قدّم المنتخب السوري أداء مُرضيا لشريحة كبيرة من جماهير الفريق خلال 4 مباريات خاضها "نسور قسيون" في بطولة كأس آسيا 2023 المستمرة حاليا في قطر.ونجح منتخب سوريا في بلوغ دور الـ16 وتجاوز مرحلة المجموعات للمرة الأولى في تاريخه، وذلك خلال مشاركته التاريخية الخامسة.ووضع الاتحاد السوري لكرة القدم ثقته في المدير الفني الأرجنتيني هيكتور كوبر، والذي يحمل الكثير من الخبرات التدريبية مع كُبرى الأندية الأوروبية قديما، وصولا إلى تدريب عدد من المنتخبات الوطنية خلال السنوات الأخيرة، وذلك منذ فبراير 2023.واقتنصت سوريا تعادلا سلبيا أمام أوزبكستان، ثم خسرت بصعوبة أمام أستراليا بهدف نظيف، قبل أن تحقق فوزا ثمينا على الهند بالنتيجة ذاتها، لتحصد 4 نقاط في مرحلة المجموعات.وصمد النسور في دور الـ16 أمام منتخب إيران، أحد أقوى المرشحين للتتويج بالبطولة، ولم يستغلوا النقص العددي للمنافس، الذي أنصفته ركلات الترجيح بعد نهاية الوقتين الأصلي والإضافي بالتعادل الإيجابي 1-1.والآن، انتهت المسابقة القارية بكل أفراحها ومآسيها، وما سبقها من انتقادات، وما قد يتبعها من إشادة عقب تقديم عروض مميزة، فما التالي؟تثبيت القائمةاحتاج المدير الفني الأرجنتيني وقتا للوصول إلى قائمته الحالية، وقد قرر اللجوء إلى الاعتماد على اللاعبين المهاجرين من الأصول السورية، في دول أميركا الجنوبية وأوروبا.بدأت التجربة قبل عدة أشهر، وازداد ذلك الاعتماد خلال معسكر الفريق خلال شهر نوفمبر الماضي، والذي أثار الشكوك في مستوى الفريق، خاصة بعد خسارة قاسية في تصفيات قارة آسيا المزدوجة لكأس آسيا 2027 وكأس العالم 2026، أمام منتخب اليابان بـ5 أهداف نظيفة.ولكن خلال كأس آسيا في قطر، أصبح منتخب سوريا أكثر تماسكا، وتجانست العناصر الجديدة وأصبحت أكثر تأثيرا، وبالأخص في وسط الملعب الذي أصبح قادرا على الربط بين الصمود الدفاعي ومحاولات الارتداد الهجومي لصنع الخطورة.يحتاج منتخب سوريا للمزيد من الوقت لخلق المزيد من التجانس بين عناصره الحالية، ولكن لا شك أن تأثير لاعبين مثل قلب الدفاع أيهم أوسو، المحترف في سلافيا براغ التشيكي، وإبراهيم هيسار لاعب وسط بيلغرانو الأرجنتيني، وبابلو صباغ مهاجم أليانزا ليما البيروفي، أصبح ملحوظا.تتواجد بعض العناصر للمستقبل، مثل الجناح أنطونيو يعقوب، ذو الـ21 عاما والمحترف في الدوري السويدي، كما يتواجد جناح نادي الكرامة السوري محمود الأسود ذو الـ20 عاما، وهي عناصر حصلت على ثقة كوبر وقد تتواجد في المستقبل وتحصل على فرص أكبر.اعتزل عمر السومة، ولكن لا يزال يتواجد المهاجم الخبير عمر خربين، والذي يمكن أن يكون قائدا للمجموعة بفضل خبراته، حتى وإن كانت الأولوية في شارة القيادة للحارس القدير إبراهيم علمة في الوقت الراهن.حلم الوصول إلى كأس العالم 2026لم يسبق لمنتخب سوريا الوصول إلى كأس العالم، وهو الإنجاز الذي حققه هيكتور كوبر من قبل رفقة منتخب مصر في مونديال روسيا 2018، ويتواجد معه كمدرب لحراس مرمى سوريا، أسطورة قارة إفريقيا في حراسة المرمى عصام الحضري، الذي شارك في المونديال ذاته ويظل أكبر اللاعبين سنا من حيث المشاركة في أكبر استحقاق لمنتخبات كرة القدم في العالم.ازدادت مقاعد قارة آسيا إلى 8 مقاعد مباشرة مؤهلة إلى كأس العالم 2026 في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، بالإضافة لفرصة مقعد إضافي من خلال ملحق عالمي، وقد يتمكن المنتخب السوري أن ينافس على واحدة من تلك المقاعد للتأهل إلى مونديال أصبح يتكون من 48 فريقا بدلا من 32 على غرار النسخ السابقة.اهتزت ثقة السوريين عقب الخسارة أمام اليابان بخماسية نظيفة، ولكنهم استعادوها خلال مشاركة مقبولة في كأس آسيا.يملك "نسور قسيون" 3 نقاط بعد فوز على كوريا الشمالية، وتتبقى لهم مواجهة ميانمار، قبل أن تتكرر المواجهة ضد اليابان وميانمار وكوريا الشمالية مرة أخرى إيابا، ليصعد منتخبان عن هذه المجموعة إلى المرحلة الثالثة، وبالتالي يملك المنتخب السوري الفرصة ليكون ضمن 18 منتخبا يتنافسون على 8 مقاعد مباشرة في تصفيات قارة آسيا.استعاد "نسور قسيون" الثقة في إمكاناتهم، والآن يتبقى أن تُستكمل الرحلة نحو إنجاز سيكون تاريخيا بلا شك إن اكتمل كما يأمل العجوز الأرجنتيني.(المشهد)