في واحدة من أغرب العمليات الجراحية في مصر، نجح فريق طبي مصري في عودة الحياة إلى طفل يبلغ من العمر 15 عاماً، والذي كان يجد صعوبة بالغة في عملية بلع الطعام والشراب قبل أن يكتشف الأطباء الذين أصيبوا بالدهشة والاستغراب أن السبب في ذلك هو وجود عملات معدنية مستقرة داخل المريء يبلغ عددها 13 قطعة من فئة الجنيه المصري.الواقعة الغريبة جرت أحداثها داخل مدينة المنصورة، حيث استقبل مستشفى الأطفال الجامعي بالمدينة طفلاً يعاني آلامًا شديدةً أثناء البلع، فقرر الأطباء عمل فحوصات طبية سريعة على الطفل من خلال إجراء أشعة على الصدر، والتي أوضحت وجود عملة معدنية في المريء، ما شكل خطورة كبيرة على حالة الطفل الصحية.ضجت مواقع التواصل الاجتماعي في مصر بالحديث عن القصة التي شغلت رواد هذه المواقع الذين انقسموا إلى فريقين، الأول يتساءل عن كيفية دخول كل هذه القطع المعدنية إلى مريء الطفل، والفريق الثاني أصابه الاستغراب من نجاح التدخل الطبي في استخراج تلك القطع دون وقوع خطورة على الطفل.صعوبة الحالةالتقت منصة "المشهد" قائد الفريق الطبي الذي أشرف على حالة الطفل، والذي يشغل منصب رئيس وحدة الجهاز الهضمي بمستشفى الأطفال الجامعي بمدينة المنصورة الدكتور محمد عز، والذي أوضح أن الطفل حضر إلى المستشفى بحالة صحية صعبة، وكان يعاني آلامًا شديدة في عملية البلع وعلى الفور تم إجراء الفحوصات الطبية اللازمة من أجل التعرف على أسباب ما يعاني منه الطفل، وخلال إجراء أشعة على منطقة الصدر تبين وجود عملة معدنية مستقرة في منطقة المريء.ولم يستطع عز إخفاء دهشته مما وجده، موضحاً أن حدوث مثل هذه الأشياء تقع لدى الأطفال الصغار في السن فقط، الذين لا يتمتعون بالاستيعاب أو الوعي، لكن الطفل الذي حضر إلى المستشفى كان يبلغ من العمر 15 عاماً وهذا أمر عجيب ومحير للغاية.وأضاف عز أنه بمجرد الانتهاء من عمل جميع الفحوصات الطبية لحالة الطفل، قمت بالإطلاع على نتائج هذه الفحوصات وعلى الفور اتخذت قراراً بالتدخل الطبي العاجل والسريع لإنقاذ حياة الطفل التي كانت في وضعية صعبة، وكان قراري هو توجيه الأطباء بعمل منظار لاستخراج العملة المعدنية من داخل المريء، لأن التدخل الجراحي في هذه الحالة كان سيزيد الأمور تعقيداً.وأشار إلى أن عملية استخراج القطع المعدنية بالمنظار خضعت لتدقيق شديد وتمت على مراحل، لأن المنظار لا يستطيع استخراج كل القطع مرة واحدة.ووفقاً لعز فإن نتيجة الأشعة التي تم إجراؤها على صدر الطفل أوضحت وجود عملة معدنية مستقرة داخل المريء، لكنها لم توضح عدد هذه العملة، مضيفاً أن الفريق الطبي المعالج لحالة الطفل تفاجأ أثناء عمل المنظار بهذا الكم الكبير من قطع النقود المعدنية والتي وصلت إلى 13 قطعة من فئة الجنيه، وهو الأمر الذي أصاب أعضاء الفريق الطبي بالصدمة.نجاح مميزوكشف رئيس وحدة الجهاز الهضمي بمستشفى الأطفال الجامعي بالمنصورة، أن الفريق الطبي المعالج نجح في استخراج جميع الجنيهات عن طريق المنظار بسلام دون حدوث أي مضاعفات لحالة الطفل، مما ساعد في استعادته قدرة الطفل على البلع بشكل طبيعي، موضحاً أن حالته الصحية أصبحت مستقرة بعد خروج تلك الجنيهات، لافتاً في الوقت نفسه إلى أن مصر لديها كوادر طبية تمتلك كفاءات عالية ومهارات طبية تميزهم عن غيرهم من أطباء العالم.وفي خضم هذا النجاح الطبي الكبير الذي بات على ألسنة الجميع في مصر، أكد الدكتور محمد عز أن وحدة الجهاز الهضمي بمستشفيي الأطفال الجامعي بالمنصورة، تعد من أفضل الوحدات المتميزة على مستوى الدولة، نظراً لأنها تقدم الكثير من الخدمات الطبية النوعية المتخصصة في مجال تشخيص وعلاجات أمراض الجهاز الهضمي والكبد للأطفال على مستوى الجمهورية.ومن جهتها سارعت نقابة الأطباء في مصر إلى مباركة هذه العملية الدقيقة عبر بيان رسمي صادر عنها، وأكدت النقابة أن هذا الأمر يعكس مدى تفاني أطباء مصر في تقديم أفضل رعاية صحية للمواطنين. وأشار البيان إلى أنه تم إجراء المنظار تحت إشراف نخبة من الأطباء المتميزين، الذين أثبتوا أنهم على درجة عالية من المسؤولية، ووجهت النقابة التحية والاحترام للفريق الطبي متمنيةً لهم مزيدًا من التوفيق في خدمة المرضى ورعاية الأطفال بأفضل مستوى طبي ممكن، كما وجهت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في مصر، الشكر للفريق الطبي المعالج لحالة الطفل، وثمنت هذا الإنجاز الطبي الكبير الذي استطاع الحفاظ على حياة الطفل.وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي أثناء تناولهم للقصة، أنباء تفيد بأن الطفل المريض ينتمي إلى ذوي الاحتياجات الخاصة، وأن الذي دفعه إلى القيام بوضع كل قطع النقود هذه في فمه ومن ثم إلى معدته هو عدم اتزان عقله، لكن قائد الفريق الطبي المعالج للحالة الدكتور محمد عز أكد لـ"المشهد" أن الطفل طبيعي كغيره من الأطفال العاديين، نافياً بشكل قاطع أن يكون الطفل من ذوي الإعاقة الذهنية أو الاحتياجات الخاصة.أبرز أسباب إقدام الأطفال على بلع القطع المعدنيةوفيما يتعلق بالأسباب التي تدفع الأطفال إلى تناول القطع المعدنية داخل الجسم عبر الفم، أوضح عز أن أبرز هذه الأسباب يتمثل في الآتي:إضراب السلوك الغذائي عند الأطفال نتيجة نقص عنصري الحديد والزنك، وهو ما يدفع الطفل إلى تناول أشياء غير طبيعية أشهرها (الطين، الطوب، الصلصال، المعدن).تعرض الأطفال إلى ضغوط نفسية خصوصا في الفترات العمرية المتقدمة، ومن ثم يكون عرضة للقيام بسلوكيات غير طبيعية.ومن جهته حذر طبيب الجهاز الهضمي عصام السيد، أن ابتلاع الأطفال أو حتى الكبار لأي أجسام غريبة يشكل تأثيراً كبيراً على صحتهم، وقدم بعض الخطوات الهامة والتي يجب اتباعها على الفور عند ابتلاع أي أجسام غريبة وكان من بينها الآتي:انحناء الجسم والرأس إلى الأسفل.الطرق أعلى الظهر.الضغط بالذراعين على منطقة البطن.التوجه مباشرة إلى أقرب مستشفى لكي يتم التعامل السريع مع الحالة حتى لا تحدث مضاعفات خطيرة.(المشهد)