قُدّر لهم الاحتفال به بعيداً… رائحة بلادهم تُناديهم كلّما حلّ ضيفاً كريماً، يحاولون بشتّى الطّرق حمل عاداتهم وتقاليدهم في قلوبهم وخلق الظروف المُطابقة أو المُشابهة لما كانوا يعيشونه في وطنهم الأمّ… هو شهر رمضان المبارك، شهر الصّلاة والصّيام، شهر الغفران والإحسان، الذي ينتظره مئات ملايين المسلمين المؤمنين حول العالم مع كلّ ما يحمله من قِيَم ونِعم وعادات وتقاليد... فهل طعم العيد مختلف لدى الجالية العربية في بلاد الغربة مهما حاول أبناؤها التأقلم في بلدهم الثاني؟أجواء ممتازة الدّكتور خالد العربي، إمام خطيب وأستاذ مدرّس في مسجد باريس ومعهد تكوين الأئمّة تحدث لمنصّة "المشهد" عن روحانيات شهر رمضان، موضحاً أنه "خلال الفترة المباركة، تمتلئ المساجد والناس يقبلون على الله عز وجل بإقبال لا نظير له. هذا من رحمة الله تبارك وتعالى، تطمئن القلوب وترتاح، هناك من يقرأ القرآن، من يصلي الرواتب، من ينفق في سبيل الله، ومن يفطر الصائم". وأشار العربي إلى أنّ "هناك سيّدة في فرنسا، تقدّم الفطور مجاناً لأكثر من 700 صائم، وغيرها كثيرون لا يريدون لجزائهم شكورًا". وأَضاف "في هذا الشهر يتقرر في الجالية المسلمة هنا في فرنسا كما في أي بلد من بلدان العالم القيام بالصلوات والذكر والروحانيات، لأنهم يعتقدون بيقين أن هذا الشهر فيه العتق من النار". "نفتقد سماع الأذان ولمّة العائلة"في جولة لمنصّة "المشهد" على المسلمين بعد تأديتهم الصّلاة عند خروجهم من مسجد باريس، عبّروا عن شعورهم بأجواء رمضان بعيداً عن بلدهم الأمّ:الحجّة فتيحة بنهازيل، جزائريّة، تتحدّث عن الأجواء الإيجابيّة التي ترافق هذا الشهر المبارك، لافتة إلى أن هناك تحسّناً ملحوظاً مقارنة بالسنوات الماضية، حين وصلت إلى فرنسا شابة، ولم يكن باستطاعتها إيجاد المأكولات واللّحوم الشرقيّة والحلال، إلّا أنها تمنّت لو تستطيع سماع الأذان كما في بلادها للشعور بالعيد وبأجواء الصلاة أكثر، لافتة إلى أن العيد في البلاد له طعم مختلف.محمد المعلوم مغربيّ الأصل، قال إنه وصل إلى فرنسا في نوفمبر 2010، "شهر رمضان المبارك لا يكتمل إلّا بلمّة العائلة والأحباب، وهذا ما أفتقده هذه السّنة في بلدي الثاني فرنسا. كنت في السنوات الماضية أشارك في إفطار جماعي، لتعويض النقص والبعد عن العائلة، لكن هذه السّنة لم يُنظّم مثل هذه الإفطارات، لكن ما هو إيجابيّ للغاية هنا هو أن كلّ المرافق العامة والجوامع تبقى مفتوحة في رمضان من الساعة الثانية لغاية الساعة العاشرة مساءً. وهذا يسمح لنا بالشعور بالأجواء المشابهة للمغرب".الحجّة رابعة من أصول جزائريّة تتمتّع بأجواء رمضان مع عائلتها الصّغيرة هنا، هي التي وصلت إلى فرنسا شابة، وتعتبر أنّ كلّ شيء مؤمّن، "إلّا أننا نفتقد سماع الأذان، يضاف إلى ذلك أن دوام العمل ليس مرناً في ما يخصّ الإفطار".فؤاد عبدالكريم، جزائري، يصف أجواء رمضان بالصّعبة جدّاً بعيداً عن بلده الأم الجزائر، وبعيداً عن عائلته، لكنّه يحاول قدر المستطاع تعويض النقص بالصّلاة.نقل العاداتمن جهة أخرى، منصّة "المشهد" فطرت مع عائلتين من أصول عربيّة تعيشان في باريس منذ سنوات وقد لمسنا الأجواء الجميلة والبسيطة التي تخلقها تلك العائلة لتعيش فترة رمضان ومحاولة نقل عاداتهم وتقاليدهم لأولادهم الصّغار وخلق الظروف المُطابقة أو المُشابهة لما كانوا يعيشونه في وطنهم الأمّ…حليمة أمّ لصبيّ عمره 3 سنوات، متأهّلة من فرنسي من أصول جزائرية، تحضّر برفقة صديقتها أمينة، الأطباق التقليديّة الجزائرية، وترى أنّ شهر رمضان بعيداً عن الأحباب والأقارب والأصحاب والعائلة الكبيرة صعب، لأن "اللّمة" في البلد "لها نكهة خاصّة، لا يمكننا مهما حاولنا أن نحققها هنا". (المشهد باريس)