إذا سألتك عن "المواجهات الكلاسيكيّة" بين الأنديّة الإفريقيّة، فبالتأكيد ستكون مواجهة الأهلي المصريّ مع الترجي التونسيّ بين الإجابات، إن لم تكن الإجابة الأولى في كثير من الأوقات.المارد الأحمر أمام فريق الدم والذهب، في رادس كانت أو في القاهرة، الأجواء المشتعلة في المدرجات، والتدخلات القويّة والحماس، وأهداف الدقائق الأخيرة؛ كل ما تريده ستجده في مواجهة الأهليّ والترجي. والآن، الموعد يتجدد في نهائيّ دوري أبطال إفريقيا للمرة الثالثة في مواجهات الكبيرين، الذهاب في رادس 18 مايو، والعودة في القاهرة 25 مايو. مارد لا يتوقف يلعب الأهلي نهائيّ دوري أبطال إفريقيا، للموسم الخامس على التوالي، للمرة الأولى في تاريخ القارة بشكل عام. وحصد الأهلي ألقاب أعوام 2020 و2021 و2023، وخسر نهائيّ 2022 ضد الوداد.على عكس الموسم الماضي، لم يظهر الأهلي بالقوة نفسها في الموسم الحالي، وظهرت أكثر من علامة استفهام على أداء الفريق، حتى في المباريات التي ينتصر فيها. رقميًا، الأهلي خرج بشباك نظيفة في 11 من أصل 12 مباراة لعبها في البطولة، وسجل 19 هدفًا، ولكنّ المتابع يعلم أنّ هناك بعض التأثر في المستوى.رحل حمدي فتحي، غاب أليو ديانغ بسبب الإصابة، وتراجع مستوى حسين الشحات وبيرسي تاو، وربما محمد عبد المنعم وعلي معلول في بعض الوقت، وكان لكل منهم تأثيره الكبير في أداء الأهلي خلال النسخة الماضيّة. لم نجد أفضل من الشيخ طه إسماعيل للحديث عن الأهلي، بعد سنوات من الحضور داخل النادي كلاعب ومدرب، ورئيس للجنة التخطيط في الأهلي. وقال طه إسماعيل في تصريحات لـ"المشهد": "كل بطولة لها ظروفها، هناك تأثّر في مستوى بعض اللاعبين بالفعل، ولكنّ الأهلي نجح في الوصول للنهائيّ، والمستوى يتحسن بمرور الوقت حتى في الدوري، مع الأخذ في الاعتبار الإصابات المتكررة".وأضاف، "كولر أدار القائمة الموجودة وفقًا لحالة اللاعبين والإصابات، وأعتقد أنّه في المباريات الأخيرة في الدوري، تمكن من الوصول للتشكيل المناسب". فسألنا أسطورة الأهلي عن التشكيل الأنسب للمواجهة، فأجاب "مصطفى شوبير الأحق باللعب لأنه أجاد بشكل كبير، والشناوي ليس جاهزًا بعد، ولم يلعب أيّ مباراة، أعتقد أنّ ثنائية رامي ربيعة ومحمد عبد المنعم ستفرض نفسها، لا خلاف على محمد هاني وعلي معلول، ومروان عطية وأكرم توفيق وإمام عاشور، الهجوم أتصور أن يكون رضا سليم وحسين الشحات مع وسام أبو علي". وعن المواجهة المنتظرة، قال: "الترجي تحسن بشكل كبير في النصف الثاني من الموسم، تعاقداته جيدة وبدأت تظهر جودتها، يمكن أن ترى هذا في مواجهتَي صنداونز وبعض المواجهات في الدوري؛ المباراة متوازنة بشكل كبير ولا توجد أيّ أفضلية لفريق على الآخر". غول عائد إذا كان البعض يرى أداء الأهلي أقلّ من الموسم الماضي، فإنّ الترجي خرج الموسم الماضي خالي الوفاض من الألقاب، ولم يبدأ الموسم الحالي بأفضل شكل، حتى وصل المدرب البرتغاليّ ميغيل كاردوزو ليتحول كل شيء بعدها.تحسن أداء الترجي، تخطى صنداونز وتصدر مجموعة التتويج في الدوري التونسيّ، قبل أن يسقط مؤخرًا بتعادل وهزيمة، ثم وداع لكأس تونس، ثم عاد ليفوز في آخر مبارياته قبل النهائيّ على النجم الساحلي. 9 انتصارات و3 تعادلات وهزيمتان و8 شباك نظيفة، هي نتائج المدرب البرتغاليّ مع الترجي حتى الآن.سألنا مالك الطرابلسي الإعلاميّ والناقد الرياضيّ التونسيّ عن سر تحول الترجي، فأجاب: "الترجي لم يكن متوقعًا أن يصل لأدوار متقدمة في دوري أبطال إفريقيا، في الدوري الترجي دائمًا منافس جدّي مهما كان المستوى".وأضاف "في الموسم الماضي الترجي لم يحصد أيّ لقب وهذا لم يحدث منذ فترة طويلة، ولذلك كان على إدارة النادي أنّ تبحث عن حلول، التحول بدأ من الإدارة بالطبع، بضغط من الجماهير التي كان رأيها ضرورة التوجه لمدرب أجنبي. المدرب المحلّي لم يُجدِ نفعًا ولم يؤتِ بثماره مع الترجي". البرازيليان رودريغو رودريغز ويان ساسي، تألقًا بشكل كبير مع كاردوزو، بجانب الحارس الشاب أمان الله مميش، ليصبح الترجي قريبًا من لقب الدوريّ، وعلى بعد خطوة من دوري أبطال إفريقيا.وعن توهّج رودريغز وساسي، قال مالك: "لهما دور كبير في هجوم الترجي، رغم وجود نقائص، خصوصًا في تحويل الفرص لأهداف، اللاعبان وصلا للترجي قبل المدرب الجديد، وكان له دور كبير في تألقهما بالتوظيف الصحيح، وربما ساعد عامل اللغة عن التواصل".20 مواجهة سابقة جمعت الكبيرين، فحقّق الأهلي الفوز في 10 مباريات، مقابل 4 انتصارات للترجي، مع 6 تعادلات، ولكنّ مواجهة النهائيّ ستكون ذات طابع خاص. ويقول مالك الطرابلسي عن ذلك: "هناك فرق يستحيل أن تكون خارج نطاق البطولة، الترجي والأهلي والوداد يراهنون جدًا على اللقب في كل موسم، لو نتحدث عن التاريخ والحاضر فالترجي رهان قويّ على اللقب حتى في أسوأ أحواله، والحال نفسه مع الأهلي".واستطرد، "مباراة الأهلي والترجي لا يمكن لأحد توقعها، لا يوجد فريق أفضل في الفترة الحاليّة؛ الترجي قبل مواجهة النجم تعرّض لهزّة، ولكن هذا لا يعني أنّ الترجي أقل حظوظًا لأنّ المسابقة لها مقاييس أخرى".وعن الأهلي، أضاف "الأهلي يفوز ويحقق المطلوب، وهذا هو الأهم رغم وجود بعض الانتقادات حول الأداء؛ كولر يسعى لمعادلة رقم موسيماني، ويعلم الآن خبايا القارة، الفانلة الحمرا وتاريخ الأهلي معروف دائمًا باللعب على الألقاب؛ كولر هو من استفاد من الأهلي الذي له تقاليد في المسابقة".ملحمة في رادس سيلعب الأهلي أمام الترجي في النهائي للمرة الثالثة في التاريخ، حيث سبق للمارد الأحمر الفوز عام 2012، وردّ الترجي ثأره في نهائيّ 2018.وتحظى دائمًا مواجهة الأهلي بطابع خاص في رادس، مع تحقيق المارد الأحمر لعديد الانتصارات هناك، والتي كان أبرزها الفوز بدوري أبطال إفريقيا عام 2006 أمام الصفاقسي.مع الترجي، لعب الأهلي 7 مباريات في ملعب رادس، انتصر في 5 منها وخسر 2، بجانب فوز الأهلي في 6 من آخر 7 مواجهات ضد الترجي بشكل عام. ولكن هل سيكون لهذا تأثير في النهائي؟ الشيخ طه إسماعيل أجاب في تصريحات لـ "المشهد": "الملعب لا يشكل ميزة لأيّ فريق، الأهلي اعتاد تحقيق نتائج إيجابيّة في رادس، والترجي أيضًا فعلها من قبل في القاهرة".وتابع، "الأمر يتوقف على إدارة المباراة وكيف تكون في أفضل حالاتك وخطوطك متقاربة وتستغل الفرص، لأنّه في النهائيات لا تتاح لك فرص عديدة، وكيف تحصل على حقك من حكم المباراة من دون أن تتعرض للظلم بسبب ضغط الجماهير".على الجانب الآخر، يرى مالك الطرابلسي أنّ الأهلي لديه أسبقيّة تاريخيّة على الترجي بشكل عام، وفي رادس خصوصًا.وقال مالك لـ "المشهد": "ملعب رادس لا يمثل عائقًا للأهلي، حتى ولو خسر في 2018، ولكنّ الأهلي يعرف كيف يلعب خارج الأرض، وكيف يمتصّ حماس جماهير الترجي وتونس بصفة عامة، نقطة التحوّل في ذلك كان في نهائيّ 2006، ولديه أسبقيّة معنويّة وعلى صعيد النتائج بفوزه بعدد كبير من المباريات في رادس". مواجهة متقاربة بين كبيرين عانا بعض التذبذب في المستوى، في انتظار أنّ تكون القمة على قدر التوقعات داخل الميدان.(المشهد)