لم يكن من السهل على أي فريق مواجهة ليفربول في الموسم الحالي، تحت قيادة المدرب الهولندي أرني سلوت، الذي أعاد صياغة هوية الفريق الأحمر ليصبح الفريق أشبه بـ"وحوش" في القوة البدنية. النتائج تتحدث عن نفسها، فليفربول بات أقرب من أي وقت مضى لحصد لقب الدوري الإنجليزي الممتاز للمرة الثانية في حقبة البريميرليغ، والعشرين في تاريخه. في أمسية الأحد الماضي، وبعد انتصار ثمين خارج الديار، أشارت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية إلى سقوط دومينيك سوبوسلاي منهكًا على أرض الملعب، جسده مغمور بالعرق، ووجهه ملتصق بالعشب، مشهد يذكّر بلحظات النهاية في سباق ماراثوني عندما يحلّ الإرهاق محل نشوة الإنجاز.أما زميله في خط الوسط، أليكسيس ماك أليستر، فقد بدت عليه آثار المعركة، بعينٍ متورمة ووجنات منتفخة، لكنه بدا غير مكترث وهو يحتسي مشروبه المعتاد، الـ"ماتيه"، بينما يحمل حقيبة مزينة بصورة تتويجه بكأس العالم 2022. منظومة متكاملة تقاتل حتى النهاية لم يكن ماك أليستر وسوبوسلاي الوحيدان اللذان أظهرا آثار الجهد المضني، فقد خرج عدد من لاعبي ليفربول بعلامات واضحة على التحدي الذي خاضوه. لكن بعض اللاعبين مثل فيرجيل فان دايك لم يُظهروا أي علامة على المعاناة، بل بدا القائد الهولندي وكأنه مستعد للمباراة التالية مباشرة، متحدثًا عن الاسترخاء في الساونا المنزلية التي تساعده في استشفاء عضلاته وتجديد طاقته. أما النجم المصري محمد صلاح، فقد كان حاضرًا في النفق المؤدي إلى غرف الملابس، يتبادل حديثًا وديًا مع بيب غوارديولا، فيما بدا وكأنه لم يخض 90 دقيقة شاقة.صلاح، الذي يعتبر المهاجم الأكثر إزعاجًا لغوارديولا في الدوري الإنجليزي، لم يكن مجرد هداف الفريق، بل كان عنصرًا أساسيًا في منظومة الضغط والعمل البدني، وهو ما يجعله ركيزة لا غنى عنها في فلسفة سلوت. على الجانب الآخر، لم يكن أداء مانشستر سيتي كارثيًا، لكنه ببساطة لم يكن على مستوى ليفربول. وفقًا لما نُشر على بودكاست "Let Me Talk City"، فإن جماهير السيتي اعتبرت أن هناك ما يقرب من 10 مباريات أخرى هذا الموسم قدم فيها الفريق أداءً أسوأ من هذه المواجهة. إحصائيات تؤكد التفوق البدني تفوق ليفربول لم يكن مجرد انطباع بصري، بل تؤكده الأرقام. وفقًا لبيانات منصة "أوبتا"، فإن لاعبي الفريق الأحمر قاموا بأكثر من 4224 انطلاقة سريعة هذا الموسم، وهو ثاني أعلى معدل في الدوري بعد توتنهام. كما يحتل الفريق المركز الرابع في عدد الركضات السريعة، وهي مفاجأة نظرًا لأن الفرق التي تهيمن على الاستحواذ عادة ما تركض أقل من تلك التي تلاحق الكرة.دومينيك سوبوسلاي كان أحد أبرز الجنود في هذه المعركة البدنية، حيث قطع مسافة 11.5 كيلومترًا في مواجهة مانشستر سيتي، وهو من أكثر لاعبي ليفربول تغطية للمسافات في المباريات الفردية هذا الموسم. زميله ماك أليستر أشاد به قائلاً: "'دوم' لاعب مهم جدًا لنا. يمكنكم رؤية قوته البدنية وقدرته على التسجيل والصناعة، إنه جزء أساسي من الفريق". "أنفيلد".. القلعة التي ستُحسم فيها البطولة مع تبقي 11 مباراة فقط على نهاية الموسم، سبعٌ منها ستقام على ملعب "أنفيلد"، يبدو أن جماهير ليفربول تستعد لاحتفالات طال انتظارها. في 2020، لم يتمكن المشجعون من حضور تتويج فريقهم بأول لقب دوري منذ 3 عقود بسبب جائحة كورونا، لكن هذا الموسم قد يشهد مشهدًا مختلفًا. فيرجيل فان دايك تعهد بجعل "أنفيلد" مكانًا "رهيبًا" لأي فريق يحاول انتزاع النقاط من هناك، قائلًا: "يجب أن نخلق أجواءً تجعل المنافسين يشعرون بالضغط".في حال سارت الأمور كما هو متوقع، قد نشهد لحظة تاريخية عندما يضطر أرسنال إلى تشكيل "ممر شرفي" لليفربول في ملعب "أنفيلد" يوم 10 مايو، وهو سيناريو ستحلم به جماهير "الريدز". مع استمرار الحديث عن فرص تعثر ليفربول، بات السؤال الوحيد ليس "هل سيفوزون بالدوري؟"، بل "متى سيتم تتويجهم؟". كل الطرق تؤدي إلى احتفالات تاريخية في الميرسيسايد.. ويبقى الانتظار فقط حتى يحين موعد التتويج رسميًا، ومعادلة رقم الغريم التقليدي مانشستر يونايتد في عدد مرات التتويج باللقب.(ترجمات)