ضجيج الانتقالات في السعوديّة كان قوياً للغاية، أقوى ربما من عديد الدوريّات في أوروبا، بنزييما لحق برونالدو وتبعهما نيمار، في العاصمة الرياض وصل سافيتش ونيفيز وكوليبالي وميتروفيتش ومالكوم وبونو إلى الهلال، وقابلهم ماني وأوتافيو ولابورت وبروزوفيتش وفوفانا وتيليس في النصر.أما عن جدة فالأسماء كانت رنانةً أيضا، محرز وكيسي فيجا وإيبانيز وميندي وديميرال وسانت ماكسميان في الأهلي، ورد الاتحاد جاء أقل حدة عن طريق بنزيما وكانتي وفابينيو ولويس فيليبي.أدار صندوق الاستثمار السعوديّ الأندية الأربعة الكبرى في السعوديّة، وبدأت باقي الأندية محاولة تدعيم نفسها، في مشروع مستمر وليس خلال سوق انتقالات واحد.976 مليون يورو (1.043 مليار دولار) دفعتها الأنديّة السعوديّة في سوق الانتقالات الأخير، وبدأت أنظار العالم تتجه نحو الدوري السعوديّ، بين متشوق لمشاهدة هؤلاء النجوم، وبين من أبهرته الأضواء، وبين من يتابع لينتظر تكرارًأ جديدًا لطفرة الدوري الصينيّ من قبل. ولكن رغم ذلك، لم ينجح الهلال أو النصر في الوصول لنهائيّ دوري أبطال آسيا، وتم إقصائهما على يد العين، وفي كأس العالم للأنديّة، تلقى الاتحاد الهزيمة بثلاثية أمام الأهلي المصريّ. هذه النتائج أثارت التساؤلات، بعضها ربما مُثار من قبل، هل أضر وجود هؤلاء النجوم بالكرة في السعوديّة؟ هل أثر على التنافس أو اللاعب السعودي؟ كيف تتقارب موازين القوى بين الأندية مستقبلًا؟ متى يبدأ التعاقد مع المواهب وإبراز دوريات الشباب؟وداع آسيا خسر النصر أمام العين في ربع النهائي، في الإمارات بهدف دون مقابل، وفاز في العودة بأربعة أهداف مقابل ثلاثة وخسر بركلات الترجيح، وخسر الهلال أمام نفس الفريق في نصف النهائي، تأخر ذهابا 4-2 في الإمارات، ولم يكفيه الفوز 2-1 في السعوديّة. في كأس العالم للأنديّة، لم يقدم اتحاد جدة أي شيء يذكر بالخسارة 3-1 أمام الأهلي المصريّ، في مباراة لم يكشر فيها العميد عن أنيابه تمامًا.توجهنا بالسؤال إلى صالح الداوود اللاعب السعودي السابق، الذي قال في تصريحات خاصة لمنصة "المشهد" عن وداع الأندية السعودية للبطولة: "يمكنني أن أقول بين قوسين عدم توفيق، كل الفرق حاولت وبذلت قصارى الجهد وكانت موجودة في الميدان بشكل جيد، النصر خسر بركلات الترجيح والهلال خلال المباراة الأولى كان في غير يومه".وعن عودة الأنديّة السعوديّة للسيطرة في السنوات القادمة، أضاف "نعرف أنّ الفرق السعوديّة لديها الإمكانيات والجودة في العناصر سواء الأجانب أو المحليين، لذلك أعتقد أن عدم التوفيق فقط هو ما حدث في هذه النسخة، في البطولات القادمة سنرى الأمور تختلف، الأنديّة السعودية لديها الإرث والحضور الجيد دائمًا".من جانبه، قال الإعلامي السعودي أسامة النعيمة لـ"المشهد": "هناك دول رائدة في مجال كرة القدم وأنديتها لا تفوز بدوريّ أبطال أوروبا في كل سنة، إيطاليا وإسبانيا وإنجلترا وغيرها، قد يكون هناك أنديّة في دول متأخرة في كرة القدم مقارنةً بالكبار وأحد أنديتها يحقق البطولة، الأنديّة السعوديّة "كعبها عالي" في آسيا وما زالت لها الريادة". وأضاف "المقياس دائمًا هو العطاء داخل الملعب، قد توفق في يوم، ولاتوفق في يوم آخر، وهذا في رأيي ما حدث مع الهلال والنصر؛ الريادة دائمًا في آسيا للسعوديّة، الهلال هو أكثر نادي حقق اللقب القاريّ، ولذلك العودة ستكون قريبة ولكنك لن تفوز في كل عام".تواجد النجوم في السعودية اللعب مع أسطورة بحجم كريستيانو رونالدو -كمثال على النجوم في السعودية- حلم بالنسبة لأي لاعب كرة قدم، أو التقاط صورة معه، أو استبدال القميص بعد المباراة إذا كان الخصم، تواجد هؤلاء النجوم أيضًا حافز لعديد اللاعبين للتواجد في الدوري السعودي للعب وسط الأضواء.على الجانب المقابل، قد يخلق اللعب ضد رونالدو، وغيره من النجوم، حافزًا أكبر لإظهار أفضل ما لديك للتفوق عليه، خصوصًا أنها ستكون مباراة تحت الأنظار من الجميع. قد نرى أيضًَا مستويات أفضل من النجوم عندما يصطدمون ببعضهم البعض في المواجهات الكبرى. ومن جانبه، علق اللاعب السعودي السابق صالح الداوود لـ "المشهد": "تواجد النجوم أعطى إضافة وحافزاً للمنافسين، عندما يلتقي أيّ فريق مع النصر الذي يضم رونالدو وعديد النجوم، ستجد كل اللاعبين يبذلون جهدًا أكبر لأن المباراة تحت الأضواء". وأضاف "هذه ضريبة تواجد النجوم ولكنها ليست عذرا للخروج من البطولة، ضريبتها أن الفرق التي ستقابلك ستقاتل 200% من أجل إثبات الوجود، وجود اللاعبين العالميين محفز للمنافسين لهذه الفرق، ويعطي دافعاً للاعب الموجود في نفس الفريق أيضًا". صالح الداوود يرى أن المشروع السعودي ما يزال في بدايته ويجب على الجميع الصبر للحصول على نتائج، وكذلك الدعم من الإعلام والجماهير للوصول لأفضل نتيجة ممكنة.رأي اتفق فيه الإعلامي الرياضي أسامة النعيمة قائلًا: "تواجد النجوم أعطى رد فعل إيجابي كبير للكرة السعوديّة، وسيكون له أثره في المستقبل مع التطور أكثر، النجوم حققوا نقلة كبيرة وأضافوا متابعة للدوريّ من بلدان مختلفة"."استعجال"من جانبه، قال صالح الداوود لـ "المشهد" عن ذلك "الدوري السعوديّ تنافسيّ منذ فترة طويلة والإثارة حتى الجولة الأخيرة سواء في الصدارة أو الوسط والهبوط وسيتطور أكثر في المستقبل، المهم أن نؤمن بهذا المشروع إعلاميًا وجماهيرياً لأننا في الخطوات الأولى لذلك اعتقد أنّ الإعلام له دور كبير في مواكبة التطورات".وأضاف "من الطبيعي في أيّ مشروع ستكون هناك بعض الملاحظات، من ينظر للمستقبل سيجد أن كل الأنديّة ستستفيد، بدأنا بـ4 استحوذ عليهم صندوق الاستثمار ومستقبلا هناك أندية ستلحق بركب الخصخصة في كل مرحلة".وتابع "للأسف هناك استعجال من الكثيرين ويعتقدون أن هذا المشروع الكبير سينتهي في "يوم وليلة". من الصعب تحويل أنديّة هواة لمحترفة أو مخصخصة، إنه مشروع كبير ويحتاج لصبر، وأن يلقي الإعلام الضوء على كل شيء وليس الأشياء السلبية فقط. الملاحظات الحالية طبيعية للغاية، وأنا مؤمن أنّ المشروع ما زال في بداياته وسيتحسن مع الوقت".الإعلامي أسامة النعيمة زاد استمتاعه بالدوري السعوديّ بعد التعاقدات ويرى أنّ هذا لم يؤثر على التنافس، حيث قال: "التعاقدات الكبيرة ساهمت في زيادة المنافسة في الدوري ولم تقلله وجعلته أكثر متابعة حول العالم، الآن نستمتع بمباراة بين المركزين الـ10 و11 مثل الأول والثاني. القوة استمرت في كل المباريات".وأضاف "الدوري يحتاج بعض الترتيبات في مواعيد المباريات، التطوير السنويّ مطلوب لنجاح المشروع الذي تعمل عليه المملكة".صراع المتعة والتنافسية سيظل قائمًا لما قد يمتد لـ3 أو 4 مواسم قادمة مع تطور انتقالات كل الفرق وإداراتها تماشيًا مع الصورة الكبيرة للمشروع.التأثير على اللاعب السعودي ازداد عدد المحترفين في الدوري السعودي إلى 8 لاعبين، ومن المقرر أن يرتفع العدد إلى 10 خلال الموسم المقبل، بينهم 2 من مواليد عام 2003 أو أكثر.كلما ازداد عدد المحترفين، كلما قل عدد اللاعبين السعوديين في التشكيل الأساسي للفرق السعودية بالطبع، فمن النادر أن نجد لاعبًا أجنبياً على مقاعد البدلاء.صالح الداوود يرى أنّ المشروع السعوديّ له جوانب تسويقيّة وتحفيزيّة كبيرة للشركات وفي بعض الوقت يكون لهذا تأثير على اللاعب السعوديّ، لأن المستثمر يريد مجالًا مفتوحًا لاستقطاب أي لاعب دون فرض لاعب معين عليه، وهذه من ضريبة المشروع.وتابع اللاعب السعوديّ السابق في تصريحاته لـ المشهد "اللاعب السعوديّ يجب أن يقاتل لكي يظفر بمركزه وهذا ليس أمر هين، كل مدير رياضيّ أو مدير إداريّ الآن في أي نادٍ، خصوصًا الأنديّة التي استحوذت عليها الشركات، سيغير النظرة العامة وتوجهات النادي، وسيكون هناك اهتمام بالشباب وبالتالي إيجاد الفرصة الأكبر للاعب السعوديّ ليشارك أكثر".وواصل "كان هناك دوريّ رديف من قبل وأنا كنت من أنصاره بقوة، ولكن الأنديّة لم تدعمه أو تستفاد منه، 7 أنديّة فقط من أصل 18 شاركوا ولذلك توقف، أعتقد أنه بوجود المديرين الأجانب سيحاولون إيجاد بطولة رديفة لدوري روشن". واستطرد "الخطوات التي يقوم بها الاتحاد السعوديّ إيجابيّة في رأيي، تقليص عدد اللاعبين إلى 25 لاعباً هو قرار تاريخيّ ستسفيد منه الأنديّة في كل الدرجات، رقعة المنافسة ستكون متسعة بين الجميع وليس فقط في دوريّ روشن، تمت إضافة 2 أجانب من الشباب وهذا هدف مستقبليّ للكرة السعوديّة، الخطة قادمة بخصوص الشباب وهو ما يجب أن يركز عليه الإعلام في رأيي بخصوص هذا المشروع لزيادة الوعي لدى الجميع".على الجانب الآخر، يرى أسامة النعيمة أن النجم سيفرض نفسه أيًا كانت جنسيته، حيث قال: "من يبدع سيجد لنفسه مكانأً، سالم الدوسري مثال على ذلك وسط نجوم الهلال وهناك سعود عبد الحميد وغيرهم، النجم سيظل نجمأً دائمًا ومن يبذل الجهد سيلعب".ويرى أسامة النعيمة أن التعاقدات الرنانة يجب أن تستمر مع الموازنة، حيث قال: "الاهتمام بالشباب شيء مهم للغاية ويمنحك المجال للتوقيع مع أسماء مختلفة والتنافس مع أندية أكبر عالمياً. وبجانب ذلك، إخراج جيل شاب قادر على المنافسة الخارجية، ولكن أيضًا التعاقدات القوية يجب أن تستمر لزيادة قوة الدوري والاهتمام العالمي به".(المشهد)