خلال مباراة مؤجلة من الجولة 18 لبطولة الدوري الإنكليزيّ الممتاز في كرة القدم، استضاف فيها مانشستر سيتي، الثلاثاء الماضي، برنتفورد، لفت قول المعلّق إنّ الـ"سيتيزنس" فشلوا في التسجيل من الركلات الركنية منذ فترة طويلة جدًا.أدقّ الدراسات تشير إلى أنّ "الركنيات" تشكل الأرضية الأفضل لخلق فرص للتسجيل مع وصول معدلها إلى 10 في المباراة الواحدة، فيما تتراوح نسبة هزّ الشباك منها ما بين 2 و4%. في الموسم الماضي، بلغت نسبة الأهداف المسّجلة من ركلات ركنية في الدوري الإنكليزيّ تحديدًا، 13.9%.وفي يونيو 2022، ذكرت دراسة أنه في المواسم الـ18 التي سبقت، أفرزت نسبة ما بين 9.8 و14.2% من "الركنيات" أهدافًا ضمن الـ"بريمير ليغ".قسم البياناتقبل سنوات، خرج قسم البيانات في مانشستر سيتي بدراسة تتعلق بالركلات الركنية، بعدما لوحظ بأنّ الفريق لا يسجل الكثير من الأهداف منها، وأراد المحللون في النادي إيجاد حل للمعضلة والوصول إلى الطريقة المثلى لتنفيذ "الركنيات". قام القسم بدراسة دقيقة لأكثر من 400 ركلة ركنية من مختلف البطولات حول العالم وعلى مدى مواسم عدة، وتبيّن له في المحصلة بأنّ "الركنية" الأخطر هي تلك التي تُلعب إلى داخل المنطقة (أي التي تلتف فيها الكرة باتجاه المرمى وليس بعكس هذا الاتجاه). معلوم بأنّ من شأن "الركنية" الموجهة نحو المرمى، أن ترسل الكرة مباشرةً إلى "منطقة الخطر". وفي بعض الأحيان، قد يستخدم المهاجم رأسه أو قدمه بسهولة كي يحوّلها إلى الشباك. وفي حالات أخرى، يقوم حارس المرمى أو المدافع بإبعاد الكرة من على خط المرمى بعد "ركنية داخلية"، لتصل إلى لاعب خصم فيُسكنها بسهولة في الشباك. وثمة إمكانية حتى لتسجيل هدف مباشر من ركلة ركنية ملعوبة لولبية، وهو الهدف الذي يُعرف تحت مسمى "أولمبيكو". ليس من المنطقيّ أن يلعب الفريق، أيّ فريق، كل الركنيات التي يتحصل عليها باتجاه المرمى، بل يفترض التنويع في تنفيذها بهدف إرباك الخصم، وهو ما يسمى بـ"الاستراتيجية المزدوجة". لكن في المجمل، وجد المحللون في "سيتي"، بأنّ من شأن "الركنيات الداخلية" أن تفرز أهدافًا أكثر من تلك التي تُلعب قوسيّة باتجاه معاكس للمرمى. المهم أنهم حملوا دراستهم وسلّموها الى مدرب الفريق حينها والمدرب الحالي لمنتخب السعودية، الإيطالي روبرتو مانشيني، الذي استمع إليهم "بكل احترام" قبل أن يقول: "كنت لاعبًا لسنوات طويلة، وأنا متأكد بأنّ الركنيات التي لا تُلعب باتجاه المرمى هي الأكثر فاعلية". كان مانشيني على خطأ، لكن من الممكن أن نفهم لمَ أخطأ، إذ إنّ من شأن الركلة الركنية "الخارجية"، أن تؤدي إلى تسجيل هدف رائع، وتحديدًا من رأسية قوية للاعب داخل منطقة الجزاء، مع العلم بأنّ الأهداف الجميلة ترسخ في الذاكرة على عكس معظم الأهداف التي تسجل من "ركنيات داخلية".الاتجاه المعاكسفي البداية، بقي مانشيني متمسكًا بقناعاته، ولكن في العام 2011 عندما بدأ "سيتي" يعاني جدّيًا من "الركنيات"، توجه مساعده في ذلك الحين، الدوليّ الإنكليزي السابق ديفيد بلات، إلى قسم البيانات، فأطلعه المحللون على تفاصيل الدراسة. لم يتلقَّ القسم أيّ جديد من الجهاز الفني، إلا أنّ أفراده لاحظوا بأنّ الفريق بدأ يعتمد أكثر على "ركنيات" تلتف نحو المرمى، على حساب تلك التي تذهب في الاتجاه المعاكس. وفي الموسم 2011-2012، سجل "سيتي" 15 هدفًا من ركلات ركنية، أكثر من أيّ فريق آخر في الدوري الممتاز. واللافت أنّ 10 منها سُجّلت من "ركنيات داخلية"، بما فيها الهدف الذي جاء من رأسية البلجيكيّ فنسان كومباني في مرمى مانشستر يونايتد، وضمِن فعليًا اللقب لـ"سيتيزنس" على حساب "الشياطين الحمر". صحيح أنّ "سيتي" سجل 58 هدفًا حتى الآن في دوري الموسم الجاري بالتساوي مع أرسنال في المركز الثاني على هذا الصعيد، خلف ليفربول (59)، بيد أنه يجدر بمدربه الإسبانيّ جوسيب غوارديولا، المعروف بأساليبه الخاصة في المهنة، مراجعة تلك الدراسة التي ساهمت في مكان ما من الموسم 2012-2011 في منح اللقب لناديه.