تعددت الوفيات خلال السنوات الأخيرة في مصر، وجاء الكثير منها بسبب ما يمكن تسميته بالسم الخبيث في حال سوء استعماله، حيث يظل الهوس مرتبطا ببناء عضلات وجسم رياضي بشكل سريع، أُسوةً بنماذج تتألق في عالم الرياضة وكمال الأجسام، ودون إشراف رياضي أو طبي يلتزم بالتحذير من مخاطر استعمال هذه المواد وموانع استخدامها.أحدث الوفيات هو ابن مدينة طنطا بمحافظة الغربية، أيمن مجدي، أحد أبرز أبطال رياضة كمال الأجسام في مصر والعالم، والذي شارك في عديد المسابقات وحقق عديد النجاحات.لم يكن الوقت كافيا لإسعافه من السكتة القلبية التي أصابته، ليفارق الحياة كضحية جديدة للأعراض الجانبية للمكملات الغذائية في أوساط الرياضيين والمشاهير في مصر. سبب وفاة أيمن مجديأكّد والد الرياضي الراحل أن نجله عانى لأشهر عدة من آلام في المعدة والقولون، وبعد المتابعة مع أطباء متخصصين، تبيّن إصابته بقرحات بهما.بينما تحدّث أهالي مدينة طنطا أن أيمن مجدي أُصيب بارتفاع شديد في ضغط الدم نتج عنها أزمة قلبية مفاجئة، وكشفت وسائل إعلام مصرية أن هذه الأزمة القلبية ناتجة عن جرعات زائدة من المكملات الغذائية.ما أهمية المكملات الغذائية للرياضيين؟يتحدث أخصائي التغذية وتحسين الأداء الرياضي محمد هيبة لـ"المشهد" عن أهمية المكملات الغذائية قائلا: "قد تكون المكملات الرياضية مهمة لبعض الرياضيين لتحسين الأداء أو تعويض نقص بعض العناصر الغذائية، ولكن ليست ضرورية للجميع".وتابع: "الحاجة لاستخدامها تعتمد على عوامل مثل نوع الرياضة، والهدف من التدريب، ونقص العناصر الغذائي".ما دور المتخصصين في تنظيم استعمالها؟ويضيف هيبة :"بعض الرياضيين يلجؤون لاستخدام المكملات لتحسين الأداء، زيادة القوة أو الحجم العضلي، أو لتسريع عملية الاستشفاء بعد التمرين".وشدّد: "كمدرب، يجب عليك توجيه المتدربين للاعتماد على تغذية متوازنة ومتنوعة أولا، والنظر في استخدام المكملات فقط بعد استشارة طبيب أو خبير تغذية".وأوضح: "للحد من استخدام المنشطات، يجب توعية الرياضيين بالمخاطر الصحية والقانونية لاستخدامها، وتوفير بدائل صحية وفعالة".هل تتسبب المُكملات في الوفيات بشكل مباشر؟يتابع هيبة قائلا: "لا يمكن القول بأن المكملات هي السبب المباشر للوفيات في الرياضيين، ولكن قد تكون لها دور في بعض الحالات المعقدة".ويوضح: "نعم، استخدام المنشطات قد يرتبط بزيادة نسب الوفيات في بعض الحالات، ولكن ليس دائما".ويشرح محمد هيبة المخاطر التي قد تنتج عن الاستعمال غير الرشيد للمكملات الغذائية، قائلا: "تناولها يمكن أن يؤدي إلى مشكلات صحية خطيرة مثل اضطرابات القلب والأوعية الدموية، والاضطرابات الهرمونية، وتلف الكبد والكلى، وزيادة احتمالات الإصابة بالسكتات الدماغية والسرطان".إحصائياتنشرت مجلة "تايم" في تقرير لها في يونيو 2019 واحدة من أدّق الإحصائيات التحليلية عن الأضرار الناتجة من استعمال المكملات الغذائية، نقلا عن المنظمة العالمية للغذاء والدواء "FDA"، والتي حلّلت أكثر من 1000 شخص في الفترة ما بين يناير 2004 وأبريل 2015، وجاء الآتي:عانى نحو 1000 شخص ممن يبلغون 25 عاما أو أقل من مشكلة صحية مرتبطة بالمكملات الغذائية.تم تصنيف 40% منها على أنها مشكلات شديدة الخطورة.تم تسجيل دخول 166 حالة إلى المستشفى في حالة خطيرة بسبب استخدام المكملات في هذه الفترة.تم تسجيل 22 حالة وفاة.تقول الدراسة إن تلك الأرقام هي أقصى ما تم التوصل إليه في ظل عدم الإبلاغ عن العديد من الحالات.أما في عام 2021، فقامت جامعة "هارفارد" بإصدار منشور يوثّق وفاة 14 حالة بين عامي 2011 و2019 بسبب استعمال مكملّات غذائية ومنشطات بغرض إنقاص الوزن أو بناء العضلات.ما هي أخطر أنواع المنشطات الرياضية؟يوجه خبير التغذية وتحسين الأداء الرياضي نصيحته: "ينبغي أن يُنصح الرياضيون بتجنب استخدام المنشطات بشكل قاطع، والاعتماد على التدريب الرياضي والتغذية المتوازنة".ويوضح: "من بين الأنواع الخطيرة للمنشطات ومحسنات الأداء الرياضي، الستيرويدات البنائية وهرمون النمو، والمنشطات القلبية. يجب تجنب استخدامها بشدة بسبب كثرة مخاطرها الصحية".تحذيرات صارمةفي يناير 2022، أصدرت "الجمعية الأوروبية للقلب" دراسة تشمل تحذيرا من استعمال المكملات الرياضية بسبب خطورتها، حيث جاء في مقدمة الدراسة: "المكملات الغذائية التي يتم تناولها لتعزيز الأداء الرياضي يمكن أن تشكل مخاطر على القلب".واستفاضت الدراسة في التوضيح:يُنظر إلى المكملات الغذائية بشكل عام على أنها مواد خالية من المخاطر قد تحسن الأداء.قد تشكل بعض المكملات الغذائية، بما في ذلك بعض المستخلصات النباتية و"الطبيعية" المختلفة، خطرا صحيا كبيرا، وقد يخاطر الرياضيون حتى بمخالفة قواعد مكافحة المنشطات.غالبا ما يفتقر الرياضيون الذين يستخدمون المكملات الغذائية إلى المعرفة حول تأثيراتها على الأداء الرياضي والصحة العامة.تفيد التقارير بأن معظم الرياضيين يحصلون على نصائح غذائية من المدربين والزملاء وأفراد العائلة والأصدقاء، مما يوحي بأن هناك حاجة إلى تدخلات تعليمية أوسع نطاقًا، في سن مبكرة.(المشهد)