حالة من الحزن الشديد خيمت على عموم المصريين ولا سيما العاملين في الوسط الفني عقب التهام النيران باستوديو الأهرام الشهير وتدمير أجزاء منه بشكل نهائي، إثر حريق هائل نشب في محيط الاستوديو الواقع بشارع خاتم المرسلين بمحافظة الجيزة في الساعات الأولى من صباح اليوم السبت.وأكلت النيران محتويات بالكامل من الاستوديو الأشهر داخل مصر من ديكورات وأخشاب وأماكن مخصصة للتصوير وممرات، وساهمت مواد سريعة الاشتعال في نشوب الحريق بشكل سريع في كافة أرجاء المكان.وأكد رئيس الحكومة المصرية الدكتور مصطفى مدبولي، خلال تفقده لموقع الحريق أن الحكومة ستتحمل تكلفة إعادة الوضع كما كان قبل الحريق وأن الأهالي لا ذنب لهم في الأضرار التي لحقت بهم. ووجه بمنح مبلغ 15 ألف جنيه كدفعة للأهالي المتضررة منازلهم كقيمة إيجارية لعدة شهور مقبلة، بما يعادل القيمة الإيجارية في المنطقة التي يعيشون فيها، وذلك لحين تأهيل المباني وإعادتها لوضعها الأصلي. كما طالب مدبولي بتشكيل لجنة عاجلة فورية مكونة من شركات المقاولات وذلك للوقوف على حجم الضرر، وإعداد مقاسات هندسية تضمن الوقت اللازم وتكلفة إعادة المباني لأصلها قبل الحريق.أعرق الاستوديوهاتومن جهتها أوضحت وزيرة الثقافة في مصر الدكتورة نيفين الكيلاني، أن الحريق اندلع في ديكور "الحارة الشعبية" الذي يتم تصوير أحد الأعمال الرمضانية به حاليًا، ونجحت جهود رجال الحماية المدنية في السيطرة علي. وأضافت الكيلاني أن ديكورات "الحارة" التي شبت بها النيران، كانت منشأة في أرض تبعد عن البلاتوهات والاستوديوهات والمباني الرئيسية والتاريخية لاستوديو الأهرام والذي لم يصبه الأذى.ويعود تاريخ إنشاء استوديو الأهرام إلى عام 1944، وتم بناؤه على مساحة 27 ألف متر مربع وتأسس على يد اليونانيين "أفابخلوس أفراموسيس"، و"باريس بيلفيس". كما يضم 3 بلاتوهات وصالة عرض وأخرى للدوبلاج ومعملاً للتحميض والطبع.ويقول نقيب المهن التمثيلية في مصر الفنان أشرف زكي، خلال تصريحات خاصة لمنصة "المشهد" أن استوديو الأهرام يعد شاهدا على العصر الذهبي للسينما المصرية لعقود، وأحد أعرق استوديوهات التصوير السينمائي ليس فقط في مصر وإنما في العالم العربي.وذكر زكي أن الاستوديو شهد تصوير المئات من الأعمال الدرامية والسينمائية والتي من أهمها في السنوات الأخيرة مسلسلات ( الملك فاروق ، حضرة المتهم أبي، بابا المجال، الجماعة 2) بالإضافة إلى أن الاستوديو لعب دورا رائدا في إثراء الحركة السينمائية المصرية على مدار التاريخ.وحول ملابسات الحريق، أكد نقيب المهن التمثيلية عدم معرفته بأي شيء تتعلق بالأسباب التي أدت إلى اندلاع النيران في موقع التصوير، موضحاً أن المعلومات التي تتوافر لديها الآن تتعلق فقط بطاقم عمل مسلسل "المعلم" الذي كان يتم تصوير مشاهده قبل وقوع الكارثة بدقائق، كاشفاً عن عدم حدوث أية إصابات في صفوف فريق العمل وأن الجميع بخير بسبب مغادرتهم لمكان الحريق قبل حدوثه.هل سيؤثر الحريق على أعمال الموسم الرمضاني؟وقبل اندلاع الحريق داخل أروقة الاستوديو بساعات قليلة كان يتم تصوير مشاهد لمسلسل "المعلم" للنجم المصري مصطفى شعبان الذي يذاع حالياً على شاشات التلفاز ضمن الموسم الرمضاني الحالي. وأنقذت العناية الإلهية طاقم عمل المسلسل الذي غادر المكان قبل 10 دقائق فقط من نشوب الحريق، الأمر الذي أثار العديد من التساؤلات حول مصير العاملين من استكمال تصوير مشاهد مسلسل "المعلم" في رمضان، وحول عما إذا كانت هناك مسلسلات أخرى كان يتم تصويرها داخل استوديو الأهرام معرضة أيضاً إلى نفس المصير المقلق.وبحسب نقيب المهن التمثيلية، فإن الحريق تسبب في إتلاف جميع الديكورات الموجودة في لوكيشن تصوير مسلسل " المعلم " بشكل كامل ونافياً وجود أية تفاصيل عن مصير استكمال تصوير المشاهد المتبقية من المسلسل حتى الانتهاء بشكل مبدأي من هذا الحادث، مضيفاً عدم تأثر أي فريق عمل آخر بالحريق، وأن الذي تأثر في هذا الحريق هو مسلسل "المعلم" فقط.وتسبب الحريق في إصابة 14 شخصاً بينهم 3 من أفراد الشرطة. وعلى الرغم من أن المعاينة الأولية للحريق الذي استمر لأكثر من 6 ساعات متواصلة تشير إلى أنه ناتج عن ماس كهربائي إلا أن التحقيقات لا تزال جارية للوقوف على الأسباب النهائية وراء هذا الحريق الذي تسبب بحسب تقديرات مبدئية في وقوع خسائر قرابة 10 ملايين جنيه.كما التهمت النيران بمحتويات 42 شقة في 7 عقارات مجاورة للاستوديو، فيما شكلت محافظة الجيزة لجنة هندسية لحصر الخسائر الناجمة عن هذا الحريق والعقارات المجاورة له بعد امتداد النيران إليها.إهمال جسيم ومن جهته يقول الناقد الفني أحمد سعد، لمنصة "المشهد" إنه عندما تم إنشاء استوديو الأهرام كان في منطقة غير مكتظة بالسكان لكن مع مرور الزمن باتت تلك المنطقة مزدحمة بشكل كبير، وانتشرت الأبنية السكنية حولها وبالتالي كان يجب أن يكون هناك احتياطات أمنية وغيرها تحسباً لوقوع أي مشكلة تؤدي إلى حدوث كارثة كالتي حدثت اليوم ولا بد من وجود رقابة لضبط تلك السلبيات.ووفقاً لسعد، فإن أماكن تصوير الأعمال الدرامية والسينمائية معرضة للحرائق في أي وقت لأن الاستوديوهات تحتوي على معدات خشبية ومعدات وأجهزة جميعها قابلة للاحتراق والاشتعال، ومن ثم طالب المسؤولين بضرورة وجود استعداد كامل وجيد لمواجهة أية مشكلات قد تحدث، ذاكرا أنه لا بد من محاسبة كل من لديه يد في الحريق.(المشهد)