن الأمور مُهيأة لتوقع أي نتائج إيجابية خلال الأشهر الأخيرة، فقد كانت بداية "النشامى" في التصفيات المزدوجة المؤهلة إلى كأس آسيا 2027 وكأس العالم 2026، متواضعة ومُحبطة.خسر الأردن في عمان أمام نظيره السعودي، وتعادل خارج قواعده مع طاجيكستان، لتتعقد حظوظه في التأهل إلى المرحلة الثالثة من التصفيات.استمر الأردن تحت قيادة المغربي حسين عموتة، والذي تعرض لخسارة قاسية وديا على يد منتخب اليابان قبل انطلاق البطولة القارية بأيام قليلة، بنتيجة 1-6.لا شيء يُبشر بنتائج إيجابية في النهائيات القارية، ولكن عموتة ورجاله قرروا قلب المعطيات خلال النهائيات، ليقدموا بطولتهم الأفضل على الإطلاق.تحدّ مفاجئالحسين عموتة، ابن الـ54 عاما، ابن مدينة الخميسات والذي مثل فريق الاتحاد الزموري والفتح الرياضي، كلاعب، قبل أن ينتقل إلى نادي الرياض السعودي، ومنه إلى السد القطري، ثم الشارقة الإماراتي، قبل أن يعود إلى الدوري القطري من بوابة نادي قطر، ليختتم مسيرته هناك، بدأ مسيرته التدريبية في عام 2003.بدأ عموتة تجربته مع الاتحاد الزموري للخمسيات كمدرب، قبل أن ينتقل أيضا إلى الفتح الرباطي، وهذه المرة كمدير فني، ليقودهم إلى تحقيق كأس العرش المغربي وكأس الكونفدرالية الإفريقية.حقق عموتة بعض الإنجازات التدريبية مع السد القطري ثم الوداد الرياضي المغربي، الذي قاده للتتويج بدوري أبطال إفريقيا 2017، قبل أن ينجح في قيادة منتخب المغرب للمحليين للفوز ببطولة أمم إفريقيا لهذه الفئة في عام 2020.عاد عموتة لفترة قصيرة لتدريب نادي الوداد، خلفا لوليد الركراكي الذي رحل لتدريب منتخب المغرب، ولكن لم تُكلل بالنجاح كفترته الأولى، ليرحل سريعا، ثم جاءه التحدي المفاجئ لتدريب منتخب الأردن.بصمة مغربيةبدأت المهمة في 27 يونيو 2023، وخلال وقت قصير للغاية، شهد منتخب "النشامى" العديد من التقلبات، ولكن التجربة المستقرة في قطر والأداء الرائع الذي قدمه رجال الأردن، جعل الجماهير تغير رأيها في المدرب المغربي.لا شك أن عموتة قد جمع الكثير من الخبرات خلال سنواته التدريبية، وهو ما يدل على قدرة الاتحاد المغربي لكرة القدم على تكوين مدربين على أعلى مستوى، تمكّنوا من تحقيق النجاحات مع الفرق المغربية وخارجها.نجح عموتة في تكوين أفضل مجموعة ممكنة، ووضع بصمته ليقدم الأردن أفضل أداء له في تاريخ البطولة، فكانت الغزارة التهديفية بتسجيل 12 هدفا خلال 6 مباريات، وكانت الصلابة الدفاعية بالاستبسال في المباريات الحاسمة وعدم استقبال أهداف خلال مواجهتي ربع النهائي ونصف النهائي، في تحسُّن وتناغم واضح لعناصر "النشامى".محاكاة تجربة الركراكينجاح عموتة الفردي ليس وليد الصدفة، خاصة بعد فترة قليلة من بزوغ اسم وليد الركراكي كعنصر تدريبي.بعد تجارب تدريبية ناجحة وتكوين العديد من الخبرات في فرنسا وقطر مع عدد من الأندية، ختاما بقيادة الوداد الرياضي إلى التتويج بدوري أبطال إفريقيا في 2022، كان الركراكي هو رجل المرحلة لمنتخب المغرب بعد إقالة المدرب البوسني وحيد هاليلوفيتش.خلال فترة قصيرة، نجح الركراكي في إعادة الثقة إلى قائمة منتخب المغرب، وكان مفاجأة كأس العالم الكبرى قبل أقل من عامين.يستمر المغرب في إنتاج مديرين فنيين يملكون العلم الكافي والدراسات والتكوين لأجل الانتشار في أنحاء الدول الباحثة عن النجاح في كرة القدم، ولعلنا نشاهد نجاحات قريبة من أسماء واعدة مثل عادل رمزي، الذي كوّن خبراته في أيندهوفن الهولندي ولم تستمر تجربته طويلا مع الوداد الرياضي.وإجمالا، يمكن اعتبار أن قدرة الاتحاد المغربي لكرة القدم على تكوين مدربيه بشكل ناجح، أصبح كلمة السر في نجاحات المنتخبات والفرق العربية، مما يفرض بقوة نجاح المدرب العربي في المنافسة عالميا، طبقا لكفاءته.(المشهد)