يحصل أرسنال على ركلة ركنية أو ضربة حرة غير مباشرة، فيصبح الموقف موترًا للخصم، حيث أن احتمالية استقبال هدف من الفريق اللندني في هذه الوضعية مرتفع للغاية، وفقا لما تؤكده الأرقام هذا الموسم.حقق أرسنال انتصارا مثيرا على غريمه توتنهام بنتيجة 3-2، في قمة مباريات الجولة 35 من الدوري الإنجليزي الممتاز، وقد جاء هدفان من خلال استغلال الضربات الثابتة.الأمر ليس بمحض الصدفة، فقد سجل الفريق 17 هدفا من ضربات رأسية في الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم، وبالتأكيد هناك سر وراء ذلك الرقم الضخم الذي يُعظّم من حظوظ الـ"غانرز"، الأقوى هجوميا في المسابقة هذا الموسم بتسجيل 85 هدفا.مسيرته بدأت كلاعب كرة قدم محلي خلال دراسته في كندا، قبل أن تعانده الإصابات ليبدأ دراسة التدريب ويتخصص في كيفية الاستفادة من الركلات الثابتة هجوميا، وتقليل خطورتها دفاعيا، فيحصل على الفرصة للعمل مع أفضل المنتخبات والأندية، وتشاء الأقدار أن يُعجب أرتيتا بعمله في مرحلة ما من مسيرتهما، فيتعاونا سويا بعد مرور سنوات لتقديم واحدة من أقوى مواسم أرسنال منذ عقدين.دعونا نقدّم لكم نبذة عن نيكولاس جوفر.. المدرب المتخصص في الضربات الثابتة بالجهاز الفني لنادي أرسنال.بداية التوهجنشأ جوفر في برلين، قبل أن ينتقل إلى فرنسا ومنها إلى كندا في أوائل العشرينات من عمره بحثا عن فرصة للدراسة وإتمام شهادة في الرياضة، مُستغلا العلاقة المميزة بين جماعة مونبيلييه الفرنسية وجامعة شيربروك الكندية.بعد حصوله على درجة الماجستير، انضم جوفر إلى فريق هاوٍ جديد تم تأسيه في المنطقة، وحمل اسم "ديناميك دي شيربروك"، وقد قرروا تعيينه في منصب المدير الفني.يقول أحد زملائه إنه قد نجح في إدارة النادي على قدرٍ عالٍ من الاحترافية وصنع منظومة جيدة في فترة زمنية قصيرة، رغم كونه نادٍ هاوٍ.بعد إتمام دراسته، عاد نيكولاس إلى مونبيليييه مع حلم احتراف العمل في كرة القدم، وكانت جميع المسارات ضبابية أمامه.طوّر نيكولاس مهاراته كمحلل أداء، ولكن بدون مسيرة قوية كلاعب، كانت هناك الحاجة لدفعة إضافية للحصول على الفرصة المناسبة.شاءت الأقدار أن يلتقي جوفر بلاعب سابق في فريق مونبيليه الفرنسي، يُدعى باسكال بايلز، وقد خاض أكثر من 200 مباراة وعمل كمساعد مُدرب في عام 2006، وذلك خلال دورة تدريبة للمدربين جمعتهما.أثار جوفر إعجاب بايلز، وكانت هذه هي النواة ليصبح جزء من الجهاز الفني لمونبيليه لاحقا تحت قيادة المدرب رينيه غيرارد.لم يظهر عمل جوفر في تنسيق الضربات الثابتة عند تلك المرحلة، حيث تخصص مع مونبيليه لمدة 6 سنوات كمُحلل الأداء عن طريق الفيديو.وفي عام 2012، بدأ جوفر في دراسة الركلات الثابتة بدقة شديدة، ولكن لم يُطبّق ما درسه على أرض الملعب في تلك المرحلة، حيث قام بادخارها إلى تجربة لاحقة.الانتقال إلى الدوري الإنجليزيتطورت قدرات جوفر بشكل كبير، فرسومات الشرح البدائية للخطط أصبحت أكثر احترافية وتعقيدا، والمجال أصبح أكثر تخصصا، وفقرة التدريب الروتينية المُملة على الضربات الثابتة أصبحت حصة أساسية ممتعة للاعبين.في 2015، أبدى جوفر اهتمامه بمنصب مدرب الضربات الثابتة الذي أصبح شاغرا في ذلك الوقت، وقد أثار إعجاب المدير الفني القدير دين سميث، ليحصل على الفرصة وينجح في تطوير أداء الفريق على مدار 3 سنوات.يرتبط برينتفورد بنادي ميتلاند الدنماركي، حيث تعتمد هذه المنظمة التي تجمع الفريقين على تحليل البيانات، وقد أثار عمل جوفر إعجاب المُلّاك، فتم تكوين فريق لتطوير الضربات الثابتة على مستوى جميع الأندية التابعة.ظهر تأثير عمل جوفر خلال أيام قليلة منذ بداية مهمته مع برينتفورد، وأصبح اللاعبون يتنافسون وينظرون إلى أرقامهم التهديفية بعد أن هضموا أسلوبه سريعا.جُمل مُشفّرةالجُمل المُركبة التي يكوّنها جوفر في تدريباته، والتي أصبحت تتضمن خيارات عديدة، تعتمد في الأساس على أكواد وإشارات سرية يتم تدريب اللاعبين عليها، في سبيل خداع المنافس، حيث تحمل كل جُملة اسما مُشفّرا مختلفا يتبادله اللاعبون داخل الملعب، وكان هذا هو نهجه منذ اليوم الأول خلال دراسته الأكاديمية في كندا.كان الإسباني غوتا أحد لاعبي برينتفورد في تلك المرحلة، وقد أبدى إعجابه بعمل جوفر، خاصة مع كونه أحد أهم منفذي الركلات الثابتة.يقول غوتا لشبكة "ذا أثليتك": "عندما عرض كيف يفسر نقاط ضعف المنافس على الفيديو ، رأيناها بسهولة بالغة. بحلول اليوم الثالث، آمنّا بقدراته وأساليبه".وتابع: "لقد نقل الفكرة إلى اللاعبين بسرعة كبيرة. 10 دقائق في غرفة عرض التلفزيون ثم 15 دقيقة في الملعب وكان الجميع يدركونها جيدا. ثم نأخذ 5 دقائق بعد حديث المدرب التحفيزي وتكون الخطط مرسومة على جدار غرفة تبديل الملابس".سجل برينتفورد 46 هدفا من الركلات الثابتة في مواسمه الـ3 هناك، ولم يكن بخبر غريب أن يصل إلى مانشستر سيتي في 2019، حيث يؤمنون بأهمية التفاصيل.محطة انتقاليةيحقق الإسباني بيب غوارديولا نجاحات هائلة مع مانشستر سيتي، ولكنه لم يكن صاحب الريادة في فكرة تعيين مدرب للركلات الثابتة في النادي.كان قرار تعيين جوفر من جانب إدارة مانشستر سيتي، وقد صدّق عليه المدرب الإسباني.ما اكتسبه جوفر في هذه المرحلة بشكل فعلي هو توطيد علاقته بميكايل أرتيتا، حين كان مساعدا لغوارديولا في السيتي، حيث كان قد لاحظ من قبل عمله مع برينتفورد، وأبدى إعجابا شديدا.صديق مُقرّب من جوفر يقول لـ"ذا أثليتك" أن ميثاقا قويا نشأن بين الثنائي بسبب إجادة تواصلهما سويا باللغات الإسبانية والفرنسية والإنجليزية.بُعبُع في أرسناللم ينجح الأمر مع السيتي كما ظهر مع برينتفورد، حيث يُعتقد أن جوفر لم يملك الوقت الكافي لإيصال فكرته إلى اللاعبين، مقارنة بالوقت الذي يتدربون عليه في بناء اللعب والضغط.غادر أرتيتا في 2019 ليقود نادي أرسنال، وكان ذلك بعد 6 أشهر فقط من وصول جوفر، الذي لحق به بعد عامين ليعملا سويا في النادي اللندني.يتفق الجميع على أن أرسنال هو أفضل فريق مُنفّذ للركلات الثابتة في قارة أوروبا بأكملها هذا الموسم، فوفقا لمنصة "هوسكورد"، فإن الـ"غانرز" سجلوا 20 هدفا هذا الموسم من هذه الوضعية، وهو الرقم الذي يتفوقون به بفارق 3 أهداف عن بايرن ميونخ الألماني في حصيلة المسابقات الأوروبية الـ5 الكُبرى.وفقا لـ"ذا أثليتك"، فإن أرسنال يسجل بمتوسط 5.3 هدفا من كل 100 ركلة ثابتة، كأكثر فريق في المسابقة منذ موسم 2021-2022.تستمر المنافسة العسيرة مع مانشستر سيتي، حامل اللقب في المواسم الـ3 الأخيرة، وتأمل جماهير أرسنال أن يتحقق اللقب الغائب منذ موسم 2003-2004، وفي حال تحقق ذلك الأمل، فإن براعة جوفر تُمثّل ما لا يقل عن 50% من هذا الإنجاز بلا شك.(المشهد - ترجمات)