دخل منتخب الجزائر نهائيات كأس أمم إفريقيا 2023 بأحلام محو الخروج المخيب من مرحلة المجموعات في نسخة عام 2021 السابقة في الكاميرون، وكان أمل جمهوره هو العودة إلى الواجهة والمنافسة على تحقيق اللقب الثالث بعد لقبين في عامي 1990 و2019.كان بلماضي هو المسؤول الفني حين ارتقت الجزائر إلى منصة التتويج في نسخة مصر 2019، وكان كذلك هو المتواجد حين ودع "الخضر" من مرحلة المجموعات قبل عامين، ثم فقدوا فرصة التأهل إلى كأس العالم 2022 بسيناريو درامي أمام الكاميرون بعد عدة أشهر.هل كان التجديد قرارا صائبا؟رأي البعض أنها كانت من الممكن أن تكون نقطة مناسبة لرحيل جمال بلماضي عن منتخب الجزائر بعد هذا التراجع، مع التقدير لما حققه من إنجازات ومستويات مميزة، والاكتفاء برحلة تدوم منذ عام 2018.ولكن جاء قرار الاتحاد الجزائري لكرة القدم بالإبقاء على بلماضي في أكتوبر 2022، وبعقد يمتد حتى نهاية كأس العالم 2026 المقبلة في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.دماء جديدةحاول بلماضي، الذي لعب دوليا بألوان الجزائر بين أعوام 2000 و2004، أن يجدد من دماء فريقه، مع الإبقاء على بعض العناصر أصحاب الثقة والخبرة الطويلة.فأصبح يعتمد على حارس المرمى أنطوني ماندريا بدلا من رايس مبولحي، كما أضاف بعض اللاعبين الشبّان مثل رامز زروقي وفارس شعيبي ومحمد الأمين عمورة وريان آيت نوري.وفي الوقت ذاته، أبقى على بغداد بونجاح ورياض محرز وسفيان فيغولي ويوسف بلايلي، وهم العناصر الذين حملوا الكأس القارية في عام 2019.تحضيرات قوية وثقة مفقودةخلال الأشهر القليلة الماضية، خاض منتخب الجزائر مجموعة من المباريات الودية القوية استعدادا للحدث القاري المنتظر، الذي ظن الجزائريون أنه موعد عودة "محاربو الصحراء" إلى قمة القارة.في سبتمبر الماضي، فازت الجزائر على السنغال بطل إفريقيا الحالي في عقر داره، وديا بهدف نظيف.وفي أكتوبر الماضي، تعادلت الجزائر وديا مع مصر في مباراة ودية بالإمارات.كما خاض "الخضر" العديد من التحضيرات الودية المتدرجة، والتي حققوا الفوز في أغلبها ولم يتلقوا أي خسارة على أسوأ الظروف.مطلع يناير الجاري، جمع بلماضي لاعبي قائمته النهائية لأمم إفريقيا في معسكر بالعاصمة التوغولية لومي، من أجل الاستعداد للأجواء في كوت ديفوار، والاعتياد على الطقس كمحاكاة للتجربة التي سعى للوصول إلى أبعد نقطة فيها.لعبت الجزائر وديتين ضد توغو وبوروندي، وحققت الفوز خلالها، وهو ما أعطى مؤشرات قوية لجاهزية "الخضر" لاستعادة اللقب.هل حان وقت النهاية؟كل أحلام الجزائريين تلاشت مباراة بعد الأخرى خلال مبارياتهم بمدينة "بواكيه" الإيفوارية، التي استضافت مباريات المجموعة الرابعة في كأس أمم إفريقيا 2023.تعادلت الجزائر في المباراة الأولى مع أنغولا بهدف لكل فريق، ولم يتمكنوا من تحقيق الصحوة المناسبة أمام بوركينا فاسو، وكانوا أقرب من الخسارة ولكن اقتنصوا نقطة التعادل في اللحظات الأخيرة، في مباراة انتهت بنتيجة 2-2.وحين كان التعادل كافيا أمام موريتانيا للتأهل ضمن أفضل الثوالث على أسوأ الظروف، نجح "المرابطون" في تحقيق إنجاز تاريخي، واقتنصوا انتصارهم التاريخي الأول، على حساب الجزائر التي أهدرت العديد من الفرص ولم تكن حاسمة أمام المرمى، كما أن دفاعها كان قابلا لاستقبال الأهداف في أي لحظة.لا شك أن الجزائر تملك كتيبة مميزة من النجوم، وحسابيا فإنها كانت ضمن أقوى المرشحين للقب قبل بداية البطولة، ولكن الواقع الآن هو أن الجزائر تودع المنافسات القارية من مرحلة المجموعات للمرة الثانية على التوالي.فهل يضع جمال بلماضي نقطة النهاية بنفسه لهذه التجربة التي شهدت العديد من اللحظات السعيدة، رغم النهاية الحزينة التي تبدو الآن؟(المشهد)