شارع الحبيب بورقيبة أو " l’avenue " كما تعوّد التونسيون أن يسموه، هو أشهر شوارع تونس وأجملها التي لا يمكن لزائر البلد أن لا يمر به. يقع الشارع في قلب العاصمة تونس أو ربما هو تحول إلى قلبها لعدة أسباب فهو شارعها الأقدم والأكبر والأشهر الذي كان شاهدا على أبرز أحداثها التاريخية. يعود تاريخ الشارع إلى أكثر من 100 عام، وقد كان شاهدا على كل الفترات التاريخية التي مر بها البلد بداية من فترة الاستعمار الفرنسي.عن هذا الشارع تتفرع شوارع كثيرة يحمل بعضها أسماء أوروبية وبعضها الآخر أسماء أعلام ومشاهير، ومنه تتغذى مطاعمها وباراتها الفخمة والشعبية. على جانبي هذا الشارع تنتشر مطاعم الوجبات السريعة والمقاهي التي تفتح أبوابها لاستقبال الزبائن من السياح والتونسيين، وهناك يحلو الجلوس والاستمتاع بمراقبة مشهد المارة يجوبون المكان. يشبه الشارع في الكثير من تفاصيله شوارع باريس ليس فقط لانتشار عدد كبير من المقاهي والمطاعم على رصيفيه الواسعين والممتدين على طوله بل أيضا لمبانيه ذات الطراز الفرنسي. ينقسم الشارع إلى 3 شوارع، اثنان منهما خصصا للسيارات، أما في وسطهما ولا تطؤه إلا أقدام المارة فقد تزيّن بالأشجار الباسقة التي منحت المكان اخضرارا يريح النفوس ويشرحها واتخذتها العصافير مسكنا لها. ابن خلدون جار الكاتدرائية في هذا الشارع يقف تمثال العلامة أب علم الاجتماع عبد الرحمان ابن خلدون متأبطا "مقدمته" الشهيرة، وعلى يمينه تتربع كاتدرائية القديس فانسون دي بول، الكنيسة الأكبر في تونس بنقوشها وطرازها المعماري الجميل الشاخص ببنيته المتينة بطول 75 مترا وعرض 32 مترا، أما على يساره فتقع سفارة فرنسا بسورها العالي وبابها الضخم، تحيط بها أسلاك حديدية تحجب الرؤية عما بداخلها.المسرح البلديقد يكون من غير المقبول أن تتردّد على شارع الحبيب بورقيبة من دون أن يستوقفك ذلك المبنى الشامخ المزخرف ذي الهندسة المعماريّة الفريدة الذي يتوسّط قلب الشارع، ومن دون أن تجلس على مدارجه أو ربّما تلتقط صورة للذكرى. يسحرك المبنى الذي يفوح منه عبق التاريخ بهندسته الفريدة التي هي عبارة عن لوحة فنيّة بديعة تجمع بين الفخامة والفرادة وواجهته التي تزيّنها الأشكال الهندسيّة المختلفة والزخارف.تمّ افتتاح المسرح البلدي في 1902، وأطلق عليه حينها اسم "كازينو تونس البلدي" أو "علبة الحلوى لابونبونيار"، ومن خلال هذا المسرح تعرّف التونسيون على أعمدة الفنّ المصري، كسلامة حجازي ويوسف وهبي وجورج أبيض وزكي طليمات.وعلى هذا المسرح أيضا، وقف كبار الفنّ والأدب العربي كالموسيقار فريد الأطرش مصحوبا بنجمة الرقص الشرقي سامية جمال ونزار قباني ومحمود درويش. وشهد المسرح أيضا، وفاة الفنّان التونسي علي الرياحي الملقّب بـ"شحرور الخضراء" أثناء حفل موسيقي سنة 1970 على إثر نوبة قلبيّة. تمثال الزعيم وعلى بعد أمتار من البناية الرمادية لوزارة الداخلية التونسية، ومن الساعة الشهيرة باسم "المنقالة" ونافورتها الكبيرة، يقف تمثال الحبيب بورقيبة الذي أعطى اسمه للمكان، أوّل رئيس لتونس ممتطيا حصانه الذي عاد على صهوته من فرنسا سنة 1955 مظفّرا، بعد مفاوضات شاقّة مهّدت لاستقلال تونس، موجها نظره إلى محلات بيع الورود للعشاق التي تزين القسم الأخير من أشهر شوارع تونس بألوانها الجميلة وروائحها الذكية. (المشهد - تونس)