لم يشأ دور الـ16 من دوري أبطال أوروبا في كرة القدم قلب صفحته الأخيرة من دون إثارة جدل.مفاجأة، قرار تحكيمي جريء، ووعد بمواجهات نارية في ربع النهائي. تمثلت المفاجأة الوحيدة في خروج ليفربول. كيف لا وهو متصدر الدوري الإنجليزي؟ ما خفف من وطأتها أن المتأهل ليس سوى باريس سان جرمان الفرنسي القوي الذي أطاح به واستحق التقدم على خلفية أدائه المقنع ذهاباً وإياباً. بطل "أمسية العودة" حارس الفريق الباريسي، جانلويجي دوناروما بتصدّيه لركلتي ترجيح. بات أول إيطالي يحقق ذلك في مباراة واحدة ضمن البطولة القارية منذ نهائي 2003 بعد جيانلويجي بوفون. وكما فعل في نهائي "يورو 2020" عندما قاد منتخب بلاده إلى اللقب بركلات الترجيح على حساب الإنجليز، أعاد دوناروما الكرّة الثلاثاء أمام خصم إنجليزي آخر، ليفربول هذه المرة، وبالركلات نفسها. كوفئ سان جرمان على شجاعته بتأهل ثمين دفع مدربه الإسباني لويس إنريكي إلى الاحتفال كمجنون في "أنفيلد". عانق لاعبه المغربي أشرف حكيمي متناسياً مساهمة الأخير في وضعه خارج مونديال 2022 مبكراً (دور الـ16) بركلات الترجيح أيضاً عندما كان إنريكي مدرب "لا روخا". واعتُبر المصري محمد صلاح أكبر الخاسرين. سقوط الـ"ريدز" قد يكلّفه استبعاداً من لائحة المرشحين لانتزاع "الكرة الذهبية"، رغم تقديمه موسماً مثالياً، قد يكون الأفضل له منذ اقتحامه الدوري الممتاز. بدا "الفرعون الصغير" مغالباً لدموعه، فهذا الموسم قد يكون الأخير له مع ليفربول، والفرصة كانت سانحة لطي الصفحة الختامية على فصلِ تتويج قاري ثان، بعد الأول في 2019. طريق سان جرمان إلى نصف النهائي مفروشة بالورود. سيكون مدعواً للقاء أستون فيلا الإنجليزي في دور الثمانية. تحدٍّ مشتعل بين إنريكي ومواطنه مدرب الـ"فيلانز"، أوناي إيمري، الذي سبق له قيادة الفريق الفرنسي. "فيلا" لا يتفوق على سان جرمان بشيء، لا أسماء ولا ترشيحات. الأهم يبقى أنه توج باللقب عام 1982 على حساب بايرن ميونيخ الألماني فيما يلهث الجانب الفرنسي خلف التاج القاري الأول. ستكون "المعركة" مناسبة يظهر فيها الإسباني ماركو أسينسيو متحدياً زملاء له في سان جرمان الذي أعاره في فترة الانتقالات الشتوية الأخيرة للنادي الإنجليزي."رفض الموت"ريال مدريد الإسباني، من جانبه، يستمر بهوايته المتمثلة في "رفض الموت" على مسرح بطولته المفضلة التي يتغنّى بالرقم القياسي فيها (15 لقباً). تهتز شباكه بعد مضي 27 ثانية أمام مضيفه أتلتيكو مدريد الذي لم يخسر على أرضه في دور إقصائي ضمن البطولة القارية منذ 1997. هذا الهدف هو الأسرع إنجليزياً في تاريخ المسابقة وحمل توقيع كونور جالاجر. هو ثاني أسرع هدف يلج مرمى "الملكي" خلف ذاك الذي بصم عليه اللاعب السابق لبايرن ميونيخ، الهولندي روي ماكاي في 2006، بعد مرو 10 ثوانٍ. هدف ماكاي هو الأسرع على الإطلاق في تاريخ البطولة. البرازيلي فينيسيوس جونيور يضيع ركلة جزاء. تتعاظم المشاكل، لكن دوري الأبطال يعشق "ريال". بلبلة كبرى حدثت وما زالت تتفاعل بعد رفض احتساب ركلة ترجيح مسجلة من الأرجنتيني خوليان ألفاريز نتيجة لمس الكرة مرتين قبل أن تهز الشباك. ثم يسدد الألماني أنتونيو روديجر "الترجيحية" الأخيرة فتعانق شباك الحارس السلوفيني يان أوبلاك بالإكراه لتنطلق بعدها الأفراح في أرضية استاد "ميتروبوليتانو"، فـ"ريال" عقّد "أتلتيكو" أوروبياً بعدما سبق له التفوق عليه، خصوصاً، في النهائي مرتين، 2014 و2016. أخرجه من البطولة للمرة الخامسة في غضون 11 سنة. معذور المدرب الأرجنتيني دييجو سيميوني. بتشكيلة تبلغ قيمتها السوقية 497 مليون يورو، قارع تشكيلة بـ1.23 مليار. واليوم، يبدو ريال مدريد "غير المقنع" والمتأهل إلى ربع النهائي للمرة 40 (رقم قياسي) مرشحاً لولوج نصف النهائي وإن كان خصمه أرسنال، ثاني الدوري الإنجليزي، والمتأهل إلى دور الثمانية باكتساحه أيندهوفن الهولندي 3-9 في مجموع المواجهتين. معلوم أن الرقم القياسي يحمله بايرن ميونيخ بالفوز على سبورتينج لشبونة البرتغالي 1-12 ضمن الدور نفسه من الموسم 2009-2008. أرسنال بقيادة المدرب الإسباني ميكل أرتيتا سيخوض "الذهاب" على أرضه. عليه تحقيق نتيجة مطمئنة قبل "العودة" النارية. صراع يخوضه النروجي مارتن أوديجارد أمام فريقه السابق ريال مدريد. صناعة التاريخهدف رائع من لاعب برشلونة الإسباني، لامين يامال (17 عاماً)، في مرمى بنفيكا البرتغالي. بات في "الإياب" أصغر من يسجل ويصنع في مباراة واحدة على مر تاريخ البطولة الأوروبية التي أبصرت النور عام 1956. ويبقى زميله البرازيلي رافينيا المفاجأة السعيدة للنادي الكاتالوني. من لاعب غير مرغوب به إلى نجم لا غنى عنه ومرشح للفوز بـ"الكرة الذهبية". كل ذلك بفضل المدرب الألماني هانزي فليك. ساهم في "الأبطال" بـ16 هدفاً (سجل 11 وصنع 5). فقط الأرجنتيني ليونيل ميسي يتفوق عليه على مدى موسم كامل مع 14 هدفاً و5 تمريرات حاسمة في 2012-2011. برشلونة هو الوحيد في البطولات الخمس الكبرى لم يخسر منذ بداية 2025 في المسابقات كافة، محققاً 15 انتصاراً و3 تعادلات. يتصدر الدوري المحلي، ما زال "حيّاً" في الكأس وانتزع كأس السوبر المحلية. وفي دوري الأبطال، سيواجه بوروسيا دورتموند الذي يعاني في الدوري الألماني. نصف المهمة هنا ملقاة على عاتق فليك الخبير بكرة بلاده، لكن برشلونة لم يُمتحن جدياً حتى الساعة في أوروبا. بنفيكا لم يكن اختباراً نخبوياً، ولن يكون دورتموند كذلك.حامل الرايةعنوان كبير فرض نفسه في ربع النهائي. مواجهة حامية الوطيس بين بايرن ميونيخ وإنتر ميلان الإيطالي. تأخذنا بالذاكرة إلى مباريات سابقة بين الجانبين خصوصاً نهائي 2010 عندما تفوق الطليان. لكن الكثير من الأمور تغيرت منذ ذلك التاريخ. إيطاليا تراجعت بشكل خطير لكن إنتر يتمسك بالدفاع عن سمعتها. أسلحة بايرن كثيرة، في مقدمها هاري كاين الذي بات أكثر الإنجليز تسجيلاً للأهداف في نسخة واحدة (10 أهداف). رهيب هذا اللاعب. خاض في الموسم الراهن 36 مباراة، سجل 32 هدفاً وصنع 11. رقم خرافي. وفي الـ"تشامبيونزليج"، رفع مساهماته إلى 50 هدفاً ليحتل المركز الثاني إنجليزياً خلف ديفيد بيكهام (52). "العملاق البافاري"، المحروم من الحارس مانويل نوير المصاب، أقصى مواطنه باير ليفركوزن من دور الـ16 واضعاً حداً لعقدة عاشت 6 مباريات (3 فوز و3 تعادلات) فحقق انتصارين ذهاباً وعودة بنتيجة إجمالية 0-5. اللافت أن ليفركوزن خاض "العودة" بتشكيلة أساسية لم تعرف أكثر من لاعب ألماني واحد هو جوناثان تاه في ظل غياب فلوريان فيرتز المصاب. علامة قد تبدو مستغربة. سيكون شهرا مارس الجاري وأبريل المقبل حافلين للألمان والطليان. في 20 و23 مارس، يلتقي منتخبا البلدين في ربع نهائي دوري الأمم الأوروبية، وفي 8 و16 إبريل سيكون الموعد مع مباراتي بايرن ميونيخ وإنتر ميلان.