يثير مشروع قانون ينظم إنشاء الجمعيات وتمويلها مخاوف كبيرة في تونس المتعثرة اقتصاديا حيث يدعم الكثير من هذه المنظمات أنشطة مهمة على غرار الصناعات التقليدية والتدريب المهني ومساعدة النساء المعنفات.ويُفترض أن يحل المقترح الجديد مكان قانون 88 الذي أقر في سبتمبر 2011 وسمح بإنشاء حوالي 25 ألف منظمة وجمعية شكلت حلقة مهمة في مسار الانتقال الديمقراطي في البلاد إثر سقوط نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي.وينص مشروع القانون الذي يناقشه البرلمان على أن تمنح وزارة الشؤون الخارجية التراخيص للمنظمات الأجنبية وتراقب تمويلاتها.وتقدم بمشروع القانون 10 نواب للرئيس قيس سعيّد الذي هاجم في مناسبات عدة نشاط بعض الجمعيات "المشبوه" واعتبرها امتداد "لأطراف خارجية" في تونس خصوصا في ما يتعلق بالتمويل.وأثار النص حفيظة منظمات حقوقية تونسية ودولية على حد سواء.وتشكل جمعية "شانتي" التي تنشط في مجال الحرف والصناعات التقليدية، واحدة من المنظمات التي تعبر عن مخاوف من بعض فصول مشروع القانون الجديد.تراخيص مسبقةيقول مهدي البكوش مدير "شانتي" التي تعتمد غالبية موازنتها على تمويلات خارجية: "نحن حذرون بشأن ما سيحدث"، خصوصا مع إدراج القانون الجديد لمسألة التراخيص المسبقة التي يجب طلبها من السلطات للحصول على أموال من الخارج.وبالإضافة إلى متجر الصناعات التقليدية حيث تباع منتجات 60 حرفيًا من السجاد والفخار والأثاث، توظف جمعية "شانتي" حوالي "22 عاملا بدوام كامل" و"ندعم حوالي 100 مشروع" في جميع أنحاء البلاد وفي قطاعات مختلفة منها السياحة والزراعة.ويوضح البكوش: "من المهم الحفاظ على مكسب الحريات التي حققتها الجمعيات ومواصلة التطوير للحصول على التمويل الوطني أو الدولي"، مؤكدا أنه منفتح على تنظيم القطاع ولكن في إطار "حوار متواصل" مع السلطات.ويرى أن تطوير قطاع الجمعيات "يوفر آلاف فرص العمل، ويؤثر أكثر من ذلك في آلاف الأشخاص بشكل مباشر" في حياتهم اليومية.وتعمل زهرة الزيمومي البالغة 38 عاما وأمّ لطفلتين، في نسج السجاد بمنطقة نفطة (جنوب) وتبيعها في تونس العاصمة، ما يتيح لها "الحصول على راتب شهري منتظم" تستخدمه "لدفع إيجار منزلها وضمان حياة كريمة".ويعتبر رئيس "الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان" باسم الطريفي أن "تونس قد تفقد مجتمعها المدني وكل العمل الذي قامت به" إذا تم تعديل قانون 88 بشكل جذري.ويؤكد: "بحسب دراسة قمنا بها، فإننا من خلال الحد من الموارد المالية للمجتمع المدني، قد نخسر حوالي 30 ألف فرصة عمل بشكل مباشر" و100 ألف فرصة عمل غير مباشرة.لكن تونس دخلت في ركود اقتصادي نهاية 2023 ونسبة البطالة تتجاوز 16% وحتى 40% بين الشباب.(أ ف ب)