الحرارة العالية والرطوبة.. مُبرران قويان، تعلق المنتخبات العربية المشاركة في بطولة كأس أمم إفريقيا 2023 الجارية حاليا في كوت ديفوار، عليها سبب تراجع الأداء والنتائج.قبل بداية أمسية الإثنين، لم يحقق العرب سوى انتصار وحيد بأقدام مغربية في الجولة الأولى من مرحلة المجموعات أمام تنزانيا، ولم يستمر ذلك النسق، حيث تعادل "أسود الأطلس" في مباراتهم الثانية التي أُقيمت نهارا أمام الكونغو الديمقراطية، التي كانت الأقرب للفوز وفقا لمُجريات المباراة.تصل درجات الحرارة إلى مستويات عالية في كوت ديفوار في الوقت الحالي، كما تصل الرطوبة إلى درجات مرتفعة، تصل أحيانا إلى 90% أثناء إقامة بعض المباريات.وفقا لعديد من الدراسات العلمية، فإن تأثير الحرارة الشديدة على أداء اللاعبين وجسم الإنسان بشكل عام يُمكن أن يسبب إجهادا حقيقيا، وأن يتطور الأمر إلى بعض الأضرار الصحية.كيف من الممكن أن تتفادى الفرق العربية ذلك التأثير؟ وما هي النصائح التي يقدمها الاتحاد الدولي للاعبين المحترفين، وكذلك الدراسات العلمية، بخصوص ذلك الأمر الحيوي.حرارة شديدة وظروف قاسيةلا يقتصر الأمر على كوت ديفوار فقط، بل العديد من البلدان التي قد تستفيد مباريات دولية أو حتى محلية، حيث يعرض اللاعبون لظروف بيئية قاسية، تتضمن نقص الأكسجين أو انخفاض درجة حرارة الجسم، وهو ما يشكل خطرا كبيرا.درجة حرارة البصيلة الرطبةفي الوضع الطبيعي، يحتفظ جسم الإنسان بدرجة حرارته الأساسية التي تتراوح ما بين 36.1 و37.8 درجة مئوية.أما في ظل نشاط جسدي حركي تحت الحرارة المرتفعة والرطوبة والشمس الشديدة، مع قلة حركة الهواء، فإن الأمر قد يتطور إلى أضرار خطيرة مرتبطة بارتفاع الحرارة.مقارنة بين تأثير الطقس على حالة الجسم وحدّة الجهد المبذول للاعب كرة القدم (أسباير)فقد يُصاب الرياضي في حال بذل جهد كبير في ظل هذه الظروف المناخية، بأمراض الإجهاد الحراري، مثل التشنجات الحرارية والإغماء أو السكتة الحرارية، وفقا للبروفيسور والطبيب فينسنت جوتبيرغ، رئيس الطب الرياضي في الاتحاد الدولي للاعبين المحترفين "فيفبرو".ولتجنُّب حدوث ذلك، وتقليل تأثير تلك العوامل المناخية القاسية، ينصح الأطباء بقياس ما يُسمى بـ"درجة حرارة البصيلة الرطبة"، وذلك لمراقبة درجة حرارة الجسم واتخاذ المحاذير اللازمة لتجنُّب هذه الأضرار.توصيات ضروريةلتجنب هذه المخاطر، ينصح الأطباء الرياضيون بتحضيرات استثنائية لهذه الظروف، مثل التحضيرات الغذائية باستخدام النترات في الطعام بالإضافة إلى الحديد، وهو ما يزيد من قدرة الجسم على التكيف.وذكرت دراسة بعنوان "تأثير الارتفاع والحرارة على أداء لاعبي كرة القدم" أنه يُنصح باستراتيجيات محددة في عمليات الإحماء، الهدف منها هو تبريد الجسم حتى يتكيف مع الحرارة المرتفعة المحيطة.ويمكن أن تُقسم عمليات الإحماء إلى ما هو قبل المباراة، وما هو في منتصفها، مع ضرورة الحرص على ترطيب الجسم واستخدام السوائل باستمرار أثناء بذل المجهود واللعب.التكيف الفرديما سبق يُعد إرشادا بشكل عام، ولكن من الضروري إدراك أن هناك بعض الاختلافات بين الأفراد في التكيف مع المناخ المحيط.ووفقا لدراسة بعنوان "تعديلات في أداء كرة القدم تحت ضغط الحرارة المرتفعة"، فإنه من المهم تطوير استراتيجيات لتحديد التأثير المحتمل للإجهاد الحراري على أداء كل لاعب بشكل فردي، وقدرته على التحمل.وتقول الدراسة إن اللاعبين الذين يمارسون لعبة مثل كرة القدم في مسابقات كُبرى ولامعة وفي ظروف مميزة، سيكون لديهم القدرة على التكيف مع الظروف المماثلة، ولكن الأمر يكون مختلفا في الظروف البيئية الحارة، وهو تماما ما ينطبق على بعض اللاعبين المحترفين في أوروبا، والذين يدعمون منتخباتهم في كأس أمم إفريقيا الجارية حاليا.وتنصح الدراسة المُدربين والقائمين على الفرق الرياضية بأن يتم إعداد معسكرات تدريب في ظروف مماثلة للبلد المستضيف للحدث الرياضي الذي سيُقام في ظروف مناخية استثنائية، مع ضرورة رصد واختبار دوري للتحقق من استجابة اللاعبين من عدمه، ومدى تكيفهم مع الأجواء الحارة.إرشادات للقائمين على كرة القدميقدم الاتحاد الدولي للاعبين المحترفين "فيفبرو" مجموعة من النصائح والإرشادات المُعتمدة والرئيسية، والتي يتم توثيقها والتعريف بها قبل البطولات الكبرى في الظروف المماثلة، وذلك لتجنب إجهاد اللاعبين في المباريات التي تُقام في ظل حرارة مرتفعة أو رطوبة عالية.إرشادات الحرارةيجب اعتماد واحترام إرشادات الحرارة من قبل الفاعلين في كرة القدم. يشمل ذلك الأندية والمنتخبات الوطنية في المباريات والتدريبات. معايير الإرشاداتيجب أن تكون هذه الإرشادات مدمجة ضمن اللوائح والاتفاقيات المختلفة، مثل قوانين اللعب واتفاقيات التفاوض الجماعي. قياس درجة الحرارةينصح باستخدام "درجات حرارة البصيلة الرطبة" كمعيار، خاصة في كرة القدم المحترفة. في حال عدم توفر جهاز القياس المطلوب، يجب أن ترتبط هذه الإرشادات بدرجات حرارة البيئة. فواصل التبريد خلال المبارياتيُستحسن تنظيم استراحات تبريد في حال تجاوز "درجة حرارة البصيلة الرطبة" حاجز 26 درجة مئوية، أو درجة حرارة البيئة 30 درجة مئوي، في حال غياب أداء القياس اللازمة. تأجيل المباريات في حالات الحرارة العاليةيجب تأجيل المباريات في حال تجاوز "درجة حرارة البصيلة الرطبة" حاجز 28 درجة مئوية، أو تجاوز درجة حرارة البيئة 36 درجة مئوية. قياس واستشارة مستمرةيتطلب الأمر قياس درجة حرارة البصيلة الرطبة، أو درجة حرارة البيئة المحيطة قبل كل مباراة وحصة تدريب، مع التشاور بين الفاعلين الرئيسيين حول المخاطر المحتملة. جدولة المباريات والتنبؤ بالحرارةيجب على التوقعات الجوية المحلية والوطنية متابعة الأحوال الجوية لجدولة المباريات بشكل مثلى، وتوفير بيئة آمنة للاعبين.(المشهد)