تبدأ رحلة التحضير للألعاب الأولمبية في باريس 2024 من مرتفعات إفران وسط المغرب، حيث يجري النّجم المغربيّ سفيان البقالي تدريباته التي تمهد لمشاركة جديدة في المحفل الأولمبيّ بعد أن سيطر البطل الأولمبيّ والعالميّ على تخصص 3 آلاف متر موانع في السنوات الأخيرة، توّج باللقب الأولمبيّ في دورة طوكيو 2020. ورسخ البقالي هذه الهيمنة في بطولة العالم لألعاب القوى خلال آخر نسختين في يوجين الأميركية عام 2022 وفي بودابست المجرية عام 2023، ألقاب عالمية أثبتت قيمة هذا العداء البارع والذي أعاد إلى ذاكرة المغاربة وألعاب القوى العربيّة بصفة عامة، نجومية هشام الكروج في 1500 متر وسعيد عويطة في الـ5 آلاف متر.وبرز سفيان البقالي في السنوات الأخيرة بفضل العمل الكبير الذي قام به رفقة المدرب كريم التلمساني الذي يسهر على تحضير النّجم العالميّ منذ بداياته البسيطة في مسقط رأسه في مدينة فاس وسط المغرب.ويمثل عام 2016 سنة الانطلاقة الحقيقية للبقالي الذي بدأ التألق خلال ألعاب ريو دي جانييرو البرازيلية بعد أن حلّ في المركز الـ4 في سباق 3 آلاف متر موانع وهو ما شكل نقطة تحول في مساره، ورغم فشله في حصد إحدى الميداليات، غير أنّ إنهاء السباق في المركز الـ4 أعطى إشارات صريحة على تقدم البقالي الواثق والذي سيصبح واقعا في السنوات التالية.موهبة سفيان البقالي وحقّق البقالي أرقاما جيدة في عام 2017 بعد تحقيقه للمركز الثاني في ملتقى روما الإيطالي خلف البطل الأولمبيّ الكيني كونسيسلوس كيبروتو، قبل أن يخطف الميدالية الفضية في بطولة العالم في لندن 2017 وهو أوّل إنجاز كبير في مسار البقالي الذي بدأ يحسن من توقيته الشخصي ويصبح أحد أكثر العدائين إثارة للاهتمام في المسافات المتوسطة، ثم عاد بعد عامين في بطولة العالم في الدوحة ليصعد منصة التتويج بتحقيق الميدالية البرونزية.وتغير كل شيء بالنسبة لسفيان البقالي خلال عام 2021، خلال ألعاب طوكيو 2020 التي أجلت بسبب وباء كورونا، وقام البقالي بسباق تاريخيّ خلال الألعاب الأولمبية ليحقق الذهب في إنجاز فريد، حوله إلى بطل من طينة الكبار. الذهب الأولمبي رافقه ذهب عالميّ في بطولة العالم في يوجين بعد ذلك بعام واحد، قبل أن يعود في بودابست ويحقق لقبا عالميا جديدا خلال عام 2023 متفوقا على الكيني لاميش غيرما، وهو ما جعل من البقالي النجم الأبرز للمسابقة على المستوى العالميّ، ووضعه محط أنظار العالم في ألعاب باريس 2024.ومن أجل التعرف على تحضيرات النّجم المغربيّ للمحفل الأولمبيّ وعن حالته البدنية بعد الإصابة التي عانى منها في بداية هذا العام، تحدثت منصة "المشهد" مع البقالي على هامش ملتقى محمد السادس لألعاب القوى وهي المرحلة الـ4 ضمن الدوري الماسي والذي شهد فوزا جديدا للبقالي في مراكش مؤكدا عودته القويّة إلى المضمار.وتوقف البقالي في مستهل حديثه لـ"المشهد" عن فوزه في مراكش بملتقى محمد السادس قائلا:أنا سعيد جدا بهذا الفوز الجديد، لقد كان سباقا مختلفا بالنظر للحالة البدنية التي أعيشها. أعود من إصابة صعبة أبعدتني عن خوض تدريباتي بشكل عادي. وهو أمر طبيعي، أن يؤثر ذلك على طريقة الجري وعلى التكتيك المتبع من جانبي. لكنني في الأخير سعيد للغاية بهذا الفوز.سفيان البقالي في أولمبياد باريسوعن طبيعة الإصابة التي عانى منها البقالي يضيف النّجم الأولمبيّ لـ"المشهد": "لقد كانت إصابة صعبة في وقت حساس، إنّها سنة أولمبية، وهو ما يجعل التحضير في غاية الأهمية، لم أقرر المشاركة في ملتقى محمد السادس سوى في اللحظات الأخيرة، بالنظر للإصابة والوقت الذي أخذته مني قبل أن أعود للتدريبات".أما عن المشاركة في ألعاب باريس وطريقة التحضير لهذا الموعد المهمّ الذي يحمل رهان الدفاع عن اللقب الأولمبيّ، أوضح البقالي أنه "في باريس الرهان هو الحفاظ على اللقب، العام الأولمبيّ يفرض تحضيرات خاصة، أنا سأخوض الملتقيات التي تسبق ألعاب باريس كمراحل إعدادية وهو الهدف الذي وضعته في مراكش، الأهمّ هو الوصول في أفضل جاهزية ممكنة".ومن المرتقب أن يواصل سفيان البقالي التحضير في مدينة إفران بإشراف مدربه كريم التلمساني الذي وضع برنامجا إعداديا دقيقا، يمزج بين جرعات مهمّة من العمل البدنيّ، بالإضافة إلى بعض المشاركات التي تهدف أساسا إلى تعزيز إحساس النّجم المغربيّ بالمضمار قبل الدخول في غمار الألعاب الأولمبية التي تنطلق في الـ26 من يوليو وتختتم في الـ11 من أغسطس.البقالي يتصدر المشاركة المغربيّة ويمثل سفيان البقالي رهانا كبيرا بالنسبة للمشاركة المغربية والعربيّة من أجل تحقيق الذهب في هذه الدورة، إذ يتصدر منتخب ألعاب القوى المشاركة المغربية بحثا عن تسجيل نتائج جيدة، تعكس تقاليد هذه الرياضة في المغرب، والشعبية التي تتمتع بها لدى الجماهير الرياضية التي ارتبطت بالمشاركات الأولمبية والعالمية بفضل أسماء كنوال المتوكل ونزهة بيدوان وهشام الكروج وسعيد عويطة وخالد السكاح وجواد غريب، والتي تألقت على مدى عقود من الزمن، ووضعت المغرب في خانة الدول الأكثر تحقيقا للنتائج الجيدة في الألعاب الأولمبية خصوصا منذ دورة لوس أنجلوس 1984 والتي مثلت الانطلاقة الحقيقية لألعاب القوى المغربيّة.(المشهد)